باريس – بسام الطيارة
حسم وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، كل الجدل الذي أثير حول مصير مبادرته الخاصة بلبنان، بعد زيارة موفده جان كلود كوسران الأخيرة الى بيروت، وبات موعد وصوله الى لبنان محدداً بيوم الخميس المقبل، بعد جولته في الأراضي المحتلة وإسرائيل، وذلك رغم المتغيّرات الكبيرة التي طرأت على ملف الأزمة اللبنانية والتي «هدّدت في مرحلة ما المبادرة الفرنسية بالكامل»، كما يقول دبلوماسيّ مقرّب من مجريات هذا الملف. من هنا يمكن التساؤل عن التطوّرات التي طرأت ليتجاوز كوشنيرالنصائح الكثيرة التي وصلته بـتأجيل زيارته إلى لبنان «إلى حين تمييز الخيط الأبيض من الخيط الأسود في موقف واشنطن»، وعن الأسباب التي تدعو المقربين منه إلى تفاؤل ولو محدوداً. وفي هذا الإطار، أشار الناطق الرسمي المساعد في وزارة الخارجية فريديريك دزانيو، رداً على سؤال لـ«الأخبار» عمّا دفع الى إعادة إحياء المبادرة، الى أن كوشنير كان قد عبّر عن رغبته في العودة إلى لبنان إذا كان ذلك مفيداً، وقال: «الزيارة تندرج في سياق متابعة جهود باريس من أجل تشجيع الحوار بين اللبنانيين، وتبيّن للوزير وجود فرص يمكن انتهازها».
ويتفق العديد من المتابعين للملف اللبناني، على أن عاملين طرآ على مسار الملف اللبناني، ودفعا كوشنير الى تجاوز طلبات تأجيل زيارته، أوّلهما مبادرة الرئيس نبيه بري التي «سحبت سجادة التزامن» التي جعل منها فريق الأكثرية «متراس الممانعة عن الدخول في تسوية خلال لقاء سيل سان كلو»، حيث وصل الى باريس عدد من الإشارات المتعددة المنابع يشير إلى بدء تحرك مواقع في الأكثرية نحو القبول بمبدأ التسوية التي تنقذ المهل الدستورية وتجنّب لبنان الفراغ وخصوصاً في موقع الرئاسة، وهو ما تعتبره باريس «من صميم مصالحها في لبنان»، كما يقول أحد المصادر، مضيفاً إن هذا ما يفسر تحرك البطريرك نصر الله صفير في الفاتيكان الذي شهد «شبه مؤتمر دولي» عن لبنان. أما العامل الثاني، بحسب مصدر رفيع، فهو «وصول مجموعة إشارات من واشنطن» تدل على «عودة الاهتمام بالشق السوري المساعد في الملف العراقي». وقال إن الأميركيين «يودّون أن تأخذ المبادرة الفرنسية أقصى مجالها، وخصوصاً بعدما وعدت باريس بإشراك الأوروبيين في مرحلة تنفيذ ما يمكن التوافق عليه بين الطرفين اللبنانيين وخصوصاً في ما يتعلق بالضمانات. وهذا ما لمّح اليه دزانيو رداً على سؤال لـ«الأخبار» عن التوافق بين المبادرتين الفرنسية والسويسرية، بالقول إن باريس «تتشاور دائماً مع شركائها الأوروبيين والمجتمع الدولي في شأن الوضع في لبنان»، مشيراً إلى لقاء غيمنش في نهاية الأسبوع الماضي «حيث كان الملف اللبناني على طاولة وزراء الخارجية الأوروبيين». وأكد أن كوسران التقى «المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا منذ أيام للتباحث بشأن الأزمة اللبنانية». وأكثر من ذلك، علمت «الأخبار» من مصادر رفيعة أن «العاملين على الملف اللبناني باتوا يتداولون لائحة بأسماء المرشحين المحتملين للرئاسة، والذي يمكن أحدهم أن يمثّل هدف التوافق المطلوب»، مما يشير إلى تقدم كبير نحو تسوية ما. ولفتت الى أن «هذه اللائحة تتضمن أيضاً أسماءً من خارج حلقة الأسماء التقليدية»، وأنه تم التباحث فيها بالتفصيل على أعلى المستويات في الفاتيكان، وذلك بعدما «تجاوز معظم أفراد الأكثرية مسألة النصاب، بحيث بات مؤكداً أن مبدأ الثلثين بات في جيب الوزير». ورفضت الإفصاح عن الأسماء «حتى لا يصيبها ما أصاب مرشحاً قوياً كان يمكنه أن يختصر طريق هذه الأزمة نحو الحل»، في إشارة غير مباشرة إلى قائد الجيش ميشال سليمان. وفيما لم تؤكد المصادر رغبة كوشنير في محاولة جمع الصف الأول، أصرّت على أن الهدف اليوم هو الوصول إلى نتائج يمكن انطلاقاً منها معرفة موقف واشنطن النهائي، متوقعةً أن يلتقي صفير في روما في طريق عودته من بيروت لعدم توافر الوقت ليجتمع به في بيروت، إلا إذا مدّد الوزير الفرنسي زيارته في حال تطلب الأمر، أو في حال عرّج على دمشق التي تقول مصادر مقربة منه إن «الكثير من النصائح وصلته بضرورة التوجّه إليها»، وفي كلتا الحالتين يرى بعضهم في ذلك إشارات إيجابية في طريق الحل.