بعلبك ـ علي يزبك
يُعَدُّ منزل محمد باشا حيدر من المنازل التراثية القليلة التي بقيت صامدة في مدينة بعلبك، وأمكن المحافظة عليها، بالرغم من تاريخ بنائه القديم الذي يعود إلى الحقبة العثمانية في القرن التاسع عشر. ويعد اليوم موقعاً تراثياً أثرياً نظراً لطريقة بنائه والزخرفة الفنية الموجودة بداخله، وخصوصاً النقوش المحيطة بمدخله الرئيسي، وهي تشبه تلك التي تزين معبد باخوس داخل قلعة بعلبك، وسيُحَوّل قسم من هذا المنزل إلى مكتبة عامة.
يتألف المنزل الذي يتكون سقفه من القرميد من ثلاثة أقسام: قسم الاستقبال (سلملك) وهو الجزء الخارجي من البناء ويتألف من ثلاث قاعات استقبال مع خدماتها، وتتمتع هذه القاعات (صالونات) بزخرفتها الداخلية المميزة من رسوم جدارية وديكورات من الجفصين تزين سقفها. وأهم مكونات هذا القسم هو باب الاستقبال الرئيسي الحجري المزخرف والمنحوت بشكل فني دقيق جداً. ومواضيع زخارفه تعود إلى الفترات الكلاسيكية الرومانية حيث نجد المواضيع والنقوش المستخدمة في باب معبد باخوس، ما يحمل على الاعتقاد أن هذا الباب هو أثري قديم وأعيد استخدامه ووُضع في هذا المكان لتزيين مدخل المنزل.
أما القسم الداخلي (حرملك) فمعد لسكن العائلة ويتألف من عدة غرف ويخلو من أية زخارف، حيث يعتقد أنه فقدها تاريخياً لعدم جدوى الحفاظ عليها بعد إجراء عمليات صيانة قديمة للمنزل، وهذا ما يدل عليه سقف البناء الإسمنتي حيث أزيل القرميد القديم واستبدل بآخر حديث.
الباحة الخارجية للقصر تصل بين قسمي البناء، وهي جزء لا يتجزأ من هندسة البناء التقليدية، تتوسطها بركة مياه مصنوعة من الحجر مستديرة رائعة الجمال.
وهناك جزء من الحديقة في الفناء الخلفي كان مخصصاً لإسطبل لخيول أصحاب المنزل وقسم منفصل عنه لخيول الضيوف ويجري تحويله اليوم إلى مستودع لبعض المكتشفات الأثرية، وخصوصاً النواويس الحجرية على أنواعها.
ونظراً لأهمية هذا المنزل التراثية والآثار الموجودة بداخله قامت المديرية العامة للآثار باستملاك البناء، واستُعمل مقراً لقائمقام بعلبك لفترة طويلة. وكذلك استُعملت قاعاته لإقامة دورات ثقافية للطلاب في أواسط السبعينات.
وحُوِّل قسم السكن في المنزل إلى مكاتب للمديرية العامة للآثار ومركز استقبال للبعثات الأثرية المختلفة التي تفد إلى محافظة بعلبك الهرمل.
وأوضح مدير المواقع والأبنية الأثرية في لبنان المهندس خالد الرفاعي، أن وزير الثقافة طارق متري وافق على تحويل قسم الاستقبال في المنزل إلى مركز ثقافي يضم مكتبة عامة متطورة ووفق تنظيم حديث، ومن شأن إقامة هذا المركز أن يتيح لأكبر عدد من المواطنين زيارة هذا المعلم التراثي الأثري والاطلاع على جماله الرائع.
وأكد رئيس بلدية بعلبك بسام رعد أن توقيع الاتفاق مع وزارة الثقافة سيتم في وقت قريب جداً لإنشاء المكتبة العامة الأولى في المدينة من حيث شموليتها، وستقدم وزارة الثقافة الكتب والتجهيزات، فيما ستقوم البلدية بالصيانة العامة وتأهيل قاعات المكتبة وتعيين أمين للمكتبة، والهدف من ذلك إبراز الوجه الحضاري للمدينة وفسح المجال للمطالعة للجميع وفتح هذا المعلم التراثي والأثري أمام المجتمع البعلبكي بدل أن يبقى مغلقاً.