strong>كمال شعيتو
«الحكم على قاتل ابني بـ 28 يوماً لا يمتّ إلى العدالة بصلة، وبعيد كل البعد عن الدولة التي يفترض أنها تحمي حقوق مواطنيها المهدورة». هكذا علّق محمد زعيتر، والد الضحية مهدي زعيتر، على الحكم الذي صدر في تاريخ 8-8-2007 بحق الرقيب الأول في قوى الأمن الداخلي ب. ط. بتهمة التسبب بوفاة مهدي في 16 نيسان الماضي، بعد إطلاق النار عليه.
والد الضحية عبّر في اتصال مع «الأخبار» عن استيائه الشديد من المنحى الذي اتخذه الحكم بحق المتهم. ورغم إقفال القضية لدى المحكمة العسكرية، إلا أنه أكد العمل على متابعة القضية وفق المسار القضائي وأمام المحاكم الأخرى المعنية. كما نفى الشائعات التي تحدثت عن حصول اتفاق مصالحة ما بين العائلة والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وهو ما أكده كشف وكيل ذوي الضحية المحامي أشرف الموسوي لـ«الأخبار» حول رفع شكوى ضد المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بشخص مديرها العام اللواء أشرف ريفي أمام المحكمة المدنية (الجزائية).
وكان الرقيب الأول المتهم، وعدد من العناصر الآخرين قد طاردوا سيارة الضحية وأطلقوا عليه النار بعدما ورد إلى دوريتهم معلومات تحمل مواصفات سيارة زعيتر نفسها، وأن «من بداخلها يقوم بسرقة محل لبيع الأسماك» حسب بيان لقوى الأمن الداخلي حينها. وذكر ذلك البيان أنه لحظة محاولة أحد عناصر الدورية فتح باب سيارة زعيتر بعد توقيفها لدقائق، فر الشخصان مجدداً «فأطلق رجل الأمن النار في الهواء تحذيراً. ولما لم يمتثلا، سدّد طلقاته نحو إطارات السيارة، فأصاب الأمامية منها وأصاب السائق بطلق في ظهره ففارق الحياة»، فيما أوقف الآخر. إلا أن شهوداً عياناً أفادوا «الأخبار» حينها بأن سيارة زعيتر ارتطمت بأحد الأرصفة أثناء ملاحقة القوى الأمنية لها، ما أدى إلى توقفها. ومن ثم بدأ إطلاق النار عليها من دون أي تحذير مسبق أو ظهور مقاومة من قبل زعيتر ورفيقه، علماً بأن المادة 221 من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي (القانون 17 الصادر عام 1990) تحدد الحالات التي يستطيع فيها العناصر إطلاق النار على أي شخص، وذلك بعد التحذير.
وقد رأت المحكمة أن فعل الرقيب أول قد «تسبب بالوفاة» وأنه يندرج تحت المادة 564 من قانون العقوبات التي تنص على أن «من تسبب بموت أحد عن إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين أو الأنظمة عوقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات»، لكن الأسباب التخفيفية التي منحت للمتهم خفضت محكوميته إلى 28 يوماً. وفي موازاة ذلك، تنص المادة 130 من قانون تنظيم قوى الأمن المذكور آنفاً على أنه من بين الأسباب التي توجب إحالة رجال قوى الأمن إلى المجلس التأديبي هو «إذا صدر بحقهم حكم قضائي يقضي بحبسهم أكثر من شهر واحد في الجرائم المنصوص عليها في البند 6 من المادة 33 من هذا القانون» وهي الجناية أو محاولة الجناية والجنحة الشائنة أو محاولة الجنحة الشائنة.
تجدر الإشارة إلى أن التدابير المسلكية تكون مستقلة عن الأحكام القضائية وغير مرتبطة بها.