«مبادرة برّي أتت في سياق المبادرة العربية وبديل الانقاذ مزيد من التشرذم وضياع الحقوق»
عاد الموفد الرئاسي السوداني مصطفى عثمان إسماعيل إلى بيروت، منبهاً إلى أن الاستحقاق الرئاسي في لبنان مؤشر لما ستكون عليه أوضاع المنطقة ككل، وشرح ذلك بأن لبنان «عبارة عن بوصلة نستطيع من خلالها أن نقرأ التوجهات السياسية الدولية في المنطقة، فإذا نجحنا في الوصول إلى حل للمشكلة وإنجاز انتخابات الرئاسة، فهذا سيكون دليلاً على أن المنطقة تتجه نحو التهدئة، وإذا فشلنا فهذا يعني تصعيداً في المنطقة كلها».
وكان إسماعيل قد زار أمس رئيس الجمهورية إميل لحود، وسلّمه رسالة من الرئيس السوداني عمر حسن البشير، يدعو فيها لبنان للمشاركة في المؤتمر العربي لدعم ومعالجة الأوضاع الإنسانية في دارفور الذي سيعقد نهاية الشهر المقبل.
ورأى لحود خلال اللقاء «أن التطورات في بعض الدول العربية المستهدفة بأمنها واستقرارها ووحدتها، تتطلب وقفة عربية تضامنية لمنع استفراد الدول العربية الواحدة تلو الأخرى، لإمرار مخططات تصب في مصلحة إسرائيل»، مضيفاً: «إن التضامن العربي على المحك اليوم، فإما أن تكون الدول العربية على المستوى الذي يرضي شعوبها ويتجاوب مع مصالحهم وتطلعاتهم في التماسك ووحدة الموقف، وإلا فإن الآمال بعمل عربي إنقاذي مشترك ستتبدد، والبديل مزيد من التشرذم وضياع الحقوق».
وأوضح إسماعيل أنه لا يحمل أفكاراً محددة، وأن زيارته استكشافية «قد تمكننا من وضع خارطة طريق». وقال إن الأحداث في لبنان «تمضي نحو الأفضل»، وأنه تشجع للزيارة بثلاثة تطورات: انتصار الجيش في نهر البارد وتوحد اللبنانيين حوله، مؤتمر سان كلو الحواري، ومبادرة الرئيس نبيه بري، مردفاً بأن هناك «فرصة لا نريد للدول العربية بإزائها أن تبقى متفرجة وبعيدة عن الملف. وأمامنا حتى 24 تشرين الثاني لتتكثف الاتصالات».
وذكر أن رسالة البشير تضمنت أيضاً تعبيراً عن القلق و«خصوصاً أن الزمن يمضي والاستحقاق الرئاسي على الأبواب، ولا بد من حركة لبنانية في الأساس، وربما دور عربي أيضاً أو دولي»، لافتاً إلى أن عدداً من نقاط المبادرة العربية الأولى لم يعد مثار جدل الآن «كالمحكمة وحكومة الوحدة وباريس 3، ولم يبق إلا موضوع الانتخابات الرئاسية، وبالتالي سيكون علينا أن نكثف الجهود حتى ننهي هذه المسألة لنتمكن من القول إننا وصلنا إلى بر الأمان». وأعلن أنه سيستمع إلى آراء كل الأطراف من مبادرة بري «ونعمل على فتح الأبواب وتقريب وجهات النظر (...) وزيادة الثقة كخطوة ليتحول الحوار عبر طرف ثالث إلى حوار مباشر بين اللبنانيين».
وزار إسماعيل أيضاً رئيس المجلس النيابي، ناقلاً له رسالة من البشير «حول تطورات الأوضاع في المنطقة»، وأمل أن تشكل مبادرته «أرضاً للتوافق»، مبدياً ثقته «بأن القوى اللبنانية تقدّر تماماً المرحلة التي يمر بها لبنان، ووجوب التفكير العميق لنستطيع إنجاز هذه المهمة».
وبعدما لفت إلى أنه زار السعودية والأردن، وسينتقل من بيروت إلى دمشق فالقاهرة، أعلن أن جولته ستنتهي بلقاء الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، لوضعه في صورة تحركه، وقال: «نشهد الآن زيارة وفود أوروبية وغير أوروبية، لكننا نريد وجوداً عربياً فاعلاً في لبنان حتى لا يكون الإنجاز فقط من خارج المنطقة»، مضيفاً: «إن الدور العربي، مطمئن ومهم جداً لأن يكون الوفاق لبنانياً ويلتف حوله اللبنانيون».
وكان إسماعيل قد استهل نشاطه بلقاء وزير الخارجية والمغتربين المستقيل فوزي صلوخ الذي قال في مؤتمر صحافي مشترك إنه جرى التأكيد على أهمية مبادرة بري «وضرورة التعامل معها بالإيجابية المطلوبة للحلول المرتجاة».
وقال إسماعيل: «ليس بالضرورة على يد من يأتي الحل، المهم أن يأتي». وتمنى الّا تُعطى زيارته أكبر من حجمها، مشيراً إلى أنها «تؤسس لزيارات أخرى وتحرك آخر ليس بالضرورة من السودان، ويمكن أن يكون من الدول والمؤسسات العربية المختلفة». وإلى مائدة غداء التقى إسماعيل الوزير السابق بشارة مرهج والمنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية معن بشور، في حضور سفير السودان جمال إبراهيم الذي رافق موفد بلاده في كل لقاءاته.
(وطنية)