أنطون الخوري حرب
بخلاف ما تردد أخيراً، فإن احتمال لجوء المعارضة الى انتخاب رئيس بمن حضر من نوابها، إذا ما عمد نواب 14 آذار الى هذا الإجراء بنصاب النصف زائداً واحداً، غير مطروح على الاطلاق، بل إن البديل إذا ما رُفض التوافق على الرئيس المقبل ونصاب الثلثين أو ترؤس قائد الجيش لحكومة انتقالية، هو بحسب قيادات في المعارضة «تأليف حكومة ثانية مقابل الحكومة الفاقدة للشرعية الدستورية». وهذا يعني احتمال العودة الى واقع وجود حكومتين تتنازعان الشرعية والحكم. ويعزز ذلك اقتناع الأكثرية بعجزها عن السير بالانتخاب الرئاسي بنصاب النصف زائداً واحداً، لما في الأمر من مخاطر جدية على صعيد تثبيت هذا الانتخاب، أولاً بسبب صعوبة تأمين التوافق الوطني على رئيس ينتخب وفق هذه المعادلة، وثانياً للاستحالة العملية لممارسة هذا الرئيس مهامه في ظل عدم استعداد المعارضة لتسهيل أي إجراء عملي له.
ومع تعاطي المعارضة مع إمكان التوافق على الرئيس المقبل، وكأنه حاصل غداً، فإنها بدأت تعمل لـ«دنيا» الحكومة الثانية وكأن هذا التوافق قد لا يحصل أبداً، وتشير شخصية معارضة الى ان هذا الموضوع بات «يتصدّر اهتمام بعض كبار القادة»، وأن التركيز ينصبّ على الخطوات المطلوبة لنجاح مثل هذه الحكومة، بعد حسم حتمية ترؤس شخصية مارونية كبيرة لها للتعويض عن الفراغ في الموقع الماروني الأول في النظام، لأن تأليفها برئاسة شخصية سنية سيضعف الطرف المسيحي في المعارضة «لأن مسيحيّيها يمثلون أغلبية القاعدة المسيحية، ووقوفهم في الصف الثاني في حكومة مواجهة برئاسة سنّي، سيدفع المسيحيين عموماً الى الشعور بالانكفاء عن الصراع المحتمل، ويفقدهم الحجة القوية ومادة المواجهة الاساسية المتمثلة بالدفاع عن حق المسيحيين بالتمثيل الصحيح في الموقع الذي يعود إليهم بحسب الدستور، إضافة الى الارتكاز على سوابق عدة حدثت في الماضي مع اللواء فؤاد شهاب ومن ثم العماد ميشال عون».
ويأتي في الأهمية بعد حسم رئاسة الحكومة مارونياً، وضع خطة عمل متكاملة لبرنامج حكمها «ينطلق من أهمية تأمين مشروعية شعبية واسعة، بمواجهة التنكر الدولي والاقليمي المتوقع لشرعيتها». وإذ تعترف قوى في المعارضة بأن الحكومة الثانية ستكون موضع سجال دستوري، كشفت أن الرد سيكون بالطعن المستمر بشرعية حكومة السنيورة، وإعلان الاستعداد للانتهاء من «النقص الدستوري للحكومتين، لمصلحة حكومة وحدة وطنية بمبادرة داخلية وخارجية تؤمن الوضع الانتقالي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وأضافت المصادر ان «الحماية السياسية والدستورية لحكومة المعارضة، ستستكمل بحماية شعبية»، مع معرفة أن الحشد الشعبي لها «لا يقوم على اقتناع مؤيدي المعارضة بصوابية مواقفها والاستعداد للدفاع عنها فقط، إنما ينبغي على هذه الحكومة أن تقوم بإنجازات تعجز حكومة السنيورة عن القيام بها، وفي طليعة ذلك توفير أكبر نسبة من التعاون السياسي الإيجابي لها عموماً ولرئيسها بالتحديد، تكون أولى ثماره متابعة ملف المعتقلين اللبنانيين في سوريا ثم تلبية سوريا طلب حكومة المعارضة ترسيم الحدود بدون شروط مسبقة، وتحت إشراف الأمم المتحدة إذا وافقت على ذلك. وتأتي بعد ذلك الاستجابة لطلب إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين، على أن تتم هذه الخطوة بسرعة قياسية.
وبعد هذه «الإنجازات»، تطرح حكومة المعارضة قانون انتخاب جديداً على المجلس النيابي، يرضي كل الأطراف ولا سيما المسيحيين «مما يضع حكومة السنيورة أمام خياري التسليم أو الممانعة، وتكون النتيجة لمصلحة المعارضة في كلتا الحالتين، وخاصة إذا ذهبت المعارضة بعيداً وأجرت الانتخابات المبكرة وفق القانون الجديد».
ومع إضافة ملفات أخرى اقتصادية ومالية عامة، ترى قيادات في المعارضة، أن الحكومة الثانية ستكون أمام جملة بنود «من شأنها إراحة المجتمع وتخفيف الهواجس والاحتقان السياسي والضائقة الاقتصادية عن المواطنين، مما سيؤمن قوة دفع شعبي كبيرة لها ومشروعية لا تقتصر فقط على جمهور المعارضة بل تتعداه الى قواعد الموالاة التي لن يكون لديها إلا الهجوم الكلامي والاستقواء الخارجي لحماية حكومة السنيورة».
يبدو مما تقدم أن السجال الى تصاعد، وربما يصل الى «كباش» يعمل كل فريق على تأمين مقوّمات فوزه به، فهل يكون الفوز للقوي أم للقادر على مفاجأة الآخر؟