هل ستسهم فحوص الـ«دي.أن.إي» الجديدة التي أُجريت على الجثة المرمّزة A16، الموجودة في مشرحة مستشفى طرابلس الحكومي، والمنسوبة إلى قائد تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي، في حسم الجدل بشأن هوية الجثة، وبالتالي مصير العبسي، أم أن الأمور ستدخل مجدداً في دوامة من الألغاز والترجيحات، من غير حسم أمر موضوع أخذ اهتماماً واسعاً في مختلف الأوساط؟وتأتّى هذا التساؤل بعدما أثبتت الفحوص المخبرية الجديدة أن «التحاليل التي أجريت على الهيكل العظمي للجثة بيّنت أنها تعود إلى شخص في العقد الثالث من العمر، في حين أن العبسي يبلغ 53 من العمر». وقد دفع ذلك قاضي التحقيق العدلي في أحداث مخيم نهر البارد القاضي غسان عويدات إلى استجواب زوجة العبسي مجدداً، رشدية العبسي، التي تراجعت عن أقوالها، وقالت إنها «قد تكون أخطأت»، وهو أمر دفع عويدات أيضاً إلى التوجه مرة جديدة نحو استجواب المشايخ الذين عاينوا الجثة.
وعلى الرغم من أن الفحوص المخبرية الأولى، التي أجريت أكثر من مرة بهدف مقارنة الحمض النووي الخاص بالجثة، مع الحمض النووي لأبناء العبسي وشقيقه، والتي أتت سلبية، فإن زوجة العبسي بقيت مصرّة على أن الجثة تعود إلى زوجها، وكذلك فعل المشايخ من أعضاء رابطة علماء فلسطين الذين عاينوا الجثة أيضاً، إلى أن جاءت الفحوص الأخيرة لتقطع الشك باليقين، ولتجبر زوجة العبسي على التراجع عن موقفها الأول.
وفي حين تعذّر الاتصال بعضو الرابطة الشيخ محمد الحاج لمعرفة موقفه من الموضوع، وخاصة أنه كان أحد أبرز الشخصيات التي التقت العبسي مراراً في مخيم نهر البارد أثناء المفاوضات مع «فتح الإسلام»، فإنه كان قد أوضح قبل ذلك بيومين أنه «متأكد من أن الجثة تعود بشحمها ولحمها إلى شاكر العبسي، وإذا أخطات أنا وبقية المشايخ في التعرّف على الجثة، فهل من المعقول أن تخطىء أم حسين (زوجته) في التعرف عليها؟»، قبل أن يضيف متسائلاً: «ماذا حدث بالفعل؟ لا أدري، ولماذا هذا التضارب بين الفحوص المخبرية ومعرفتنا بالجثة؟ لا أعلم، إنه لغز يثير الاستغراب فعلاً».
غير أن عضو الرابطة الآخر الشيخ علي اليوسف أشار في اتصال مع «الأخبار» أمس، إلى أن القاضي عويدات «لم يستدعِ أحداً من مشايخ الرابطة مجدداً لأخذ إفادته في هذا الموضوع، على عكس ما أُشيع في بعض وسائل الإعلام».
وإذا كان كل ما جرى طيلة الأيام الماضية قد أثار تساؤلات عدة بشأن ما إذا كانت زوجة العبسي ومشايخ رابطة علماء فلسطين قد تورّطوا في عملية تضليل الجيش والسلطات اللبنانية، من أجل تسهيل فرار العبسي، فإن مصدراً فلسطينياً مطّلعاً أشار لـ«الأخبار» بأن أحد المسلّحين الفارين، وهو اليمني ناصر الشيبة، أوضح بعدما ألقي القبض عليه قبل أيام أن «العبسي خرج من المخيم مع مجموعته، وكان بصحة جيدة ويرتدي حزاماً ناسفاً، وأنه لو صحّ أنه حوصر أثناء الفرار، وجرى التضييق عليه، لعمل على تفجير الحزام».
وأوضح المصدر الفلسطيني أن الذي «يفك لغز العبسي معرفة مكان ناصر إسماعيل والقبض عليه، لأن الأخير كان الغطاء الفلسطيني لتنظيم «فتح الإسلام» داخل مخيم نهر البارد، وهو عضو سابق في تنظيم «عصبة الأنصار» الموجود أساساً في مخيم عين الحلوة، وإن إسماعيل كان في السابق عضواً في المجلس الثوري لحركة فتح، الذي ينتمي إليه أغلب الفلسطينيين الذين التحقوا بصفوف «فتح الإسلام».
وتقاطعت هذه المعلومات مع معلومات مماثلة، أفاد بها مصدر أمني «الأخبار»، أن العبسي «خرج من المخيم بعد منتصف ليل السبت، في الأول من أيلول، قبل نحو ساعتين ونصف من محاولة الفرار الجماعي للمسلّحين»، إضافة إلى ما أشار إليه المسلّح الفار عبد العزيز المصري، السوري الجنسية، الذي أُلقي القبض عليه أمس في حي عين البرج في المنية، عندما لفت في التحقيقات الأوّلية معه، بحسب مصادر أمنية، إلى أن العبسي قد «وصل إلى الوجهة التي ذهب إليها!»، لكن من غير أن يحدد هذه الوجهة.
(الأخبار)