صور ــ آمال خليل
يبدو أنّ توصيات دراسة الأمم المتحدة بشأن العنف ضد الأطفال التي قيل إنّها حرّكت الرأي العام للدول المعنية، لم تكن كفيلة بردع أحد الآباء عن تعنيف طفله البالغ من العمر عاماً ونصف وجعله يشرب مشروبات كحولية معه بالحد الأدنى، بحسب والدته التي قدمت شكوى قبل أيام قليلة لاتحاد حماية الأحداث التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية. وقد بدأت الإجراءات القضائية بحقه التي تصل إلى إصدار القاضي قرار حماية للطفل من أبيه. ولأنّها واحدة من عشرات الحوادث المسجلة وغير المسجلة يومياً، ولأنّه لا فرق في مستويات العنف بين الدول المتقدمة والنامية بحسب الدراسة، إنما الفرق في سبل المواجهة والحماية، وجد كل من المجلس الأعلى للطفولة ووزارة الشؤون الاجتماعية ضرورة عقد ورش عمل في المناطق، كان أولّها في صور لدراسة التوصيات وجمع المعلوماتمن الجمعيات الأهلية العاملة في مجال العنف ضد الأطفال بغية الوصول إلى تأليف لجنة متابعة مشتركة تعمل على إقرار قوانين الحماية والوقاية من العنف في الأسرة والمدرسة والشارع. وتتألف اللجنة من المشاركين من القطاعين الرسمي والأهلي لجمع الموارد البشرية والمؤسساتية لتحديد النقص والحاجات الخاصة بكل منطقة لتأمينها، كما يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للطفولة إيلي مخايل الذي يقرّ رغم الجهود المبذولة، بسوء الواقع المحكوم بالعادات والأعراف والقيم الموروثة. ويؤكد مخايل أهمية التنسيق مع الشركاء الآخرين كوسائل الإعلام للرصد والمحاسبة ومع الأهل لرفع مستوى الوعي واستبدال أساليب العقاب، وكذلك مع الدولة لتعديل القوانين المتعلقة بحقوق الطفل وحمايته، وهو ما يجري خلال الأشهر المقبلة عبر ورش عمل وإعلانات ولقاءات لوضع استراتيجية متكاملة لحماية الأطفال من العنف.
في ورشة صور، أجمع ممثلو الجمعيات الأهلية على أن العنف مضاعف ضد أطفال المنطقة بسبب الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وعدم الشعور بالأمان. وكانت عشرات الهيئات المحلية والدولية قد أغدقت على الأطفال منذ نهاية عدوان تموز ببرامج دعم نفسية واجتماعية لمعالجة ما بعد الصدمة، سعت من خلالها إلى التأثير على المحيط أيضاً للتخفيف من حدة العنف. ولأنّ دراسة الأمم المتحدة أفردت فقرة خاصة بممارسات العنف في المدارس وتوصيتها بضرورة استخدام استراتيجيات التدريس الخالية من العنف، لتكون المناهج متوافقة مع اتفاقية حقوق الطفل وتدريب الأساتذة على البدائل الإيجابية الحديثة للعقاب، أسهب المجتمعون في الحديث عن اعتماد برامج ومشاريع خاصة للطلاب في المدارس. وبالفعل، للسنة الثانية ستنطلق مع بداية العام الدراسي، سلسلة برامج تقوم بها بعض الجمعيات في المدارس الرسمية خلال الدوام الرسمي بإذن من وزارة التربية، ومنها مشروع «من طفل إلى طفل» الذي يستمر في 17 مدرسة في منطقة صور، والذي يقوم بحسب علي سلام من جمعية نبع، على تشارك الأطفال في حل مشاكل بعضهم بدعم من أساتذتهم الذين تلقوا بدورهم تدريباً تربوياً في أساليب التعامل مع الطلاب، إضافة إلى نشاطات ترفيهية وتثقيفية وفنية تستهدفهم.
وإذ أجمع الحاضرون على تشجيع الأطفال أو الشهود للتبليغ عن حالات العنف التي يتعرضون لها، تبرز الحاجة إلى «وجود مراكز حماية يلجأ إليها المعنّف للحصول في النتيجة على إحصاء دقيق لنسبة العنف الممارسة والتمكن من حمايتهم»، بحسب مسؤولة حماية الأطفال من العنف في المجلس الأعلى للطفولة سناء عواضة. وإلى ذلك الحين تم الاتفاق على العمل على تغيير القيم والأعراف التي تحكم أساليب العقاب المنتشرة في الأسر ضد الأبناء وفي المدارس ضد الطلاب، وهو أمر، إن لم يكن مستحيلاً، فإنه بعيد المنال.