نيويورك ـ نزار عبود
الجيش اللبناني قدّم تضحية فادحة للانتصار على الإرهاب ومعركته قد لا تكون الأخيرة


قال قائد القوات الدولية المعززة في الجنوب كلوديو غراتسيانو، إن «نزع سلاح الميليشيات أو المقاومة لا يمكن أن يتم إلا ضمن تسوية سياسية». وأكد أن اليونيفيل قوية وتستطيع الدفاع عن نفسها «حتى لو حدثت تغييرات سياسية كبرى في لبنان»، وأنها ستواصل عملها في كل الظروف وهي «تتمتع بقوة كافية للتصدي لأي اعتداء عليها وحماية المدنيين».
غراتسيانو ردّ بذلك على سؤال لـ «الأخبار»، في مؤتمر صحافي عقده في مقر الأمم المتحدة في نيويورك مساء أول من أمس، بعد حضوره مؤتمراً ضم قادة قوات حفظ السلام الدوليين في العالم. واستشهد فيه بقول رئيس مجلس النواب نبيه بري «إن مهاجمة قوات اليونيفيل في الجنوب والجيش اللبناني في الشمال، هي استهداف للقوتين الوحيدتين اللتين تحفظان الاستقرار والنظام في لبنان».
وتطرق الى الوضع السياسي في لبنان، محذّرا من الفراغ الرئاسي «الذي لا يساعد جهود الاستقرار»، وإذ رأى أن قيام حكومتين يعقّد العملية السياسية «لأنه سيتعين على اليونيفيل التعاطي مع حكومتين، والأفضل أن تكون هناك حكومة واحدة قوية. لذا نأمل إيجاد حل سريع بما أنهم يعملون بجهد في هذا الاتجاه».
وحيّا انتصار الجيش في الشمال، معتبراً أنه «قدّم تضحية فادحة (...) لكن ما دامت هناك تنظيمات معارضة للسلام، فإنها لن تكون المعركة الأخيرة». كما أشاد بتكاتف اللبنانيين حول الجيش، ورأى أنه خطوة إيجابية.
ورغم إقراره بأن الهدف النهائي للقرار 1701 والقرارات السابقة هو «نزع سلاح المليشيات»، فإنه رفض استخدام القوة لتحقيق هذه الغاية، معتبراً أن «تسوية وضع أي ميليشيات أو منظمات مسلحة كبيرة أو مقاومة، لا تتم إلا في إطار التسويات السياسية بالحوار».
وأوضح أن مهمات «اليونيفيل» تندرج ضمن إطار الفصل السادس لميثاق الأمم المتحدة، وأن دور السلطات اللبنانية هو حفظ النظام والقانون في الجنوب وتطبيق بنود القرار 1701، مشيراً إلى أن الفصل السادس منح القوات الدولية صلاحيات اتخاذ إجراءات لحماية نفسها والمدنيين «وهذا يسمح لنا بالتحرك والرد حسب مقتضى الوضع في إطار حق الدفاع عن النفس بحيث لا نكون المبادرين إلى المواجهة، ونعمل على حماية المدنيين في حال نشوب نزاع».
وأشاد بـ«حدوث تقدم على الأرض»، حيث أكد أن المنطقة الواقعة جنوب الليطاني هادئة بفضل احترام الاتفاق. ووصف وجود الجيش اللبناني في الجنوب بأنه «أكبر إنجاز»، وأنه أدى إلى «وضع استراتيجي جديد لأول مرة منذ 30 عاماً». كما أكد أنه ليس هناك نقل مرئي للسلاح أو معلومات عن تسرب سلاح جديد إلى هذه المنطقة، لافتاً الى أنه لم يتم العثور على كميات كبيرة من السلاح في الآونة الأخيرة، وأن معظم الأسلحة التي يعثر عليها «قديمة، لكنها لا تزال صالحة للاستخدام»، ويتم تسليمها إلى الجيش اللبناني الذي يدمرها أو يحتفظ بها لحاجته.
وقال إن «مشكلة السلاح في لبنان لا تقتصر على الجنوب، بل إنها أكبر من ذلك بكثير في العديد من المناطق الأخرى من البلاد. وآخر ما تريده أي أطراف هو الظهور بمظهر الخارق لقرار مجلس الأمن 1701». وتحدث عن وجود «تنسيق طيب» في إطار اللجنة الثلاثية، الدولية ـــــ اللبنانية ـــــ الإسرائيلية، لتطبيق الـ1701. وقال: «إننا نتفادى وقوع أي خروق في الميدان ونسيّر مئة دورية يومياً. وبقي هناك عمل ينبغي تنفيذه مثل موضوع الغجر، والخروق الجوية الإسرائيلية». وذكر أن «اليونيفيل» ما زالت تبحث في الاجتماعات الثلاثية موضوع إعادة وضع علامات الخط الأزرق الممحوّة، مشيراً الى أن المباحثات حول موضوع إعادة أراضي الغجر إلى لبنان، متعثرة «بسبب ضعف الثقة المتبادل».
وإذ أكد أن الخروق الجوية الإسرائيلية تتم يومياً، أعلن عن إثارة هذا الوضع في اللجنة الثلاثية «لكن الإسرائيليين يصرون على استمرارها ما دام الجنديان المخطوفان لم يعودا. وهذا يمثّل خرقاً لسيادة لبنان. لكن يجب حل هذا الموضوع بطريقة سياسية. والحل لا يأتي بين ليلة وضحاها».
ونفى غراتسيانو التقارير التي تحدثت عن حماية حزب الله لدوريات القوة الإسبانية وعن علاقة ضابط إسباني بعناصر من الحزب، جازماً بعدم وجود علاقة اتصال غير رسمية بأحد، معلناً «إذا كان وزير الخارجية من حزب الله، فلا مانع لدي من التحدث إليه».
كذلك نفى ما قيل عن تلقيه تقارير عن هوية مرتكبي الاعتداء على الكتيبة الإسبانية في سهل الخيام في 25 حزيران الماضي. وقال إنه لم يتلق المعلومات التي نقلتها الأخبار قبل أيام عن تبليغ المقاومة للسلطات الأمنية بتفاصيل عن مرتكبي الجريمة، معلّلاً ذلك بوجود «ثلاثة تحقيقات تجري حالياً: واحد رئيسي من جانب قوات اليونيفيل، وثان إسباني، وثالث لبناني». وقال إنه طلب مساعدة فنية للحصول على أجهزة تحقيق جنائية لا تمتلكها اليونيفيل وسيتم استخدامها في وقت قريب للمساعدة في التحريات الحالية والمقبلة. لكنه أكد علمه باعتقال 3 من عناصر تنظيم جند الشام على صلة بالاعتداء على اليونيفيل قرب جسر القاسمية. وقال إن التحقيق معهم تتابعه السلطات اللبنانية كما أعلن أنه طلب معدات تحقيق جنائية وخبرات من الدولة اللبنانية للتحقيق في جريمة قتل الجنود الإسبان، مبرراً: «ليست لدينا المعدات الجنائية التي بحوزة الدولة اللبنانية». وقال إنه لا يستبعد أي فرضية ويبقى حذراً من أي هجوم جديد، مشيراً الى الاستعانة بمعدات تشويش حديثة في منع عمليات التفجير.
وعلى صعيد المراقبة البحرية، نفى أن تكون القوات الألمانية تعمل بمفردها. وقال إنها ليست ألمانية بالكامل، بل قوة متعددة الجنسية تعمل تحت إمرته مباشرة، وستصبح أكثر تنوعاً في شباط المقبل. وذكر أن عدد القطع يصل حالياً إلى أربع فرقاطات وسبعة زوارق.
ورفض قبول فكرة توسيع مهمات اليونيفيل إلى الحدود السورية، أو تفتيش المنازل بحثاً عن السلاح، قائلاً: «تفتيش المنازل ليس من صلاحياتنا. حزب الله يكرر دائماً التزامه وحرصه على تطبيق القرار 1701. وهو حزب يحظى بتأييد 60 في المئة من الشعب اللبناني وموجود في الجنوب». وعاد وتناول مرة ثانية تمثيل الحزب، مشيراً الى أنه نال 60 في المئة من أصوات الناخبين في الانتخابات الماضية.
وقال رداً على سؤال إن كان الأهالي «يتعاونون» مع اليونيفيل إلى حد «الوشاية» بجيرانهم الذين يحتفظون بالسلاح، «لا، لم نصل إلى هذه الدرجة».
وبالنسبة إلى موضوع القنابل العنقودية وقضية مزارع شبعا، قال: «أنهينا 60 في المئة من عملية التنظيف. ونأمل الانتهاء آخر السنة. أما موضوع مزارع شبعا فليس من اختصاصنا».