فاتن الحاج
افتتح أمس المركز التربوي للبحوث والإنماء الدورة التدريبية الثالثة والأخيرة لتدريب المدرّبين على كيفية استخدام مكتبة الصف، وتعويد التلميذ على القراءة للمرح. ويجري هذا العام تدريب 2400 أستاذ، على أن يصار إلى متابعة المشروع،
في السنوات المقبلة، عبر اللقاءات وزيارة المدارس، تمهيداً لشرعنته في القوانين


منذ ثلاث سنوات، دخلت كتب المطالعة إلى الصفوف في المدارس الرسمية في كل لبنان، عبر مشروع «مكتبتي العربية»، لتحفيز التلميذ على القراءة. لكنّ تجاوب المدارس مع المشروع لم يكن بالمستوى نفسه. فمن المديرين من «اخترع» زاوية في الصف تركن إليها القصص، وجهد في تخصيص الوقت لجعل الكتاب في متناول الأطفال ودمجه مع ألعابهم، فيما أبقى بعضهم الآخر المجموعة القصصية أسيرة «الكراتين»، «تفركش» الزوار.
أما السبب، بحسب رئيس دائرتي الإعداد والتدريب في المركز التربوي حنا عوكر، فيتعلق بالروتين الإداري، وبمدى مرونة المدير المطبِّق للنظام، وتوجهاته الشخصية. وينفي عوكر أن تكون المساحة المخصصة للمطالعة في حاجة إلى إمكانات مادية. فإنّ شراء مكتبة صغيرة متنقلة، أو رفوف خشبية لا يكلّف شيئاً. ويوضح عوكر أنّ المناهج الجديدة أكدت أهمية المطالعة، لكنّها لم تحدد الحيّز المخصص لها، لافتاً إلى أنّ مشروع «مكتبتي العربية» يحاول أن يدعم خطة النهوض التربوي بتأمين دقائق من الحصص الدراسية للقراءة.
وتشير مديرة إحدى المدارس إلى أنّ المشروع مفيد، شرط أن نُحسن تطبيقه، «فنحن تسلّمنا الدفعة الأولى من الكتب في العام الدراسي 2004 ـــــ 2005، وعمدنا إلى تجليدها، واستحدثنا خزائن في الصف لوضعها أمام أعين التلامذة. وبعدما خضعت معلّماتنا للتدريب، حاولنا أن «نسرق» الوقت لإفادة الأطفال من مجموعة القصص، حتى لو اقتصر الأمر على مشاهدة الصور، «لأنّ الهدف هو جعل الكتاب رفيقاً لأطفالنا».
وتروي المدرّبتان ريما غانم من مدرسة المعروفية الرسمية في الشويفات، ورندا شمس الدين من مدرسة حسن حلاّل المتوسطة في حبوش، التجربة مع مكتبة الصف، فتوضحان أنّه في السنة الأولى، لم يكن المديرون ملمّين بأهمية المشروع، لذا عُقدت في السنة الماضية لقاءات معهم ومع أعضاء التفتيش التربوي، لإطلاعهم على فلسفته، وحظي عندها المشروع باهتمام الإدارات، ووجدنا بعض التلامذة يتسابقون إلى القصص ويتنافسون للحديث عنها.
لكنّ المدرّبتين تثيران مسألة تعذر تطبيق المشروع في المدارس المكتظة التي تعتمد الدوامين، ثم إنّ البناء المدرسي قد يحكم في بعض الأحيان، لكن الأهم هو استمرارية المشروع، لأنّ التلامذة في المدارس الرسمية لا يحظون بفرصة أن تكون لهم مكتبتهم في المنزل.
أما منسّقة مشروع «مكتبتي العربية»، غادة حمادة، فتؤكد أنّ هدف المشروع هو جعل القراءة هواية من هوايات الطفل، بعدما أضحت التكنولوجيا تسيطر على مفاصل حياته. وتشدد على «أننا نسعى إلى الإفادة من الكتب كوسائل إيضاح في المادة العلمية، ونعمل على دمج الكتاب مع ألعاب الأطفال، عبر أنشطة مستمدة من عالم الطفل، وتعتمد على نظرية التفكير النقدي التحليلي الذي ينمّي مهارات الطفل، ويسمح لنا بإيجاد مكامن الإبداع لديه.
وقد شارك في افتتاح الدورة التدريبية الثالثة مديرة التعليم الابتدائي شارلوت مقدسي، رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ليلى مليحة فياض، رئيس مكتب الإعداد والتدريب في المركز نزار غريب، مديرو المدارس والمدربون.
مقدسي دعت إلى استخدام الوسائل المُحبّبة في تحفيز التلميذ على قراءة القصص، لتبقى المطالعة أداة تثقيفية تجذبهم تماماً كما تجذبهم ألعاب الكومبيوتر. وتوجهت إلى المديرين والمدرّبين المشاركين بالقول: «هذه المجموعة التي تسلّمتموها ليست للديكور، بل لوضعها في متناول التلميذ، وتحسيسه بجدوى القراءة». واستغربت مقدسي الحجج التي تقدّم لعدم استخدام الكتب، كالحديث عن عدم وجود خزانة أو مكان لوضعها أو ضعف الإمكانات، مطالبة المديرين باستعمال صلاحياتهم التي تسمح بصرف مبالغ تصل إلى 500 ألف ليرة لبنانية من دون العودة إلى الموافقات.
أما فياض، فتطرقت إلى تطوير المناهج، مشيرة إلى أنّ المركز أنجز 180 ورشة عمل وطنية شارك فيها كل المهتمين بالعملية التربوية، وقد صدرت توصيات عن الورش رُفعت إلى اللجنة العليا للمناهج. وتوقفت فياض عند الكفايات التي نريد أن نحققها في نهاية الحلقة الأولى، منتقدة تقاعس الحكومات المتعاقبة، التي أقرت خطة النهوض التربوي، عن جعل الدعم المدرسي يواكب تطبيق المناهج.
وأعلنت فيّاض أنّ المركز سيخرج في الأول من تشرين الأول بمناهج مُطوّرة لمرحلة الروضة التي باتت 3 سنوات. وأكدت «أننا نطمح إلى أن يتقن التلميذ في نهاية المرحلة الأولى اللغة العربية، وإحدى اللغات الأجنبية قراءةً، كتابةً، ومحادثة، إضافة إلى بعض المبادئ الحسابية التي تتناسب مع عمره العقلي والفكري. وشددت على «أننا حريصون على أن لا تهمل الكفايات المواد الإجرائية من رسم ومسرح وموسيقى وتربية بدنية وفنون تشكيلية. وقالت: «واكب مشروع مكتبتي المدرسية عملية تطوير المناهج، لأنه إذا لم نحفّز الطفل على أن يكون الكتاب رفيقه، عبثاً نحاول تطوير المناهج».
وأوضحت فياض «أنّ الكتب مرّت على الأقسام الأكاديمية في المركز التربوي، وجرى تقويم مضامينها لجهة معالجتها موضوعات علمية، إضافة إلى كونها أُخرجت بأسلوب أنيق وشيّق يشد الطفل بالألوان الفرحة والصور الطريفة والرسوم المعبّرة.
وختمت بالقول: «إذا كان شعارنا بالتربية نبني، فمع الوصول إلى طفل قارئ تصبح التربية بألف خير».
يذكر أنّ مشروع «مكتبتي العربية» الذي تسهم فيه «دار نشر سكولاستك انترناشيونال»، بدعم من مبادرة الشراكة الأميركية ـــــ الشرق أوسطية، بدأ مع صفّي الرابع والخامس أساسي، واستُتبع في السنة الثانية مع الأول والثاني أساسي، على أن ينطلق هذا العام مع الثالث والسادس أساسي.
ولفتت حمادة إلى «أنّنا في صدد مشروع تصنيف الكتب من الروضة وحتى السابع أساسي».





مكتبتي العربية

أُعدّت مكتبة الصف للسنوات الأولى حتى السادسة من التعليم الأساسي. وتضم المكتبة الواحدة أربعين عنواناً وخمس نسخ من كل عنوان ودليل معلم وملصق. وقد اختار هذه الكتب تربويون واختصاصيون عرب، وتُرجمت في العالم العربي، وصدّقت عليها وزارات التربية في كل من لبنان والمملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين والمملكة المغربية. وتتناول الكتب مضامين متنوعة: علمية، هزلية، قصصاً من واقع الحياة، قصصاً خرافية وخيالية، سيراً ذاتية، وحكايات من حول العالم.
وقد ألحقت دار النشر «سكولاستك انترناشيونال» بالبرنامج مادة تدريبية تهدف إلى مساعدة المدرّسين على تقديم فوائد المشروع، وإقامة علاقة صداقة بين الطفل والكتاب.