طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
تمكّنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من توقيف الناطق الإعلامي في «فتح الإسلام»، أبو سليم طه، الذي يعدّ حتى اليوم الموقوف الأبرز من التنظيم، لبقائه داخل مخيّم «نهر البارد»، قريباً من دائرة القرار، منذ ما قبل المعارك، وحتى انتهائها بسيطرة الجيش على المخيم. ومن المرجّح أن يكشف طه، الذي تبين أنه فلسطيني سوري، لسلطات التحقيق العديد من أسرار «فتح الإسلام»


في خطوة مثّلت إنجازاً أمنياً مهماً للجيش اللبناني، بعد قضائه على تنظيم «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد، قد يسهم في فك اسرار التنظيم وارتباطاته، ألقي القبض فجر أول من أمس (السبت) على الناطق الإعلامي للتنظيم أبو سليم طه، احد ابرز اعضاء التنظيم الذي ادى دور صلة الوصل بين التنظيم والاعلاميين ورابطة علماء فلسطين، تحديداً في المفاوضات التي جرت أخيراً لإجلاء نساء المسلحين والجرحى، اضافة الى ثلاثة من اعضاء التنظيم الفارين، في موقع تدريب سابق كان المجلس الثوري التابع لحركة فتح يستخدمه في الثمانينيات عند اسفل سفح جبل تربل.
وفيما امتنع الجيش عن اعطاء اي تفاصيل عن عملية القبض أو التحقيقات الاولية التي اجريت مع الموقوفين لديه، مكتفياً ببيان مقتضب بهذا الخصوص «حرصاً على سرية التحقيق واستكمال عملية ملاحقة المسلحين الفارين، وعلى رأسهم قائد التنظيم شاكر العبسيط حسب ما أوضح مصدر عسكري، توافرت لـ«الأخبار» من مصادر أمنية وفلسطينية وشهود عيان معلومات توضح جوانب عن كيفية فرار المسلحين من المخيم فجر اليوم الاخير من المعركة، والسبل التي سلكوها، في انتظار أن تكشف التحقيقات التي ستجرى معهم المزيد عن مصير بقية اعضاء التنظيم وعلى رأسهم قائده شاكر العبسي، اضافة الى معلومات تتعلق بالتنظيم ككل، والمنتسبين اليه والمتعاطفين معه ومموليه وداعميه.
وكانت مديرية التوجيه في الجيش قد اكتفت في بيان لها بالقول «فجر اليوم (السبت)، وفي منطقة الشمال، تمكنت قوى الجيش من إلقاء القبض على مجموعة من أربعة عناصر من تنظيم «فتح الاسلام»، موزعين على الجنسيات التالية: فلسطيني وسوري وسعودي وتونسي ومن بينهم الناطق الاعلامي باسم التنظيم المدعو محمد صالح زواوي المعروف بـ«أبو سليم طه» الفلسطيني الجنسية».
إلا أن مصادر أمنية لفتت، بعد تضارب في المعلومات حول مكان اعتقال المجموعة المسلحة، الى أن «قوة من الجيش رصدت منذ ايام بواسطة الطوافات وجنود المشاة قاعدة عسكرية مهجورة عند سفح جبل تربل، في منطقة وعرة تقع فوق حقول خزانات نفط منشآت طرابلس في بلدة البداوي، وعلى بعد اقل من كيلومتر واحد من المدخل الشمالي لمخيم البداوي، الأمر الذي يرجح أن طه ومن معه كانوا يزمعون الدخول اليه».
وأشارت المصادر الى أن القوة العسكرية «شنت عند الرابعة من فجر السبت الماضي عملية انقضاض خاطفة على القاعدة، اثمرت اعتقال اربعة مسلحين من مسلحي «فتح الاسلام» كانوا قد هربوا من المخيم، من غير أي مقاومة تذكر من جانبهم»، من بينهم «ابو سليم طه، الذي تبين أنه فلسطيني من مخيم اليرموك (سوريا) اسمه محمد صالح الزواوي، والذي نجح في التخفي طوال 13 يوماً مع ثلاثة من رفاقه هم التونسي فتحي بن نصر العصابي، والسعودي عامر سالم سلمان الملقب بـ«أبي الحارث»، والسوري عمر محمد سلمان، اقتيدوا الى ثكنة الجيش في القبة، قبل أن ينقلوا الى فرع التحقيق في مخابرات الجيش اللبناني في مبنى وزارة الدفاع في اليرزة».
وعلى الرغم من عدم معرفة كيف استطاع هؤلاء البقاء نحو 13 يوماً في العراء بعد فرارهم، ومن اين أمّنوا طعامهم وشرابهم، خصوصاً أنه لم يكن في حوزتهم سوى اسلحتهم الفردية، اوضحت مصادر امنية مطلعة لـ«الأخبار» أن «مسلحي فتح الاسلام من الجنسيتين اللبنانية والفلسطينية سلكوا طريق مجرى نهر البارد وبحيرة عيون السمك عند المدخل الجنوبي من المخيم، والطريق الترابية والصخرية الوعرة الواقعة بين بلدة مركبتا وضهور بلدة بحنين باتجاه مخيم البداوي، مروراً بالموقع الذي ألقى فيه الجيش اول من امس القبض على المسلحين الأربعة، في اشارة الى ان هؤلاء كانوا على معرفة مسبقة بجغرافية المنطقة ومسالكها، على عكس المسلحين العرب والاجانب الذين تاهوا في طرقات المنطقة ومسالكها، فكان أن القي القبض عليهم في الايام الاولى من فرارهم».
على صعيد متصل، تمكن أهالي حي عين البرج في المنية من القبض على أحد عناصر «فتح الإسلام» الفارين ويدعى عبد العزيز المصري (سوري الجنسية)، حيث كان موجوداً بالقرب من الشاطئ مرتدياً ثياباً مدنية رثة، وفي حوزته ثلاث علب «تونة» وحبوب مغذية، وقام الأهالي بتسليمه إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي.
توقيف مجموعة أصولية في جدرا
وكانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني قد أوقفت 13 شخصاً في بلدة جدرا بإقليم الخروب، قالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إنهم ينتمون إلى «مجموعة إسلامية متشدّدة تتماهى مع تنظيم القاعدة». ونفت المصادر أن تكون مديرية المخابرات قد صادرت أسلحة أو متفجرات من الأفراد الموقوفين، مضيفة أنه لا علاقة لهم بممجموعة الزهراني التي أوقفها فرع المعلومات قبل أسبوع، كما لم تثبت التحقيقات حتى أمس وجود علاقة مباشرة لهم بـ«فتح الإسلام».
عائلات «فتح الإسلام» إلى الترحيل؟
وأفاد مندوب «الأخبار» في صيدا خالد الغربي، بأنه في خطوة بدت كأنها تؤذن بقرب ترحيل نساء مسؤولي «فتح الإسلام» وأطفالهم ممن يقيمون في مسجد دار الأرقم بصيدا، بات ملف هؤلاء في عهدة المديرية العامة للأمن العام، بعدما رفع الجيش اللبناني إجراءاته أمام المسجد وسحب كل عناصره، بمن فيهم العناصر الأمنية التي كانت تقف على بوابة المسجد.
وعلم أن الأمن العام باشر بعض التدابير والإجراءات الإدارية من أجل تسوية أوضاع هؤلاء على اعتبار أن جلهم مقيمون غير شرعيين، وقد جرت ليل السبت ـــــ الأحد محاولة من الأمن العام لنقلهم إلى مكان آخر، تردد أنه قد يكون أحد مراكزه، لكن رفض نزيلات المسجد وتفضيلهن البقاء فيه إلى حين الانتهاء من التدابير وإجراءات الترحيل، أدّيا إلى إلغاء خطوة النقل من المسجد.