غسان سعود
تبدو الرابية، خلافاً لما يشاع، مطمئنة الى ما ستؤول إليه الانتخابات الرئاسية في نهاية المطاف، ويبدي مستشارو العماد ميشال عون تفاؤلاً وجزماً بأن «الطريق إلى بعبدا تمر بالرابية حتماً». ويؤكد أحد هؤلاء أن لهجة العماد عون، في مقاربته للاستحقاق، ستزداد حدّة كلما اقترب موعده، مشيراً إلى أن استنفار «التيار الوطني الحر» وخوضه معركة استثنائية، بكل المقاييس، مطلع الشهر الماضي في انتخابات المتن الفرعية، تحت عنوان رفض تهميش موقع رئاسة الجمهورية، كان مجرد بروفة لما ستكون الأمور عليه إذا قررت «الأكثرية» النيابية «المضي في قرارها تهميش موقع الرئاسة بكل ما يحمله من رمزية
مسيحية».
وفي انتظار الاستحقاق، تعدّ قيادة «التيار الوطني الحر» دراسة مفصّلة عن واقع «التهميش المسيحي»، مؤكدة أن «ثمة خطة مبرمجة، بدأت باتفاق الطائف، تستهدف الطائفة المسيحية تحت عناوين وشعارات متعددة».
ويتهم القيادي في «التيار» جبران باسيل «بعض الأفرقاء اللبنانيين» بـ«استثمار كل ظرف اقليمي أو دولي بهدف تحقيق مزيد من الإقصاء للمسيحيين، وتحجيم مشاركتهم في السلطة، وتحويلهم إلى مواطنين من فئة ثانية في كل مفاصل الدولة السياسية والتربوية والاقتصادية». ويتابع: «إن الأفرقاء الذين جهدوا منذ الطائف لتهميش المسيحيين سعوا بعد الخروج السوري إلى اخضاع العماد عون سياسياً لفرض منطق التسوية عليه وعلى الغالبية المسيحية المنضوية تحت عباءته».
من هنا، يقول باسيل، «سيقارب التيار الاستحقاق المقبل كمحطة مفصلية في منع أسلمة البلد والإجهاز الكامل على دور المسيحيين». ويوضح أن الدراسة التي يعدّها «التيار» تشمل خمسة عناوين رئيسية:
1ـــــ في السياسة: ستقدم الدراسة أرقاماً وتفاصيل حول أربعة بنود رئيسية أولها قانون الانتخابات وتمثيل المسيحيين في المجلس النيابي وماذا بقي من المناصفة، وثانيها يتعلق بدور المسيحيين في التركيبة الحكومية وعددهم وفاعليتهم، خصوصاً أن اتفاق الطائف تحدث عن الثلث الضامن بصفته ضمانة للمسيحيين، وثالثاً رئاسة الجمهورية، حيث بات أمراًَ مشاعاً الكلام على هذا الموقع بصفته منصباً بروتوكولياً، اضافة إلى تقرير خاص عن وجود المسيحيين الديموغرافي والسياسي والاقتصادي في العاصمة بيروت.
2ـــــ في الديموغرافيا: ستسلط الدراسة الضوء على قانون التجنيس الذي أدى إلى أكبر تغيير ديموغرافي مدفوع الثمن في لبنان، والتوطين، والفضائح المتعلقة بملف المهجرين ومنع عودتهم إلى الجبل، إضافة إلى ثلاثة ملفات عن بيع الأراضي والهجرة والأحوال الشخصية (صعوبات التسجيل، عدم اعطاء الجنسية لمستحقيها، منع المغتربين من الاقتراع).
3ـــــ في الادارة: وضع المسيحيين في وظائف الفئة الأولى وأعدادهم في الادارات العامة، خصوصاً في شركة كهرباء لبنان وبلدية بيروت وادارة المرفأ ووزارة التربية وطيران الشرق الأوسط وهيئة «أوجيرو» والسلك الدبلوماسي (توزيع السفراء) والجامعة اللبنانية والأجهزة الأمنية.
4ـــــ الملف الاقتصادي: يعكف خبراء وباحثون على درس وضعية التركيبات الاقتصادية التي استحدثها فريق الرئيس رفيق الحريري الاقتصادي وأبقاها تحت سيطرته المباشرة مثل مجلس الانماء والاعمار، سوليدير، سوكلين، إيدال، أوجيرو، والهيئة العليا للاغاثة التي وسعت مهماتها باتجاه تزفيت الطرقات وغيرها من الخدمات الانتخابية الضيقة، علماً أن هذه الهيئة تتبع رئيس الحكومة وما من رقابة عليها من أية جهة كانت. إضافة إلى عرض معلومات عن المؤسسات القائمة والتي وضع فريق الحريري يده عليها وأبرزها مطار بيروت والمنطقة الحرة، طيران الشرق الأوسط، ومرفأ بيروت.
وستعرض الدراسة أيضاً واقع المؤسسات التي غيبت لعدم قدرة هذا الفريق الاقتصادي نفسه على وضع يده عليها، وأبرزها المجلس الاقتصادي الاجتماعي ومؤسسة ضمان الودائع.
ويشير باسيل إلى «استهداف منظم خلال السنوات الماضية للقطاعات الانتاجية التي يمسك بها المسيحيون، وخصوصاً القطاع الصناعي». ويستشهد بكلام لـ«أقطاب تيار المستقبل» في أواخر التسعينيات على «طائف اقتصادي» للقول إن «ضرب كبار الرأسماليين المسيحيين وإبعادهم كان خطوة أساسية تمهد لإقصاء المسيحيين سياسياً».
5ـــــ الطابع المدني للدولة: وتشير الدراسة التي باتت في مرحلة متقدمة الى «محاولات عدة من الفريق الحاكم اليوم»، بحسب باسيل، لـ «المسّ بالطابع المدني للتشريع اللبناني (شرعة حقوق الطفل في الاسلام) إضافة إلى تسجيل ملاحظات على المنهج التربوي، والمجموعات والجمعيات السلفية التي تستبيح كل شيء وتغير الطابع المدني لبعض المدن».
وفي موازاة انهماك عشرات المحامين والباحثين (غير العونيين بالضرورة) في جمع المعلومات، تؤكد مصادر التيار أن «ما لم يسمح به في انتخابات لملء مقعد نيابي شاغر، لن يمرر في انتخاب رئيس على مستوى الوطن.
وفي هذا السياق سيكون كلام المطارنة الموارنة على الأسلمة جزءاً من الحملة للحفاظ على آخر مواقع القرار المسيحي».