strong>رايــس تــؤكــد للجميّــل «التــزام» أميــركا «معــركــة الحريــة والســيادة والاستقــلال»

لبّت مختلف المناطق الدعوة الى الاضراب والحداد الوطني استنكاراً لاستشهاد النائب انطوان غانم، فأقفلت المؤسسات التربوية أبوابها وتوقفت المصارف عن العمل، وكذلك عدد كبير من المحال التجارية. وتدفق، منذ العاشرة صباحاً، سيل من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والحزبية والنقابية ورجال الدين والوفود الشعبية الى صالون كنيسة القلب الأقدس في بدارو، لتقديم التعازي باستشهاد غانم ومرافقيه طوني سمير ضو ونهاد غريب. فيما تواصلت ردود الفعل المنددة بالجريمة، وأجمعت على استهدافها جهود الحلّ، داعية الى الرد عليها باستكمال المبادرات الوفاقية وإنجاز الاستحقاق الدستوري.
واستقبل الرئيس امين الجميل السفير الأميركي جيفري فيلتمان الذي قدم له التعازي، وصرح بعد اللقاء بـ «أننا أبدينا أسفنا لتواصل مسلسل الاغتيالات والاجرام في لبنان. وجرى خلال اللقاء اتصال هاتفي بين وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس والرئيس الجميل بعدما أبدت رغبتها في التحدث معه، وقدمت التعازي له باسمها وباسم الحكومة الأميركية وأكدت له التزام اميركا دعم لبنان في معركة الحرية، السيادة، الوحدة والاستقلال لترسيخ الديموقراطية. والديموقراطية تعني الحرية ولا تعني مواصلة الاغتيالات والاجرام بحق القادة اللبنانيين، فالذين يرتكبون هذه الاعمال ليسوا اصدقاء لبنان. وقد أكدت الوزيرة رايس صداقتنا للبنان والتزامنا حماية الديموقراطية فيهكذلك استقبل الرئيس الجميل السفير المصري الجديد أحمد البديوي الذي نقل اليه تعازي مصر حكومة وشعباً، وتلقى اتصالات تعزية، أبرزها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون، المفتي محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، النائب حسن فضل الله الذي قدم التعازي باسم الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، والنواب: وليد جنبلاط، بهية الحريري، غسان تويني، بطرس حرب، فؤاد السعد، مروان فارس ونادر سكر، الوزير والنائب السابق جان عبيد، النائب السابق الدكتور أنطوان حداد، الوزير السابق وديع الخازن. وقدم التعازي رئيس المجلس الماروني ريمون روفايل، السفير السابق جوني عبدو، رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، رئيس حزب «التضامن» اميل رحمه.

ردود الفعل

وقد تواصلت ردود الفعل المنددة، أمس، فرأى وزير الاتصالات مروان حمادة أن الجريمة استهدفت مبادرة الرئيس نبيه بري وبيان المطارنة الموارنة واجتماع المجلس النيابي الثلاثاء المقبل والمحكمة الدولية، مشدداً على أن «الجواب الأنجع عليها إجراء الاستحقاق الرئاسي والبقاء على المبادرات سواء مبادرة الرئيس بري او قوى 14 آذار كي لا نقع في الفخ الذي نصبه النظام السوري للرئيس بري بمقدار ما نصبه للنائب الشهيد واللقاء الديموقراطي وحزب الكتائب». وأكد أن نواب «الأكثرية» سيلاقون الرئيس بري الى جلسة الثلاثاء، متمنياً عليه وعلى قادة الكتل ملاقاة «الاكثرية» الى المجلس لفتح الحوار ولتأمين النصاب لانتخاب الرئيس من الدورة الاولى.
وعزّى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد باسمه الشخصي وباسم «اخواني في كتلة الوفاء للمقاومة» عائلة «الزميل والصديق» النائب انطوان غانم وأهله وذوي الضحايا البريئة، وحزب الكتائب ورئيسه الاعلى، مؤكداً أن الجريمة «تستهدف التوافق الذي نصبو اليه والذي يدعونا اليوم بإلحاح الى مواصلة المساعي والجهود لإنجاح المبادرات الانقاذية للبلاد ولا سيما مبادرة الرئيس نبيه بري التي نأمل الاصرار على متابعتها وندعمها وصولًا الى انجاز الاستحقاق الرئاسي بشكل دستوري يحقق جمع شمل اللبنانيين ويؤسس إعادة بناء مشروع الدولة وتحقيق الاستقرار في لبنان».
ورأى النائب نسيب لحود أن «يد الجريمة ارادت وتريد دفع لبنان الى الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية»، فيما رأى الامين العام لـ«كتلة التحرير والتنمية» النائب أنور الخليل في الجريمة «محاولة مفضوحة لإجهاض المبادرة الوفاقية التي أطلقها الرئيس نبيه بري». وقال رئيس «الكتلة الشعبية» النائب الياس سكاف «فقدنا مجاهداً صلباً من اجل استقلال لبنان»، ودعا الى «تفويت الفرصة على الجريمة المنظمة والإرهاب، وذلك برصّ الصفوف وتعزيز التماسك الوطني وتشديد متانة الوحدة الوطنية الداخلية».
ودان الجريمة أيضاً الرئيس حسين الحسيني، الوزير فوزي صلّوخ، النواب: أسامة سعد، أنطوان زهرا، ياسين جابر، علي عسيران، هاغوب بقرادونيان، قاسم هاشم، أنطوان سعد، أحمد فتوح، مروان فارس، أكرم شهيّب، فيصل الصايغ، نبيل نقولا، نعمة الله ابي نصر، الكتلة النيابية القومية الاجتماعية، نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس، النواب السابقون: طلال المرعبي، فيصل الداوود، تمام سلام، عبد المجيد الرافعي، بهاء الدين عيتاني، صالح الخير، ورئيس «حركة الشعب» نجاح واكيم الذي لفت الى ان «الاتهامات تتطاير عشوائياً من دون أن تتحدد ولو لمرة واحدة الجهة التي ترتكب هذه الجرائم».
ورأى رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان أن «الجريمة تستهدف مساعي إيجاد حلول إنقاذية للوضع اللبناني المأزوم»، معتبراً «أن المستفيد الوحيد من ذلك هم الذين لا يريدون إنقاذ البلاد والعباد ويحلمون بالعودة إلى الحرب الأهلية».
ونوّه الامين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الوزير السابق فايز شكر بـ «الخصال الحميدة للراحل»، آسفاً للتصريحات وردود الفعل التي «لا نرى فيها الا استمراراً واستكمالاً للمخطط الذي أدى الى استشهاد النائب غانم». وقال ان «بيان السفارة الاميركية استغلّ الجريمة ليرسم للبنان مواقفه وخياراته».
كذلك شجب الجريمة رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي، رئيس المكتب السياسي لـ «الجماعة الاسلامية» علي الشيخ عمار، رئيس «المؤتمر الشعبي» كمال شاتيلا، رافي مادايان باسم «شبيبة جورج حاوي»، الحزب الشيوعي اللبناني، حركة «أمل»، حزب «الطاشناق»، حزب البعث، تيار «المردة»، الحزب السوري القومي الاجتماعي، رئيس «تجمع الاصلاح والتقدم» خالد الداعوق، حزب «الرامغافار، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، الرابطة اللبنانية للروم الارثوذكس، نقيب الصحافة محمد بعلبكي، نقيب المحررين ملحم كرم، تجمع اللجان والروابط الشعبية، حزب «وعد»، جبهة العمل الاسلامي، «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية»، «حركة التوحيد الاسلامي»، رئيس بلدية صيدا عبد الرحمن البزري، رئيس «مركز بيروت الوطن» زهير الخطيب، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عباس زكي، اضافة الى شخصيات دينية وسياسية وحزبية ونقابية.
وحذّرت الهيئة التنفيذية للمجلس الأعلى لطائفة الروم الكاثوليك إثر اجتماعها الدوري في عين تراز برئاسة البطريرك غريغوريوس الثالث، «من الفوضى الدستورية والفراغ السياسي وارتداداته الخطيرة»، ودعا الى «إجراء الانتخابات في موعدها واعتبارها مسؤولية برلمانية وواجباً وطنياً».




14 آذار تدفع بالإستحقاق الرئاسي إلى التدويل
أسفر اللقاء الموسّع الذي عقدته لجنة المتابعة لقوى 14 آذار عن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى «تحمّل مسؤولياته الدستورية والسياسية، بالعمل على تأمين انعقاد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مرفقة بقرار يقضي بـ«التوجّه» الى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة لمطالبتهما بـ«اتخاذ القرارات والتدابير التي تؤمّن الاستحقاق الرئاسي وتحمي الجمهورية اللبنانية»، مع مطالبة الدول التي «حاولت إقناع» النظام السوري بتغيير سياسته تجاه لبنان بـ«اتخاذ موقف حاسم تجاه سوريا».
وبعد ساعتين على الاجتماع الذي جمع أعضاء لجنة المتابعة ونوّاب 14 آذار، في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، أمس، اعتلى المنبر النائب السابق فارس سعيد ليذيع البيان الصادر عن المجتمعين، والذي استُهلّ بتوجيه أصابع الاتهام في جريمة اغتيال النائب أنطوان غانم باتجاه النظام السوري الذي «اتخذ قراره الحاسم بإسقاط الجمهورية اللبنانية، من خلال ضرب الأسس التي تقوم عليها»، إذ «طلب من أنصاره تصعيد احتلالهم لوسط العاصمة، حيث المجلس النيابي، وكلّف أجهزته المخابراتية مهمة تصفية النواب جسدياً لفرض استحالة انتخاب رئيس جديد للبلاد، في وقت تستمر فيه في استباحة الحدود بتهريب السلاح وتصدير المخرّبين وتنظيم عمليات التدريب والتسلّح لضرب الاستقرار».
وإذ رأى البيان أن اغتيال النائب غانم «استهدف حركة 14 آذار كلها، وخصوصاً حزب الكتائب اللبنانية»، دعا جميع اللبنانيين الى «وقفة وطنية، لحماية الجمهورية وإنهاء الحرب الجديدة التي يشنّها النظام السوري على لبنان منذ أكثر من سنتين».
وفي هذا الإطار، طالب البيان الرئيس برّي بـ«موقف حاسم من الاحتلال القائم بجوار المجلس النيابي، الذي هو اليوم واقعياً تحت سيطرة قوى غير شرعية»، و«تسليم أمن المجلس ومحيطه الى المؤسّسات الشرعية في مقدّمة موضوعية لتأمين الانتخاب وسلامة النواب». كذلك طالب نوّاب المعارضة بـ«موقف أخلاقي»، يقضي بـ«التضامن مع الضحية ضدّ الجلاد، والكفّ عن سياسة التبرير الدائم للنظام القائم في سوريا حيال الجرائم التي يرتكبها بحق زملاء لهم»، و«الالتزام» بما جاء في النداء الثامن لمجلس المطارنة الموارنة، في شأن عدم مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
ورداً على سؤال عن مطالبة قوى 14 آذار جامعة الدول العربية والأمم المتحدة بحماية الاستحقاق، أوضح سعيد أن هذه المطالبة تنبع من كون «لبنان عضواً مؤسّساً في جامعة الدول العربية، منذ 1948»، من دون أن يتطرّق الى دور الأمم المتحدة في هذا المجال.
ومعتبراً أن «القناع سقط» عند اغتيال النائب غانم، لجهة إيصال رئيس توافقي الى سدّة الرئاسة، رأى سعيد أن هذا الاستحقاق بات متركّزاً حول سؤال «هل سننتخب رئيساً جديداً للبلاد أم لا»، بعيداً عن أي «معركة دستورية أو فقهية أو أدبية حول تفسير الدستور».
وفي شأن وضع سوريا في خانة الاتهام، قال سعيد: «نحن نتهم النظام السوري بكل الاغتيالات التي حصلت منذ 14 شباط 2005.. وأكّدت هذا الاتهام السياسي من جانبنا التقارير التي صدرت عن لجنة التحقيق الدولية، والتي أكّدت ترابط الجرائم بعضها مع بعض، وأشارت بوضوح بأصابع الاتهام في اتجاه النظام السوري. وإذا كانت هناك تفاصيل، فهي متروكة للقضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية. فاتهامنا هو اتهام سياسي».
الى ذلك، قرّر اللقاء إقامة جنازة للنائب الشهيد أنطوان غانم ورفيقيه نهاد غريب وطوني ضو، عند الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم، على أن تقام مراسم التشييع في كنيسة القلب الأقدس ـــــ بدارو، مع تشديد المجتمعين على ضرورة أن يكون في وداع الشهداء «أكبر حشد ممكن من أحزاب قوى 14 آذار وتياراتها».




جنبلاط يدعو واشنطن والمجتمع الدولي إلى «صيغة» لحماية الاستحقاق

تلقّى النائب وليد جنبلاط اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ومساعدها ديفيد ولش، عزّياه باستشهاد غانم. وشدّد جنبلاط في الاتصالين، بحسب بيان للحزب التقدمي الاشتراكي، على ضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي، وعدم السماح بتعطيله على يد النظام السوري وحلفائه في لبنان، بهدف انتخاب رئيس استقلالي جديد يحمي مسيرة السيادة والحرية، ويحترم القرارات الدولية، داعياً إلى التفكير بصيغة حماية يقدمها المجتمع العربي والدولي والأمم المتحدة لتمرير الاستحقاق، وللحؤول دون استمرار النظام السوري وحلفائه في سياسة القتل والاغتيال السياسية».
كذلك تلقّى جنبلاط اتصالاً من السفير السعودي عبد العزيز خوجة، أكد خلاله جنبلاط «تقدير الدور الكبير للمملكة العربية السعودية في كل المراحل السابقة والحالية»، مذكّراً بـ«الحماية التي قدمتها للحكومة اللبنانية، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، عندما حاولت المعارضة المدعومة من النظامين السوري والإيراني اقتحام السرايا الكبيرة، حيث منع التدخل الحاسم للمملكة حصول ذلك، وجنّب لبنان الدخول في حرب أهلية، فضلاً عن الدعم الكبير الذي قدمته المملكة في إقرار المحكمة الدولية، حتى وفق الفصل السابع، تأكيداً على كشف الحقيقة ومعاقبة المجرمين».
وأكد جنبلاط «ضرورة تأمين مظلة عربية ودولية لحماية لبنان من السقوط في المحور السوري ـــــ الإيراني عبر الممارسات المتواصلة التي يمارسها حلفاء هذا المحور داخل لبنان، وتعطيل المؤسسات واحتلال الساحات، وتخطي كل السقوف السياسية التي يحددها النظام الديموقراطي والبرلماني، لمنع تمرير الاستحقاق الرئاسي الذي ينطوي على معانٍ خاصة تتصل بالخيارات السياسية الكبرى في لبنان».
الى ذلك، شن اللقاء الديموقراطي هجوماً عنيفاً على الرئيس نبيه بري و«ما يسمى» كتلة الوفاء للمقاومة، و“النظام السوري، مطالباً بـ«وضع الاستحقاق الرئاسي تحت حماية المجتمع العربي والدولي»،.
ورأى اللقاء في بيان النعي الذي أصدره أمس، أن استهداف غانم «محاولة متجددة من النظام السوري لإعادة الإطباق على لبنان ومؤسساته على مشارف الاستحقاق الرئاسي»، داعياً «المجتمع العربي والدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة، والتحرك لمنع هذا النظام من استكمال مخطط تعطيل الانتخابات الرئاسية، عبر استهداف المزيد من النواب». ورأى أن فشل هذا المجتمع «في حماية الاستحقاق الدستوري، والسماح للنظام السوري بإمرار مخططاته الإرهابية في حق لبنان، ستكون لهما نتائج كارثية في لبنان والمنطقة، لأنه سيعني فوز التطرف والإرهاب ومنطق القتل والإجرام على منطق الدستور والحريات والديموقراطية والعدالة».
ودعا بري «إلى تحمل مسؤولياته الدستورية، بما هو أبعد من الإدانة الكلامية لعمليات الاغتيال المتلاحقة للنواب»، وإلى «السعي السياسي الجدي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بعيداً عن المحاولات الالتفافية والمبادرات الوهمية، ومن خلال تأمين أمن النواب بدل الإقرار باحتلال الساحات المحيطة، عبر اعتصام فارغ شكلاً ومضموناً». ووضعه «أمام مفترق كبير ومنعطف مهم: إما أن يستطيع تحقيق رغبات اللبنانيين بإجراء انتخابات رئاسية حرة وديموقراطية بعيداً عن الاشتراطات التعطيلية التي يقف وراءها النظام السوري وحلفاؤه في لبنان، وإما أن يفشل في ذلك ويستمر في سياسة تجهيل الفاعل وتعطيل الاستحقاق، مع ما لذلك من نتائج كارثية».
ورأى أن «التطورات المتلاحقة أسقطت كل الأقنعة، وبيّنت أن ما يسمى المعارضة ليس سوى امتداد حسي وعسكري وأمني للنظامين السوري والإيراني، وأن استمرار سياسية اغتيال وتصفية النواب، وفرض الشروط التعجيزية، وممارسة كل أشكال التعطيل، هي اغتيال للصيغة اللبنانية وللنظام الديموقراطي في لبنان، ومحاولة مفضوحة لجر لبنان إلى أحلاف تتعارض مع تكوينه وثقافته وقيمه».
(الأخبار، وطنية)

حرش تابت يوم نكبته: حرب حقيقية ... بل هي نار جهنم

  • أتوا من المهجر لزيارة أمّهم فاستشهدت أمامهم وجولييت فاجأها الزجاج بنزيف وجو فقد سمعه


  • لم تستفق منطقة حرش تابت من صدمتها. بذهول ويأس وإحباط، يعاين السكان والعابرون مسرح الجريمة الذي امتلأ بركام الأبنية المتصدعة والأثاث الذي خرج من أحشاء المنازل والمحال التجارية، كما أشلاء الشهداء الذين سقطوا لذنب وحيد هو مرورهم القدري في المكان لحظة التفجير

    «أين الدولة تلتفت إلينا ؟». لهذه العبارة معنى جدي وواقعي بعيداً عن المسرح والاسكتشات التلفزيونية. قُرع «ناقوس الخطر» من حرش تابت هذه المرة، فسادت أجواء السأم من الأزمة السياسية والاشمئزاز من الأوضاع، إضافةً إلى مشاعر الإحباط والانكسار التي تستحوذ على نفوس معظم اللبنانيين.
    قُطعت الطرقات المؤدية إلى مفترق حرش تابت ـــــ الحايك ـــــ سن الفيل، وبدا مشهد الدمار مماثلاً للمشاهد التي عاشها سابقاً سكان الأشرفية وفردان جرّاء انفجارين. وتكرّر المشهد، إلا أنّ المواطنين اعتادوا الأمر، فلم يهجروا بيوتهم ليلاً ولم ينتابهم الذعر عند سماع دوي الانفجار الذي أودى بحياة كثيرين.
    زجاج محطّم ومتناثر، شبابيك وأبواب مخلّعة، سيارات محروقة، جدران مهدّمة، مواطنون ينقذون بعض الأثاث، القوى الأمنية تزنّر المكان ولا تشدّد طوقها الأمني، إضافةً إلى المشاهد الأخرى التي باتت روتينية بعد عمليات التفجير.
    في عمارة «حديديان»، كانت سيدة تستقبل أولادها وأحفادها الآتين من المهجر، وتشرب القهوة معهم بفرح كبير على شرفة منزلها. تحولت قهوة الاستقبال إلى قهوة «رحمة» بعد الانفجار، إذ أصيبت السيدة بشظايا أدّت إلى استشهادها على الفور أمام عيون أولادها وأحفادها.
    صاحبة محل لبيع ثياب الأطفال، تخبر عن الموظفة في محلها التي أصيبت بجروح بالغة في مختلف أنحاء جسدها، وخضعت لعملية جراحية في أذنها واحترقت سيارتها. وشبّهت صاحبة المحل المشهد بـ«الحرب الحقيقية»، مشيرة إلى أننا «رجعنا عشر سنوات إلى الوراء». أما جولييت خوري التي أصيبت بنزيف حاد جرّاء سقوط زجاج نافذة غرفة الجلوس في منزلها، ووقع الباب على زوجها المصاب أصلاً بكسر في وركه، ونُقلا معاً إلى المستشفى اللبناني الكندي، ففي رأيها أن ما حصل يشبه «نار جهنّم» .
    ولم تقتصر الإصابات على سكان المنطقة، بل طالت أيضاً المارين في هذا الشارع الأساسي في المتن، حيث ينتقل كثيرون عبره من مكان العمل إلى المنزل، كما هي حال سمير مسعد وابنه جو. والقصة أخبرتها الزوجة والأم التي تتوسط المصابَين في غرفة المستشفى، حيث يعانيان من حروق وكسور، وفقد جو السمع، وكان البيك آب وسيلة النقل الأسرع إلى المستشفى في هذه الحال.
    قلّة من سكان حرش تابت غادرت المنطقة أول من أمس، وتوجّهت إلى منازل الأقرباء لتبيت فيها. «خفنا على الأولاد»، تقول جانيت التي انهمكت في لملمة الزجاج من كل أرجاء المنزل. الصوت كان مخيفاً، والمنزل لا يبعد سوى عشرات الأمتار عن مكان التفجير، فأصيب ابناها بالذعر الشديد، ما دفعها للتوجه إلى الأشرفية، حيث أمضت الليل عند أختها. وتتساءل جانيت، مثل سائر اللبنانيين، عن سبب وقوع هذه الأحداث الأمنية: «هل المطلوب أن نهاجر ونترك وطننا»، وتجيب بنبرة عصبية «نحن المسيحيين لن نترك هذه الأرض، ولن ينجح أحد في إخافتنا».
    في حرش تابت، ثمة إجماع على أنّ الطائفة المسيحية هي المستهدفة الأولى من هذه الأحداث. وبشبه إجماع ، أُطلقت الاتهامات المباشرة إلى «السوري وعملائه الذين يريدون الرجوع بنا إلى أيام الحرب والهيمنة السورية». عند زاوية أخرى، وقفت منى الجبيلي أمام مشهد الدمار، تأملّت جيداً السيارات المحروقة والأضرار، تساءلت بدورها عن سبب تعريض المدنيين للأذى «عند التعرّض لسياسيين»، وطرحت السؤال القاسي: «ماذا لو كان ابني ماراً من هذا المكان؟ بكَفّي خراب ودمار وقهر وتعتير»، «أصبحنا على الأرض»، وعبارات عديدة أخرى أطلقتها الجبيلي، متمنيةً نقل الصورة الحقيقة للواقع الذي يعيشه جميع اللبنانيين. أما منى، فقد رفضت اتّهام أي طرف بارتكاب هذه العمليات الإرهابية، واكتفت بالقول: «لا أعرف من المسؤول، إلا أنه بالتأكيد عدو جميع اللبنانيين».
    لم يزر أي زعيم أو نائب أو مسؤول مكان التفجير، خلافاً للعادة. غاب السياسيون عن ساحة الجريمة، خوفاً على أنفسهم، «لكن يا ليتهم يعلمون أننا ما عدنا نثق بأحد منهم ولا نؤيد أي طرف»، يقول طوني الذي خسر معظم بضائع محله التي قدّرها بأنها تفوق المئة ألف دولار. طوني، مثل سائر المواطنين الذين خسروا أثاثهم ومملتكاتهم، لم يعد ينتظر أي دعم من الدولة، إذ «ثمة تجارب عديدة». مسألة التعويضات على المتضررين سئم الأهالي من طرحها، فغابت مطالبة الدولة، وتوجّه كل منهم إلى حزبه السياسي ليعوّض خسائره، فيما يرى أحد المواطنين «أننا لسنا أفضل من أهل الضاحية»، مشيراً إلى أنّ المصائب تجمع الجميع.
    في حرش تابت، عبّر عدد من أصحاب المؤسسات والمحال التجارية الكبيرة عن قلقهم من ضمّ هذه الجريمة إلى المحكمة والتحقيق الدوليين. «ستُقطع الطريق وتُنصب الخيم»، ما سيقضي على تجارة هؤلاء الأشخاص.
    قُرع «ناقوس الخطر»، وبات اللبنانيون على «شفير الهاوية» في كل المجالات والاتجاهات. وإطلاق سؤال «أين الدولة؟»، لم يعد مطروحاً أساساً.




    بوش يدين «النمط» ويتهم سوريا وإيران وحلفاءهما بزعزعة لبنان

    تواصلت ردود الفعل الدولية والعربية، المندّدة باغتيال النائب أنطوان غانم، والمجمعة على اعتباره يستهدف الاستحقاق الرئاسي والاستقرار. مع تمايز أميركي لليوم الثاني على التوالي بالحديث عن «نمط» في الاغتيالات.
    فقد دان الرئيس الأميركي جورج بوش «الاغتيال الشنيع»، وقال «يأتي هذا الهجوم الجبان قبل أيام من الموعد المقرر لاجتماع البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للبلاد». ورفض «أي محاولات لتخويف الشعب اللبناني، وهو يسعى إلى ممارسة حقه الديموقراطي في انتخاب رئيس دون تدخل أجنبي»، مضيفاً «سنواصل الوقوف كتفاً الى كتف مع الشعب اللبناني وهو يقاوم محاولات النظامين السوري والإيراني وحلفائهما لزعزعة لبنان وتقويض سيادته».
    ورأى أن هناك «نمطاً مفجعاً» باستهداف الذين يحاولون «الدفاع عن رؤيتهم لحكومة مستقلة ديموقراطية». ودعا الأسرة الدولية «إلى دعم الحكومة اللبنانية في جهودها لإحالة منفذي أعمال العنف هذه على القضاء، والبقاء الى جانب مواطني لبنان الذين يواصلون كفاحهم في الدفاع عن حريتهم».
    وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إن الاعتداء «غير مقبول»، ويهدف «إلى تهديد استقرار لبنان». وذكرت المتحدثة باسمه ميشال مونتاس أنه «صُدم» بالحادث، ويدعو اللبنانيين «إلى التحلّي بأكبر قدر من الهدوء في هذا الظرف الحرج، وإفساح المجال أمام الإجراءات القضائية لمواصلة عملها». كما حضّ «الآن وأكثر من أي يوم مضى، على مواصلة الحوار بين جميع اللبنانيين».
    ورأت كندا أن التفجير «اعتداء على الاستقلال والاستقرار والديموقراطية في لبنان»، حاثّة اللبنانيين «على مواصلة مقاومة الذين يسعون الى ضرب استقرار بلدهم، ومتابعة جهودهم لإيجاد حل سياسي للأزمة الراهنة».
    كذلك دانت الصين الجريمة، وأملت «أن تحقق كل الأطراف في لبنان، مصالحة عبر الحوار والتفاوض لكي تستعيد البلاد الاستقرار».
    واستنكرت أوستراليا «اغتيال السياسي والمعارض البارز لسوريا»، معتبرةً أنه «محاولة جبانة لتهديد الديموقراطية في لبنان، وكذلك الانتخابات الرئاسية بطريقة غير مباشرة».
    وقال المنسق الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، إن اغتيال غانم «جريمة خسيسة».
    عربياً، رأى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، أن الجريمة «تستهدف تأجيج نيران الفتنة في لبنان، وتعويق مسيرة الحوار والتفاهم والاستقرار». ودعا اللبنانيين إلى «وحدة الصف لتفويت الفرصة على العابثين بأمن البلاد»، آملاً «ألّا يعود هذا العمل الإجرامي بلبنان الى المربع الصفر».
    وندّد الملك الأردني عبد الله الثاني «بالجريمة البشعة التي تستهدف أمن واستقرار لبنان»، معرباً عن التضامن مع لبنان وشعبه في هذه الظروف الصعبة.
    ودعا وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، اللبنانيين، إلى «تفويت الفرصة على الجهات التي ارتكبت هذه الجريمة، بضبط النفس والوقوف صفاً واحداً، والمضي قدماً في الحوار الوطني واستكمال الاستحقاقات الدستورية».
    وشجب الجريمة أيضاً، الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، مناشداً اللبنانيين «العمل على توحيد الصفوف واستكمال الحوار الوطني وانتخاب رئيس على أساس التوافق».
    كذلك، دانت تركيا «هذا الهجوم الإرهابي الذي يهدف إلى تهديد أمن لبنان وبالتالي كل المنطقة».
    (أ ف ب، رويترز، يو بي آي)




    مواقف


  • الحص: الدولة عاجزة


  • رأى الرئيس سليم الحص في تصريح باسم منبر الوحدة الوطنية (القوة الثالثة)، أن الناس جميعاً «فُجعوا بالجريمة المروعة». وقال إن «المؤلم أن كل هذه الجرائم النكراء تمر من دون عقاب، لا بل تمر من دون التعرف إلى الجناة، وهذا قلّما كان له نظير في العالم. الدولة تفقد صفتها إذا ما عجزت عن ضبط الأمن ولو في حدوده الدنيا. والأمن في لبنان أضحى مفتقَداً على وجه فاضح وغير مسبوق للأسف الشديد».

  • التكتل الطرابلسي: الرد بحماية أجواء الحل


  • أكد التكتل الطرابلسي في بيان أمس، أن «استمرار مسلسل الإجرام لضرب وحدة اللبنانيين، لن يثنينا عن مسيرة الاستقلال التي استشهد من أجلها رجال من خيرة اللبنانيين». ورأى أن اغتيال النائب غانم يهدف إلى تعطيل الانتخاب الرئاسي وعرقلة الجهود الرامية إلى إخراج لبنان من أزمته السياسية، وأن «المهم الرد على هذه الجريمة بالمزيد من التصميم على الخطوات الآيلة إلى منعة لبنان وصيانة وحدة أبنائه وحماية أجواء الحل الذي ينبغي العمل له بكل قوة».

  • الرابطة المارونية: ضربة موجعة للمساعي


  • رأت الرابطة المارونية أن الاغتيال «ضربة موجعة تسدد إلى المساعي الجارية من أجل إتمام الاستحقاق الرئاسي في أجواء توافقية». ودعت الرئيس نبيه بري والبطريرك نصر الله صفير إلى «مواجهة الإجرام المتمادي بالإصرار على الاستمرار في مساعيهما الخيّرة، وتوسيع حلقة التشاور للوصول إلى التوافق المنشود الذي يقي لبنان مزيداً من الشرور والويلات».