فاتن الحاج
تعيد الجامعة الأميركية، آواخر أيلول الجاري، العمل ببرنامج الدكتوراه. ويطال البرنامج التاريخ العربي والشرق أوسطي، واللغة العربية وآدابها، والبيولوجيا، والهندسة المدنية والكهربائية والميكانيكية والبيئية والكمبيوتر، والموارد المائية

يبيّن تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 بعنوان «نحو مجتمع المعرفة» ركوداً في نشاط البحث العلمي، فيما يواجه ترويج نتائج البحث عقبات أساسية بسبب ضعف الروابط بين مؤسسات البحث من جهة وقطاعات المجتمع الإنتاجية من جهة ثانية، إضافة إلى قصور في ممارسة بعض النشاطات الابتكارية. ويظهر التقرير أنّ الجزء الأكبر من الإنجازات البحثية التي تتم في مؤسسات البحث العربية غير مكتمل من حيث الوصول إلى حيز الاستثمار. وكان التقرير قد حاول وضع رؤية استراتيجية لإقامة مجتمع المعرفة في البلدان العربية، ترتكز على حريات الرأي والتعبير والتنظيم، ونشر التعليم وتطويره وبناء قدرات البحث العلمي، والتحول نحو نمط إنتاج المعرفة وتأسيس نموذج معرفي عربي.
وقد قاد هذا الواقع الجامعة الأميركية في بيروت إلى إعادة العمل ببرنامج الدكتوراه الأكاديمية، ابتداءً من هذا الخريف، بعد توقف دام عقدين وذلك بغية تحفيز البحث العلمي في العالم العربي، وتحقيق طموحات الجامعة لتكون محركاً فاعلاً في المنطقة.
ويرى وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الدكتور بيتر هيث، في هذا الإطار، «أنّ حاجة العالم العربي للتنمية ماسّة، والبحث العلمي هو أحد السبل، مشيراً إلى أنّ برنامج الدكتوراه يرتكز على أبحاث تتناول موضوعات حيوية للمنطقة ستزيد من مخزون معلوماتها». ويعزو هيث أسباب توقف العمل بالدكتوراه في منتصف الثمانينيات إلى الحرب التي تسببت بهجرة الأساتذة والخوف على المستوى الأكاديمي في الدراسات العليا والبحث العلمي، في ظل عدم الاستقرار في البلد وغياب المناخ الملائم لإجراء الأبحاث.
وبعد عودة السلام والأمن إلى لبنان، بدأت الجامعة في عام 1998 بإعادة تقويم لبرامجها انتهت بنيلها الاعتماد من لجنة الولايات الوسطى للتعليم العالي في الولايات المتحدة في عام 2004. وهنا يقول هيث: «باشرنا منذ 5 سنوات الإعداد لإعادة إطلاق الدكتوراه، فوقفنا على حاجات الأقسام الأكاديمية، ومدى استعدادها لتطبيق البرنامج، بعدما استقدمنا أساتذة جدداً يتمتعون بالكفاءة التعليمية». في موازاة ذلك، أطلقت الجامعة خطة في عام 2002 تدوم خمس سنوات لجمع 140 مليون دولار، بهدف دعم دور الجامعة في الشرق الأوسط لكونها مؤسسة تربوية تلتزم الامتياز بحثاً وتعليماً. كذلك ستعمل الجامعة عبر المخطط الرئيسي للحرم الجامعي على تجديد منشآتها وبناء منشآت جديدة لدعم مهمتها الأكاديمية في العقود المقبلة. وقد دشّنت الجامعة مبنى «سي سي سي» للأبحاث العلمية الذي يضم أحدث المختبرات والتجهيزات. وتنوي الجامعة بناء مجمّع هندسي ضخم سيحمل اسم ايراني – أوكسي وسيستقبل الطلاب ابتداءً من عام 2009. كذلك ستبني معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية. ويشير هيث إلى أنّ الجامعة ترصد بين 3 و5 ملايين دولار سنوياً للمختبرات، ومليوناً ونصف المليون لتجهيز المكتبة بالمراجع الإلكترونية الضرورية.
وقد اختارت الجامعة 18 طالباً لمتابعة الفصل الأول من برنامج الدكتوراه الأكاديمية، من أصل خمسين طالباً تقدموا بطلبات للانتساب إلى البرنامج. ويشرح هيث أنّ سبب الإقبال الخجول على البرنامج يعود إلى التأخير في الإعلان عنه، لكنّ الجامعة ستبدأ هذا الخريف حملة إعلامية تسويقية لاستقطاب طلاب من المنطقة، وتنتظر ازدياد العدد تدريجياً، وإن كانت لا تطمح إلى أن يتجاوز 120 طالباً بعد 5 سنوات. ويلفت هيث إلى أنّ الطلاب المقبولين خضعوا لمقابلة وجاهية حيث تمت مناقشتهم في رسالة الماجستير التي نالوها من جامعات عدة وليس بالضرورة من الجامعة الأميركية. كذلك أُخذت في الحسبان علاماتهم وتوصيات أساتذتهم، وهم سيخضعون لتقويم فصلي. لكنّ هيث يوضح أنّ الماجستير ليست شرطاً أساسياً للانتساب إلى البرنامج في المراحل اللاحقة، بحيث يستطيع الطلاب المجازون أن يتقدموا إليه، وإن كان البرنامج قد يستغرق منهم وقتاً إضافياً.
ويمكّن البرنامج الطلاب من أن ينالوا منحة دراسية ومساعدة معيشية شهرية تراوح بين 800 و900 دولار أميركي. وهو لن يدعم الأبحاث في الجامعة فحسب، بل سيخلق بيئة إبداعية وبحثية علمية، سيفيد منها كل طلاب الجامعة من خلال تفاعلهم مع مرشحي الدكتوراه الشباب. ويتوقع هيث أن تلتحق العلوم الطبية الأساسية خلال الخمس سنوات المقبلة بالبرنامج الذي حاز موافقة وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان ومكتب التعليم العالي في دائرة التربية في ولاية نيويورك.
وعن التعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية، يقول هيث: «إنّ ثلث المنح التي يقدمها المجلس تذهب إلى الباحثين في الجامعة الأميركية».
أما الطلاب فبدوا متحمّسين للانخراط في البرنامج الذي يوفّر لهم البقاء في لبنان على حد تعبير رائدة بسمة التي تتابع الدكتوراه في علوم الحياة بعد نيلها الماجستير من LAU ـ جبيل. وتأمل رائدة أن يلبّي البرنامج طموحها في مجال إجراء الأبحاث، وأن يعمل على زيادة أعداد المنتسبين إليه، لأنّ هناك الكثيرين ممن يستحقون الفرصة.
محمد الحسيني هو أيضاً سيخوض غمار الأبحاث بعدما تمرّس في هذا المجال خلال عمله باحثاً مساعداً. محمد الذي أنجز الإجازة والماجستير في الهندسة الكهربائية في AUB، يلفت إلى أنّ الجامعة تفتح للمرة الأولى في تاريخها الدكتوراه في اختصاص الهندسة، منذ 1961.
وتبدي لما إدلبي التي درست الإجازة في اللغة العربية في جامعة بيروت العربية، والماجستير في الجامعة اليسوعية ارتياحها للمواصفات المشجعة في البرنامج، بحيث تساعد المقررات (courses) المعتمدة على اختيار موضوع الأطروحة. كذلك يسمح نظام الأرصدة (credits) بتقسيم الوقت بين الدراسة والعمل. يذكر أنّ ادلبي تدرّس في الانترناشيونال كولدج (IC)، وتستعد للتفرغ للبرنامج في وقت لاحق.




إصدار

أصدرت مجلة «ماينغايت» (Main Gate) الفصلية التي تنشرها الجامعة الأميركية في بيروت عدداً خاصاً عن كلية الطب والمركز الطبي في الجامعة، وذلك بمناسبة العيد المئة والأربعين للكلية والعيد المئوي للمركز. وضمّ العدد مجموعة مقالات عن موضوعات طبية.