strong> بيسان طي
25 عاماً مرت أمس على مجزرة صبرا وشاتيلا، والذكرى التي كان من المتوقع أن تشكل محطة يجتمع فيها كل محبي فلسطين، جاءت لتعكس الانقسام والخلافات على الساحة الفلسطينية.
كل شيء تغير منذ وقعت المجزرة التي راح ضحيتها 5000 فلسطيني ولبناني، تبدلت التحالفات السياسية في لبنان، وزاد الحضور الأميركي في المنطقة، وتركز الخطاب الرسمي العربي على كيفية إقناع إسرائيل بمبادرة الملك عبد الله للسلام. والمخيم أيضاً تغير.
غاب عن الزواريب والطرقات القريبة من مخيم شاتيلا المئات الذين اعتادوا أن يحتفوا بالذكرى في مقبرة شهداء المجزرة. الإيطاليون الذين جاؤوا ليحيوا الذكرى عادوا إلى بلدهم يوم الجمعة الماضي بسبب حلول شهر رمضان، لكن البعض يقول إنهم غيروا برنامج الزيارة بعدما كثرت الخلافات الفلسطينية على الشخصيات التي ستلقي كلمات في المناسبة، وقيل إن ثمة من أصر على أن يلقي ممثل منظمة التحرير في لبنان عباس زكي كلمة كان آخرون رفضوا الأمر.
الساعة 11,00 صباحاً نظم «تحالف القوى الفلسطينية» اعتصاماً جماهيرياً حاشداً عند مقبرة شهداء صبرا وشاتيلا، حضره ممثلون عن الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية والمؤسسات الاجتماعية، والفرق الكشفية التي عزفت ألحاناً وطنية.
ألقى كلمة حركة حماس ممثلها في لبنان أسامة حمدان وقال إن المجزرة «هي وصمة عار بحق كل من خطط ونفذ وراقب عمليات القتل والإبادة الجماعية التي استهدفت المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء، وخاصة أنها جرت تحت مسمع جهات دولية لم تستطع أن توفر الحماية للمدنيين».
وأضاف: «إننا سعداء بانتهاء معركة نهر البارد، ونحن الفلسطينيين دفعنا ثمناً كبيراً أكثر من أي طرف، لذلك نريد إجراء تحقيق في ما جرى وتحديد المسؤوليات». ورأى «أن تعطيل عودة النازحين (من نهر البارد) يفتح الباب أمام المشاريع المشبوهة مثل إنهاء المخيم وإسقاط حق العودة».
وكانت كلمة للحاج أبو محمد حدرج عضو المجلس السياسي لحزب الله الذي طالب بإيواء النازحين من نهر البارد وبإعادة إعمار المخيم. ورأى «أن أي مماطلة من السلطة السياسية في إعادة النازحين والإعمار تشكل تواطؤاً ضد اللبنانيين والفلسطينيين».
ورأى أنه «عندما ينجح المؤتمر الدولي حول التسوية في الخريف المقبل سينتقل الخطر إلى قضية العودة، لأن الأميركي والفريق الحاكم المرتبط بالإدارة الأميركية والمؤسسات الدولية يعملان على إنتاج حلول وفق رؤية المجتمع الدولي».
وألقى كلمة التحالف أمين سر جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أبو خالد الشمال الذي وصف مجزرة صبرا وشاتيلا بأنها مجزرة القرن «وتدل على تعمد الدماء اللبنانية والفلسطينية».
عند الظهر انفضّ الاحتفاء وعادت الحركة في المخيم إلى روتينها. ففي صبرا وشاتيلا كل شيء تغير، أهالي معظم الضحايا رحلوا عنهما منذ سنوات طويلة، وقد تحولا من مخيمين للاجئين الفلسطينيين إلى مخيمين للهاربين من الفقر إلى مكان يمكن أن يستوعب الفقراء اللبنانيين والسوريين والوافدين من دول آسيوية وأفريقية. وقد انضم إليهم أخيراً لاجئون من مخيم نهر البارد.
بسرعة عادت الحركة إلى السوق الملاصق لمقبرة شهداء المجزرة، انتشر بائعو الخضار والملابس الرخيصة، وصدحت في الأرجاء أغاني الموجة الشبابية الجديدة، أصوات المغنين تبثها مكبرات الصوت. شبان جاؤوا ليحتفوا وحدهم بالمناسبة، كان المشهد محزناً. بضعة شباب يقفون أمام باب المقبرة، يحدقون في الصور واللافتات ويتلفتون بحثاً عمن «يشاركهم البكاء»، يسألون: «كيف نتذكر هؤلاء الذين خبروا أبشع أنواع الذبح وتُركت جثثهم في العراء أياماً؟»، ثمة من أجابهم بأن الأحوال في فلسطين هي بوصلة الاحتفال بالذكرى... والفلسطينيون في الضفة وغزة والقطاع منقسمون.