البدّاوي ــ عبد الكافي الصمد
اتّسم اليوم الأول من شهر رمضان بالنسبة لنازحي مخيم نهر البارد المقيمين في مخيم البدّاوي بالكثير من الخيبة. فالعودة إلى مخيمهم لم تحصل بعد برغم انتهاء الأعمال العسكرية فيه، والوعود المتعلقة بذلك، إضافة إلى البدء بإعماره، لمّا تزل وعوداً وحبراً على ورق، ولم تترجم على الأرض بعد.
وترافق ذلك مع غصّة تمثلت في عدم التقاء أفراد العائلة على مائدة الإفطار في اليوم الأول من رمضان، في عادة درج عليها أهالي المخيم، كما باقي الصائمين في المناطق اللبنانية كافة؛ إذ حال تشتت أفراد العائلة بين أكثر من مكان، وتوزعهم بين مقيم في المدارس، أو في منازل الأهل والأصدقاء، إن كان في مخيم البداوي، أو في غيره من المخيمات الفلسطينية التي استقبلت أعداداً من عائلات النازحين.
وفاقم من صعوبة الأمر، ووصوله إلى حد اندلاع ثورة من الغضب داخل مخيم البداوي مساء أمس الأول، أن وجبات الإفطار التي عكف «تيار المستقبل» على تقديمها منذ نحو ثلاثة أشهر للنازحين، بعد خروجهم من المخيم إثر الأحداث التي اندلعت بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم «فتح الإسلام»، كانت على عكس ما وعدوا به، وخصوصاً لناحية تضمّنها وجبات لا تلائم الصائم الذي يتناول وجبة إفطار واحدة في اليوم، على اعتبار أن تأمين وجبة أخرى للسحور غير ممكنة.
لكن المفاجأة التي جعلت النازحين يستشيطون غضباً، كانت أن الوجبات الجاهزة احتوت صحنا بارداً من الأرز، وآخر من اللوبياء البائتة، وكوباً من اللبن تنبع منه رائحة كريهة، ما جعلهم يرمون بعض تلك الوجبات أرضاً، ويرفضون تسلم الوجبات الباقية، ساد بعدها موجة من الغضب والانفعال الشديد، لم يساهم في التخفيف منه إلا تدخل مسؤولي الفصائل واللجان الشعبية لتهدئة الخواطر، وإجراء بعض الاتصالات، التي أثمرت بعد نحو ساعة من موعد الإفطار استقدام وجبات إفطار أخرى، ساهمت إلى حد ما في تخفيف حالة الاحتقان والغضب. نازحون أشاروا لـ«الأخبار» إلى أنهم لا يطلبون من أحد شيئاً سوى العودة إلى منازلهم في مخيم نهر البارد، وعودة أفراد العائلة الواحدة إلى الالتقاء في شهر رمضان.
أبو علي ابراهيم النازح منذ الأيام الأولى للاشتباكات إلى مخيم البداوي، قال: «فليتركونا نعيش بسلام في شهر رمضان، وليعيدونا إلى المخيم، فإننا نفضّل العيش فيه ولو على الركام، ويكفينا في شهر رمضان حبة من التمر وكوب من التوت، فهما أفضل من كل المأكولات التي يضحكون بها علينا».
غير أن أم هاني شومان، وهي إحدى النساء اللواتي رفضن قبول الوجبات، اتهمت «طابوراً خامساً يقوم بسرقة المساعدات المقدمة إلينا، وإعطائنا بدلاً منها مساعدات منقوصة وغير جيدة»، متسائلة: «لماذا النازحون المقيمون في المدارس الرسمية في البداوي وضعهم جيد، في حين أن النازحين المقيمين في مدارس الأونروا يعيشون في ظروف بائسة، فهل هناك ناس بزيت وناس بسمنة حتى بين النازحين؟».
وعلى وقع الصراخ والاستنكار، ارتفعت أصوات تدعو «الأونروا» إلى إعطاء مبلغ 10 آلاف ليرة لكل صائم من النازحين يومياً، من أجل أن يتدبر أمره بنفسه، لأن الطعام المقدم إليهم لا يحترم مشاعرهم، ولا يحافظ على كراماتهم، فـ«نحن شبعنا رز وعدس ولوبيا، بدنا ناكل لحم وحلو»، يقول أحدهم بصوت مرتفع عند مدخل مدرسة كوكب في المخيم، معبّراً عن احتجاجه ومطالبه في الوقت نفسه.