رندلى جبور
يتحدث عن اللوحات الإعلانية المنتشرة في بيروت ليأسف أنها تصوّر جميعها الحجر لا البشر، ويصف لبنان بـ«الوهج الذي ينير الدنيا»، حتى تنسى للحظة أن محدّثك كفيف وليس ثمة ما يذكّرك إلا نظارات سود على وجه جميل لكن مشوب بالتشوهات، وبعض الآلات الإلكترونية التي لا تستخدمها إلا تلك الفئة من الناس.
يأبى الدكتور فؤاد حسّون إلا أن يستقبلك على مدخل مؤسسته Mediaped التي ترك سويسرا وفرنسا من أجل بنائها في لبنان بعدما شعر «أنّه يعطي في المكان الخاطئ»، وهي تهتم بوضع برامج إلكترونية باللغة العربية خاصة بالمكفوفين حتى يتمكنوا من إكمال تعليمهم بأي اختصاص أرادوه ويتفوقوا في ميادين عدة.
ويغوص حسّون في مسلسل حياته الذي كان الحدث الأبرز فيه انفجار فرن الشباك في 21 كانون الثاني 1986 حين أصيب إصابة بالغة كانت نتيجتها فقدان البصر الكلي، وكان حينها طالباً في كلية الطب، التي لم يكن يحبها إنما دخل المجال تلبية لرغبة أهله المهجرين من بلدة بريح الشوفية.
لم يقبل حسّون حالته، فانتقل إلى سويسرا حيث دخل مجال الكومبيوتر واكتشف عالماً جديداً عشقه، فعمل في شركات خدمات
كومبيوتر.
أسس حسّون جمعية «لبنان الرسالة» التي تجمع أعضاء من مختلف الطوائف، ويرفض حسّون أن يكون زعيماً على المكفوفين في لبنان، مؤكداً أنّه لم يتمكن من التواصل معهم لأنهم يحتاجون دائماً إلى رئيس «وأنا برفض إلعب هالدور». ثم يضيف أن هذه الحالة تصيب كل اللبنانيين لا المكفوفين فقط علماً «إنو كل لبناني عامل حالو زعيم». وينتقد حسّون وضع المكفوفين في لبنان لجهة اعتبار أنفسهم أقل شأناً «فإما يرأسون جمعيات خاصة بهم وإما يتوظفون بالواسطة ويحصلون على رواتبهم من دون أي عمل». ويشرح: «بدي كل كفيف يرتفع لمستوى الاستقلالية التامة، لكن هني ما وصلوا إلا للاستقلالية التقنية». وفي زيارة لمقر الجمعية يشرح حسّون كيفية عمل كل آلة حيث تعتمد جميعها على الصوت، وكيفية استخدام هذه الفئة من الناس لبرامج «الويندوز». كذلك يؤكد مدير أحد الأقسام أنّهم في طور التحضير لمكتبة إلكترونية خاصة
بالمكفوفين.