العبدة ــ عبد الكافي الصمد
بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز من العام الماضي، وعد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان صيادي الأسماك في عكار بمساعدات، إلا أن هذا الوعد لم يتحقق إلّا يوم أمس، ما دفع رئيس الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك في عكار عبد الرزاق حافظة إلى القول إن «وعد الحر دين»

باشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقديم المساعدات إلى الصيادين في مرفأ العبدة والتي كانت حسب جان شواح، أحد ممثلي البرنامج المشرفين على عملية التوزيع، عبارة عن 4 آلاف شبكة صيد و400 كيلو من الحبال الخاصة بالصيد، وهي أتت «كتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم»، لافتاً لـ«الأخبار» أن هذا «البرنامج يشمل كل صيادي لبنان، لكن أردنا أن نخص صيادي عكار بالمساعدات نظراً لظروف الصعبة التي مروا بها، على أن نقدم مساعدات أخرى السبت المقبل إلى صيادي الجنوب».
غير أن شواح أشار الى أن «هذه المساعدات لا تفي الصيادين حاجتهم، لكن هذا ما استطعنا تجميعه حالياً، وأتينا به بصورة مستعجلة، ونحن لا نزال ننتظر مجيء مساعدات أخرى من الخارج، لأنها غير متوافرة في السوق اللبنانية».
بدوره لفت حافظة إلى أن «كمية المساعدات المقدّمة لا تكفي أكثر من ربع حاجة الصيادين»، موضحاً أن «كميات أخرى من المساعدات ستصلنا بعد شهر، وعلى هذا الأساس لن نباشر التوزيع حتى تسلّمنا كامل الكمية المقدمة».
وأشار حافظة إلى أنه «يعمل في مجال صيد الأسماك في عكار 1081 صياداً، أي إن هناك 1081 عائلة تعتاش من هذا القطاع، وإن أحداث مخيم نهر البارد سبّبت منع الصيادين من النزول الى البحر لمدة 115 يوماً، وإن عدداً كبيراً من المراكب والشباك ومعدات الصيد قد تعرضت لضرر وتلف»، مشيراً إلى أنه «لولا بعض المساعدات المالية والحصص الغذائية التي أتتنا من بعض الجهات المانحة و«تيار المستقبل» لكانت أوضاع صيادي الأسماك اليوم في أسوأ حالاتها».
غير أن ما لم يقله شواح، وزميله الآخر عبده فرح، إضافة الى حافظة، عن حقيقة وطبيعة المساعدات المقدمة، قاله عدد من الصيادين لـ«الأخبار»، مفضلين التكتم على ذكر أسمائهم، ولافتين الى أن «الشباك المقدمة هي من النوع الرديء، وأسعارها بخسة، ولن تتحمل وطأة ضغط العمل في البحر، وأنها ستتلف بشكل سريع»، معبرين عن أسفهم لكون «المساعدات الحالية لن تعوض عليهم سوى قدر بسيط من الخسائر التي تكبّدوها أثناء أحداث مخيم نهر البارد، بعد تعرض مراكبهم وشباكهم ومعدات صيدهم للتلف».
وعلى الرغم من أن بعض الصيادين تبادلوا التهم لناحية «تكبير» حجم الأضرار الذي أصابتهم، أو مضاعفة عدد الصيادين مرة أو مرتين، مثل وضع الصياد اسمه واسم عدد من أبنائه على لائحة المتضررين، كي يستفيد أكثر، فإنهم لفتوا الى أمرين: الأول أن «صيادين نافذين في المرفأ يهيمنون على كل شيء فيه، من الصيد بالمراكب الضخمة والجاروفة (وهو ممنوعة قانوناً)، إضافة الى استفادتهم بنسب اكبر من غيرهم من أي مساعدات تقدم إلى الصيادين».
أما الأمر الثاني الذي لفت اليه الصيادون، فتمثّل في المساعدات التي قدّمتها إليهم أثناء أحداث البارد الهيئة العليا للإغاثة، حيث «جرى توزيعها مرتين بعيداً عن الأضواء، في حضور اقتصر على مسؤولي «تيار المستقبل» في عكار ووسائل إعلامه فقط».
غير أن المفاجأة لم تكن هنا، بل إن وفد برنامج الأمم المتحدة تهرب من سؤال عن استفادة مراكب صيد من المساعدات المقدمة، مع أنها مسجلة في مرفأ الصيادين في مدينة طرطوس السورية. وبعد التدقيق في التفاصيل تبيّن أن هناك مراكب صيد سورية يعمل عليها صيادون لبنانيون موجودة في مرافئ الصيد اللبنانية، تحديداً في الشمال، بموجب «تفاهم» مباشر بين الصيادين في كلا البلدين، ما يفسح في المجال أمام الصياد اللبناني الذي يصطاد بمركب سوري كي يمارس عمله في المياه الإقليمية لكلا البلدين، وهو أمر دفع أحد الصيادين الى القول: «إن قبض السلطات السورية على صيادين لبنانيين في مياهها الإقليمية، لا يتجاوز إطار وضع اليد على علاقات ومنافع اقتصادية شخصية، يتم تبادلها بشتى الطرق، القانونية منها وغير القانونية».