strong>رأى وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «أن الأمور في لبنان تتحرك»، معلناً عن اتصال أمس بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة، مشيراً إلى أن لديه انطباعاً بأن «هذه المرحلة ستنجح وإلا فسأبكي». وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مثنياً على مبادرة بري وردّ 14 آذار عليها
مواقف وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير جاءت في مؤتمر صحافي عقده في قصر الصنوبر، أمس، وحاوره فيه الزملاء: عيسى غريب من (الأوريان لو جور)، إدمون صعب (النهار)، وليد شقير (الحياة)، نقولا ناصيف (الأخبار) ومارلين خليفة (السفير)، وحضره السفير جان كلود كوسران وأعضاء الوفد الفرنسي المرافق لكوشنير.
وقال كوشنير رداً على سؤال: «لا أعرف عنصراً إيجابياً كبيراً أو صغيراً. هناك أنزيمات هي التي تسمح بالتفاعلات وهذه عناصر أساسية. فأنا أحب هذا البلد وأحب اللبنانيين، وقد عملت معهم، وقلت إن هناك عنصراً إيجابياً صغيراً لأن هناك مبادرة الرئيس نبيه بري وهذه بادرة سياسية جيدة، وهو يبرهن على أنه رجل دولة كما أن الرد الذي قدمته مجموعة 14 آذار التي أكدت استعدادها للحوار جيد أيضاً».
وأوضح «أن هذا ليس بالكثير، ولكن هؤلاء لم يتحدث بعضهم مع بعض منذ تسعة أشهر قبل اجتماع سان كلو، وكانوا يتبادلون الشتائم وعليهم أن يتوقفوا عن ذلك». وأعلن «أن الرئيس فؤاد السنيورة اتصل بالرئيس بري، وهذا يحدث لأول مرة منذ فترة بعيدة». وأكد أن فرنسا «تبذل جهوداً لحل الأزمة، لا أعرف ما هي النتيجة التي ستصل إليها، لكني شعرت بأن الأمور تتحرك وإذا ما تحدث الجميع عن ثلاثة أو أربعة مرشحين فكل شيء سيتم على ما يرام. وإذا ما جرت الانتخابات في الأطر الدستورية، فلبنان سيكون أقوى». وقال: «لا أحب أن تتم الانتخابات حسب الديانات والطوائف، ولكن هذا هو الواقع إذا أردتم أن تتغير الأمور فلتجر الانتخابات في الوقت المحدد».
وعن الحوار الفرنسي الإيراني، وهل يجري بموافقة واشنطن، قال كوشنير: «السفير كوسران ذهب إلى طهران بطلب مني وبموافقة رئيس الجمهورية الفرنسية (نيكولا ساركوزي)، ونحن لا نأخذ تعليماتنا من واشنطن بل نطلع حلفاءنا عندما يلزم الأمر، لكن سياسة فرنسا مستقلة وليست تابعة لأحد». وأضاف: «هناك حوار يجري مع إيران، ولكن ليس هذا موضوعنا. هذه المنطقة خطيرة جداً وإيران لعبت دوراً إيجابياً بالنسبة للوضع اللبناني والاستحقاق الرئاسي أكثر مما يتوقعه البعض، أنا بحثت مع وزراء إيرانيين بالهاتف، لا أريد أن أكذب هنا، علماً بأنه في لبنان الكذب رياضة وطنية أحياناً، وقد فهم الإيرانيون الذين تحدثت معهم بموافقة أصدقائنا اللبنانيين، أنه يجب أن تجرى الانتخابات بالطرق الدستورية اللبنانية وفي موعدها المحدد».
وعن دور الرئيس المقبل، قال كوشنير: «لا يطلب مني أن أختار الرئيس اللبناني ولا يمكنني أن أعطيكم رأياً، ولكن إذا ظهر بعض الأسماء على ضوء الحوار الوطني بين 8 و14 آذار بناءً على نداء الرئيس بري الذي سيعيد فتح أبواب البرلمان، فسيكون ذلك جيداً. وسأكون مستعداً جداً إذا كان هناك مرشح توافقي وطني وحريص على الدفاع عن استقلال لبنان ومؤسساته، وهذا أمر حيوي ويجب أن ينأى عن التأثيرات الخارجية إذا وجد هذا المرشح وقد يكون سيدة، وعليكم أن تبذلوا جهداً لمشاركة السيدات إذا حصل ذلك فسيكون للبنان وزن كبير على الساحة الدولية».
ورداً على سؤال أمل «ألا يكون لسوريا كلمة في الاستحقاق الرئاسي، ولكن يجب ألا نبالغ. فسوريا بلد مجاور للبنان، وهناك علاقات بين البلدين متوترة وأحياناً أخرى انكسرت، وقد يكون هناك تأثير، ولكن ما أريده وما أتمناه وما طلبته وأطلبه مجدداً ألا تتدخل سوريا في هذه العملية التي يجب أن تتم بصدق وشفافية واستقلالية». وأكد «باسم فرنسا» أنه «إذا لم تتدخل سوريا في هذه الانتخابات أو تركتها تجري كما يجب فإنها ستدهش من مدى انفتاح فرنسا عليها فبالإمكان تحسين علاقاتنا وأن تصبح طبيعية، وفي هذه الحال ستبرهن سوريا أنها مع عملية السلام ولا تريد حل المسائل بالعنف بل بالطريقة الديموقراطية. إذاً الاستحقاق الرئاسي هو المفتاح الأول للعلاقة مع سوريا، وهناك مسائل أخرى مثل مشاركة سوريا في المؤتمر الدولي وغيره من الأمور». وقال: «لقد فكرنا بطريقة عملية وباستراتيجية سيتم تكييفها، وفكرتها بسيطة، وهي يجب أن ندفع الأطراف التي تتواجه إلى الحوار. نحن أوصينا باعتماد موقف براغماتي عملي، ولهذا قلت إذا لم تتدخل سوريا في الشؤون اللبنانية فنحن على استعداد للانفتاح على سوريا، التي يجب أن تؤدي دوراً بارزاً في الشرق الأوسط، ولا أحد يطلب من سوريا أن تغيّر هذا الدور. ولهذا قلت ما قلته عن المؤتمر الذي دعت إليه الولايات المتحدة»، معتبراً انه «إذا احترمت سوريا الاستحقاقات الدستورية في لبنان فإنها يجب أن تشارك في هذا المؤتمر، ولكن سوريا ترى أن لها دوراً في لبنان ولكن أنا لا أرى ذلك، وعليها أن تجد دورها في الأسرة الدولية».
وعما تغيّر في السياسة الفرنسية بين الرئيسين جاك شيراك وساركوزي بالنسبة الى لبنان، قال: «هناك أمران على الاقل، الاول هو وصول جيل جديد الى الحكم، فالرئيس شيراك كان يكن إعجاباً وحباً كبيراً للبنان وكان عنده شعور بالانتماء الى هذا الوطن. أما ساركوزي فهو يتكلم بصدق وصراحة، لقد قال في خطابه أمام سفراء فرنسا وأمام الاميركيين: نحن لسنا تابعين للولايات المتحدة وعلاقتنا بها مختلفة عما كانت عليه في عهد الرئيس السابق، وأنا مثلاً واجهت الولايات المتحدة عدة مرات وهذا سيستمر، ولسنا مجبرين على الموافقة على ما تقوله الولايات المتحدة. وكذلك كانت تربط الرئيس شيراك علاقة شخصية بالرئيس رفيق الحريري الذي اغتيل في ظروف مروّعة وكنا في لبنان الى جانب الاميركيين وأصررنا على المحكمة الدولية وهذا سيستمر. السبب الثاني ربما، أن علاقتي وطيدة مع لبنان، فأنا أعمل مع اللبنانيين منذ فترة طويلة ولي علاقة عاطفية مع لبنان، وبإرادة الرئيس ساركوزي أصبحت وزيراً للخارجية، وبعد دارفور أولويتي هي لبنان».
ورداً على سؤال، قال كوشنير: «لا أعرف ما إذا كان الذي تعرضت له سوريا ضربة لقاعدة صواريخ أو قافلة لشيء ما. ولكن إذا حصلت غارة جوية يجب ألاّ يعاني لبنان من تأثيرات ذلك» لافتاً الى أن « لبنان في مكان خطير من العالم ودائماً تشنّون حروب الآخرين، توقفوا عن ذلك. هناك أسباب كافية ليتحارب اللبنانيون في ما بينهم. هذا البلد مثال رائع للطوائف التي تتعايش معاً. والآن من الممكن إعادة هذا التوافق وهذه العلاقات».
وأشار الى أنه «في السابق كانت هناك تدخلات خارجية ومَن يحرّض اللبنانيين بعضهم على بعض، وإذا أردتم الحياد يجب أن تبدأوا بذلك في ما بينكم» وإذ تساءل «لماذا يتحارب اللبنانيون؟» لفت الى أنه «في السابق كانت هناك فوارق اجتماعية وفقر ولفترة طويلة كان الجنوب فقيراً وكان الشيعة مهملين. واليوم نشهد في كل العالم العربي ظهوراً للشيعة لم يكن أحد يتوقعه ومعالجة هذه المسائل، لا تكون بالحرب» وقال: «إذا أحللتم السلام في ما بينكم فستكونون ملوك الشرق الأوسط»، مشيراً الى أن لديه انطباعاً بأن هذه المرحلة ستنجح «وإذا فشلت فسأبكي».
وأعلن أن فرنسا ستعترف بالرئيس ولو انتخب بأغلبية بسيطة معتبراً «أن رؤساء الجمهورية ينتخبون بأغلبية بسيطة وهذا لا يزعجني» وتطرق الى الدستور اللبناني داعياً الى إعادة صياغة المادة التي تتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية لأنها ليست واضحة. وقال: «أتذكر اتفاق الطائف، كنت وزيراً آنذاك. لقد صيغت بهذا الشكل لتتقاسم الطوائف الثلاث الكبرى المناصب. لقد بلغتم سن الرشد، ربما يجب أن تغيّروا الأمور الآن، ولكن بالانتظار هناك أغلبية الثلثين في البداية، لكن هذا النص يضم كل شيء ولا يضم شيئاً في الوقت نفسه. فهو يتحدث عن أغلبية الثلثين ولكن ثلثي ماذا؟ هل ثلثا الحاضرين، ثلثا المنتخبين؟ ولكن مهما كانت طريقة الانتخاب إذا أردتم أن تظهروا الإرادة الطيبة لكي يكون هناك حياد القوة ولكي لا تخوضوا حروب الآخرين، فالأغلبية تناسبني». وعن الطرح الداعي إلى انتخاب رئيس لمدة سنتين، قال: «هذا الموضوع لم يعد موضوع الساعة لأنه وقت الحوار».
وختم بتوجيه رسالة الى اللبنانيين قائلاً: «لا أطلب منكم أن تحبوا بعضكم بعضاً، ولكن اتفقوا بما فيه الكفاية وبذل ضغوط ودية على نوابكم. يجب أن يفهموا أن مستقبلهم ومستقبل لبنان بين أيديهم عندما يتعيّن عليهم التصويت للمرشحين الذين اختاروهم. هذه عملية بسيطة وهي ألف باء الديموقراطية، وبعد ذلك كل شيء ممكن والانقسامات السياسية طبيعية».
وكان كوشنير التقى خلال زيارته بيروت بري، وقال بعد اللقاء: «لقد حيّيت ما صرح به الرئيس بري والاقتراحات التي تقدم بها عندما كنت لا أزال في فرنسا» معتبراً «أن هذا كان بمثابة انفتاح» ورأى أن سحب «حركة 14 آذار مطلب الـ51 في المئة وطلبهم سحب اقتراح الثلثين من الجانب الآخر بداية حوار للبنان وللانتخابات».
وزار كوشنير الرئيس السنيورة وعبّر بعد اللقاء عن سعادته «لأن أصدقائي اللبنانيين قد قبلوا، على ما أظن، أن يبدأ حوار مثمر بينهم لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وهذا الانتخاب يجب أن يتم في موعده وحسب الأصول الدستورية وأن يتم التوصل إلى مرشح توافقي».
ثم زار كوشنير النائب سعد الحريري وأمل بعد اللقاء «أن يكون الحوار إيجابياً وذلك بدءاً من الخامس والعشرين من الشهر الحالي».