البقاع ــ نيبال الحايك
تنتشر في منطقة البقاع العشرات من المزارات التي يقصدها الناس من جميع الطوائف لإيفاء نذر أو ما شابه من معتقدات أصبحت في صلب يوميات المواطن.
والمزارات في بعض مناطق البقاع تحمل أسماء «أولياء صالحين» عبروا السهل أو أقاموا فيه.
لم تستطع المرجعيات الدينية في البقاع على مختلف اتجاهاتها تحديد عدد المقامات الدينية المنتشرة في المنطقة، وهي بالتالي تجهل في بعض الأحيان وجود مقامات في بعض القرى حوّلها الأهالي إلى مزارات يومية تُعَدُّ زياراتها واجباً لإيفاء نذر أو طلب تمنٍّ.
لكن أكثر ما يلفت الانتباه هي الأسماء التي تطلق على بعض من المقامات «البقاعية» التي تبقى جذورها مجهولة. ففي بلدة قب الياس ومنطقتها أكثر من مقام ومزار تحمل أسماء لا أحد أعطى تفسيراً أو توضيحاً لها. فمقام «أبو برغشة» اسمه محط تساؤل العديد من الأهالي. و«أبو برغشة» من المقامات التي توارثها الآباء والأبناء عن الأجداد من دون معرفة من هو هذا «الولي الصالح»، لكن المقام يتذكره كبار السن قائم في البلدة منذ قرابة قرن من الزمن. ويؤكد عدد من أبناء قب الياس أن «أبو برغشة» من أولياء الله الصالحين وهو موجود منذ 90 عاماً. ولا أحد يعرف مصدر التسمية أو تاريخ هذا «الولي الصالحويروى في قب الياس أن سيدة ذهبت لتزور المقام فاعترض ابنها على هذه الزيارة حيث أخذ يصرخ ويسخر من المقام و«في الليل هاجمه البرغش تاركاً آثار لدغاته في أنحاء جسمه». ويتابع رواة بالقول إنه «بعد هذه الحادثة أطلق على المزار أو المقام اسم أبو برغشة». ويقول الحاج توفيق قمر (75 عاماً) وهو من المهتمين بوضع المقامات والمزارات في قب الياس إن هنالك روايات كثيرة، لكنها لا تمت إلى الحقيقة بصلة و«نحن لا نعرف بعد سر إطلاق تسمية أبو برغشة على المقام»، ويوضح أن «أحداثاً كثيرة حصلت مع أشخاص كانوا يزورون مقام أبو برغشة، وبعض القصص تقول إن أي حيوان كان يقترب من المقام وحرمه كان ينفق بعد أسبوع».
ومن المقامات أو المزارات الدينية في منطقة قب الياس مقام «الشيبانه» الموجود منذ أكثر من 800 عام على حد قول بعض كبار السن في المنطقة الذين يوضحون أن مزار «الشيبانه» كان يزوره مؤمنون كل يوم خميس حيث يتجمعون حول المقام ويأتي «الشيخ العدوي ممتطياً فرساً ويبدأ بالدوس على أشخاص ينامون على الأرض».
ومزار أو مقام «الشيبانه» لا أحد بعد يعرف مصدر الاسم أو تاريخه الحقيقي. فالمزار ما زال يستقبل مؤمنون لإيفاء نذر أو طلب تمنٍّ وتحقيق حلم، أما ما كان يجرى من حوله من عادات صوفية المصدر فقد انتفت بشكل نهائي تقريباً. لكن كل من يؤم ويزور المقام اليوم لا يعرف من هو أو هي «الشيبانه».
ومن المقامات أيضاً مقام الشيخ حسن «الراعي» على طريق المرج ـــــ حوش الحريمة. فالمقام يعرف عند العامة في المنطقة باسم مقام حسن الراعي. وتقول الأحاديث إن حسن الراعي جاء من منطقة قطنا السورية، وإنه كان رجلاً تقياً وورعاً وصالحاً، ووافته المنية فدفن في المنطقة وتحول قبره إلى مزار باسم حسن الراعي.
تكثر الحكايات عن «معجزات» صاحب هذا المقام. وتقول إحداها إن الطريق هناك لم تستطع كل أفكار المهندسين في تسويتها، فأمام المقام دوماً توجد انهيارات في الطريق و«لا أحد يعرف بعد السر» على حد تعبير أحد رجال الدين في المنطقة.
أما مقام «السيد ياقوت» الموجود في أول قب الياس و«هو من أولياء الله الصالحين» فتحول إلى مزار يقصده «مؤمنون» لتمني الشفاء من أي مرض وللدعاء، وهذا المقام يعود إلى رجل صالح يدعى ياقوت العرشي. والعرشي نسبة إلى «اتصاله بالعرش السماوي».
ومن حكايات المقامات في البقاع حكاية عن مقام «الشيخ عبد الله» في بلدة مكسه. وتقول إحدى سيدات البلدة إن كل من يعتدي على شجرتي تين وزيتون بجانب المقام يحدث له مكروه. وتقول أم أحمد إن أحد أقربائها «راح وقطع جذوع من شجرتي التين والزيتون، فأصيب في اليوم الثاني بفالج لم يشف منه».