وفاء عواد
أرجئت بعد 25 دقيقة... ومدّدت الترقّب 28 يوماًَ

قبل أن تشير عقارب ساعة النجمة الى الحادية عشرة، أصدرت الأمانة العامة لمجلس النوّاب قراراً بتأجيل الجلسة التي كانت مقرّرة لانتخاب رئيس للجمهورية الى الثالث والعشرين من تشرين الأول المقبل، وذلك لـ«عدم اكتمال النصاب»، مرفقاً بالدعوة الى جلسة في 16 منه لانتخاب أعضاء لجان المجلس الدائمة. ففي جلسة هي الأكثر كلفة في تاريخ ممثلي الشعب، من حيث الانتقال من فنادق العالم إلى الفندق الأغلى في لبنان، والتنقّل بسيارات «الدفع».. الرباعي، وقطع الطرقات والأنفاس، واستنفار كل الأجهزة الأمنية وعناصرها، إضافة إلى تكاليف التغطية الإعلامية المحلية والعربية والأجنبية، حضر النصف زائداً واحداً وثلاثة، بمن فيهم المعترضون على هذا النصاب، وأربعة من «الضفة الأخرى» لتأكيد المشاركة والدعوة إلى التوافق، واكتمل المشهد بحيادي واحد.. اندمجوا وتحدّثوا وتبادلوا الأخبار الخاصة، قبل أن يقطع عليهم هذا الجو إعلان تأجيل الجلسة لمدة 28 يوماً كافية للتوافق، وربما لإعادة التوزّع على العواصم والفنادق وحبس الأنفاس أو قطعها مرة أخرى.
وإذ أشار إلى عدم إيمانه الشخصي بـ «التوافق بين النقيضين»، مع القول «إذا كان هناك من توافق، فلكل حادث حديث»، وعد جنبلاط بـ«الاستمرار في المواجهة السلميّة الديموقراطية»، وذلك بعيداً عن «النزاع من أجل ما يسمّى التوافق».
وإذا كان جنبلاط قد قال كلمته ومشى سيراً على الأقدام في الاتجاه المؤدّي الى ساحة الاعتصام «الهادئة»، فإن الوزير غازي العريضي «المنزعج» غادر مسرعاً، مكتفياً بالقول للصحافيين: «منشوفكن بعدين». فيما خرج المرشّح الرئاسي النائب روبير غانم «مرتاحاً» للأجواء «الإيجابية»، ومشدّداً على أهمية «الانتقال من القطيعة الى التواصل».
أمّا في الداخل، فكان المشهد مغايراً، ومتطابقاً مع أجواء غانم: لا تشنّجات، و«الارتياح» وحّد التعابير المرتسمة على معظم الوجوه، موالين ومعارضين ومحايدين، والأحاديث الجانبية لم تخرج عن إطار «مباركة النجاح» الذي حقّقه «عرّاب الحوار» الرئيس نبيه برّي بالتأجيل «الإيجابي» للجلسة، التي أوجدت «تخريجة» للموقف وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب»، وذلك، وسط ارتفاع ملحوظ لمنسوب التفاؤل، الذي كان النائب سعد الحريري أبرز المعبّرين عنه.
وإذا كان نوّاب المعارضة قد حضروا لمواكبة الاستحقاق الرئاسي، وكسر أربعة منهم حدّة المشهد الواحد في القاعة العامة (علي بزّي، علي حسن خليل، أيّوب حميّد، وعاصم عراجي)، حيث شاركوا زملاءهم الـ68 الموالين، إضافة الى النائب الحيادي بيار دكّاش، أجواءهم «المرحة»، فإن نوّاب الموالاة حضروا بأحيائهم مع صور الشهداء الستة التي استقرّت مع الأعلام اللبنانية فوق مقاعد كانت لهم يوماً.
وبعد أقلّ من ثلاثين دقيقة، التزم الجميع مغادرة القاعة العامة، ولم يُثنهم عن هذه الخطوة إصرار النائب نقولا فتوش على البقاء، وهو الذي كان، على ما يبدو، يحاول البحث عن «فتوى دستورية» تتحدّى العدد الذي لم يتجاوز الـ73.
وفي بهو المجلس، أطلّ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ليعلن أن مجيئهم «لم يكن بحثاً عن منصب، ولا نزاعاً على موقع»، بل كان «صموداً في وجه القتلة، وحماية للاستقلال»، واعداً بـ«السعي الى الحوار البنّاء والنقاش العملي مع جميع الكتل النيابية المعارضة، من أجل إنقاذ لبنان واستحقاق رئاسة الجمهورية من خطر الفراغ والانقسام الداخلي».
وفي حديثها الى «الأخبار»، أعربت الوزيرة نائلة معوّض عن «ارتياحها» حيال المرحلة الأولية، لأن «لا غنى عن الحوار»، وعن «سرورها» باللقاء الذي تمّ بين النوّاب في «الأجواء الوديّة»، خاتمة بالتأكيد: «قبل 24 تشرين الثاني، سيكون هناك رئيس جديد للجمهورية»، مع الإشارة الى استمرارها في الترشح لهذا المنصب.
بدوره، وضع عضو كتلة «المستقبل» النائب سيرج طور سركيسيان الخلوتين اللتين جمعتا برّي والحريري في خانة «التشاور الجيد لمصلحة البلد»، واصفاً الأجواء في المجلس بـ«المنيحة»، قبل أن يهمّ في المغادرة «راجعين عالفينيسيا».
وفي تصريح أدلى به، رأى النائب جورج عدوان أن حضور الموالين الى المجلس حمل 3 رسائل: «اغتيال النواب لن يؤثّر على تأدية دورنا وواجبنا الوطني، الاحتفاظ بحقوقنا الدستورية وبممارستها في الوقت المناسب، إذ لا تناقض بين الانفتاح على الحلول وممارسة الحقوق الدستورية، وتأييد لتمنّي المطارنة والبطريرك مار نصر الله صفير بعدم مقاطعة أي جلسة لانتخاب الرئيس»، خاتماً بالقول: «يجب أن نتفاءل بالمستقبل». فيما لوّح النائب سمير فرنجية بالانتخاب بالنصف زائداً واحداً «إذا لم يتأمّن التوافق في الجلسة المقبلة».
في المقابل، جدّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن، في حديث الى «الأخبار»، إشارته الى أن عدم حضور المعارضة في القاعة «حق دستوري»، وهو جاء بناءً على «عدم إتمام التوافق على اسم الرئيس، وكي لا نؤمّن لهم النصاب»، و«حضرنا لنثبت أننا لسنا مقاطعين»، فيما لفت النائب بزّي الى أن دخوله والنواب الثلاثة الآخرين جاء «إثباتاً للمشاركة، وتأكيداً على التوافق في مقاربتنا للاستحقاق الرئاسي».
ووفق قراءته، رأى النائب مروان فارس أن ما ما جرى في المجلس النيابي، أمس، أكّد عدة مسائل: «المجلس لن يُعقد إلا بأغلبية الثلثين، المشاورات ستتم باتجاه مبادرة بعلبك التي أعيد إحياؤها، ضرورة أن تتحمل القوى الدولية والعربية مسؤولياتها، وتفادي «عرقنة» لبنان من خلال مبدأي الثلثين والتوافق»، مثنياً على «نجاح» الرئيس برّي في تأجيل الجلسة.
وفي أول موقف معلن له من المجلس النيابي، بعد انسحابه من كتلة «المستقبل»، اختصر النائب مصطفى حسين رؤيته للاستحقاق الرئاسي بالقول: «نحن نرفض الفراغ الدستوري، ونتمسّك بمرشح المعارضة، ونؤكّد ضرورة تأمين نصاب الثلثين».
وكان النائب دكّاش أكثر السعداء بـ «اجتياز النواب الامتحان العسير، بالتوافق»، و«هذا ما يؤكّد النهج الذي أؤمن به وأتّبعه بين جميع الأفرقاء»، معرباً عن سروره حيال الأجواء التي ذكّرته بأيام الطائف «لقاء وعناق داخل القاعة... وتبادل الأخبار الخاصة من روحية الاتفاق».
وبعيداً عن أجواء المجلس، صدر عن المكتب الإعلامي لنائب رئيس مجلس النواب مكاري، في وقت لاحق، بيان أوضح فيه أن إشارة الأمانة العامة للمجلس الى عدم اكتمال النصاب «خبر منافٍ للحقيقة»، لأن «الجلسة لم تُعقد أصلاً، ولم يفتتحها رئيس مجلس النواب، كي ترجأ بسبب عدم اكتمال النصاب».
أما الردّ فجاء على لسان الرئيس برّي، عبر «تلفزيون لبنان»، موضحاً: «انتظرت في مكتبي اكتمال النصاب لأتوجّه الى القاعة وأترأّس الجلسة. وعندما مرّ الوقت وأبلغت بعدد النواب الحاضرين والنواب الغائبين، طلبت الإعلان عن تأجيل موعد الجلسة الى الثالث والعشرين من تشرين الأول».




خلوتان «إيجابيتان» بين برّي والحريري

على مدى ساعة وخمس دقائق، توزّعت على مرحلتين قبل الجلسة وبعدها، شهد مكتب الرئيس نبيه برّي خلوتين جمعتاه ورئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، وأسفرتا عن ترجمة فوريّة للمحادثات التي جرت بينهما، إذ انتهى اليوم الحدث في ساحة النجمة باستهلال الرئيس برّي مشاوراته مع كتلة «الوفاء للمقاومة»، في حضور خمسة نواب من كتلة «التنمية والتحرير».
وإثر الخلوتين، أطلّ الحريري على الصحافيين مرتاحاً، ليعلن أن «الأجواء إيجابية وتوافقية»، وهي تؤسّس لحتمية «انتخاب رئيس جمهورية لجميع اللبنانيين». وإذ شدّد على «السير قدماً» في المبادرة التي أطلقها برّي، ختم تصريحه المقتضب بالقول: «أنا متفائل».
وكان النائب ميشال المرّ قد دخل على خطّ المحادثات التي كانت تدور في مكتب الرئيس برّي، خلال خلوته الثانية مع الحريري، موضحاً لـ «الأخبار» أن هذه المحادثات تركّزت حول «أسس المشاورات» التي ستجرى، إذ «كان هناك رأي يقضي بأن يجري الرئيس برّي مشاورات ثنائية مع الكتل النيابية، فاقترحت أن تتمّ المشاورات على مستوى رؤساء الكتل النيابية».
وانطلاقاً من اطلاعه على ما دار خلال الخلوتين من أحاديث، أفاد عضو «تكتّل التغيير والإصلاح» النائب آغوب بقرادونيان «الأخبار» بأن الحريري كان «إيجابياً جداً»، مشيراً الى أن برّي سيبدأ مشاوراته الفعلية مع رؤساء الكتل، ابتداءً من يوم غد.
وبالعودة الى اللقاء الذي عقده الرئيس برّي، على مدى ساعة، مع وفد «الوفاء للمقاومة» الذي ضمّ النواب محمد رعد، حسين الحاج حسن، حسن فضل الله، علي المقداد ومحمد شرّي، فإنه اندرج في إطار «المشاورات القائمة، قبل الجلسة وبعدها»، على حدّ تعبير المقداد، مشيراً الى أنه «لم يكن مخصّصاً لاتخاذ موقف أو قرار»، بل «وضعنا الرئيس برّي في أجواء لقائه بالحريري التي كانت إيجابية»، مضيفاً: «الرئيس برّي كان مرتاحاً حيال ما أبداه الحريري، ولا سيما دعوته الى الوفاق والتوافق».
وفي إطار المشاورات، أشارت مصادر قريبة من برّي الى أن اللقاءات الثنائية التي سيعقدها مع رؤساء الكتل النيابية «ستبدأ غداً الخميس»، في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة.
فولار «الثورة» و«رشوة» معوّض

كان عضو «كتلة التنمية والتحرير» سمير عازار أول الوافدين الى المجلس (الساعة التاسعة والنصف)، فيما كان النائب وليد جنبلاط أول المغادرين، برفقة ثلاثة نواب من كتلة «اللقاء الديموقراطي»، وأكمل طريقه سيراً على الأقدام في الطريق المؤديّة الى ساحة الاعتصام.
  • تولّى النائبان محمد الحجّار وجمال الجرّاح، اللذان كانا أول الواصلين من نواب الموالاة، مهمة نقل لوحة الى المجلس، كتب عليها «غيِّبنا قسراً.. لا تغيبوا طوعاً»، و«انتخبوا الجمهورية. لا تقاطعوا الوطن»، حاملة صور الشهداء رفيق الحريري، باسل فليحان، جبران تويني، وليد عيدو وأنطوان غانم. لكن عدم تمكّنهما من تثبيتها في المدخل المؤدّي الى مكتب الرئيس برّي، لأسباب تقنية، اضطّرهما الى حملها لمدة عشرين دقيقة، وعرضها أمام الصحافيين، قبل أن تنجدهما مساعدة بعض الحاضرين.

  • ... وقبل أن يغادر نوّاب الموالاة ساحة النجمة، تحلّق 13 منهم حول اللوحة التذكارية التي «رسا» تثبيتها على درج المجلس، لالتقاط الصور التذكارية، ومنهم النائبة بهية الحريري.

  • بعد غياب «قسري»، عادت فولارات «ثورة الأرز» البيضاء والحمراء الى رقاب نواب الأكثرية، وبعضهم لم يطقها طويلاً فحملها في يده أو «زيّن» بها الميكروفونات!.

  • حمل الوزير مروان حمادة الدستور والعلم اللبنانيين، إضافة الى عرضه صورة النائب غانم قائلاً للصحافيين: «هيدا أنطوان». بينما وصلت النائبة غنوة جلّول وهي ترفع صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري والعلم اللبناني، واكتفت النائبة صولانج الجميل بحمل صورة الوزير الشهيد بيار الجميل.

  • فيما أتى نوّاب المعارضة مستقلّين سياراتهم الخاصة، تولّت 40 سيارة رباعيّة الدفع من نوع «شيفروليه سيبوربان»، تقدمة السفارة السعودية، نقل النوّاب الموالين من والى فندق «فينيسيا»، واستخدم عدد من هذه السيارات للتمويه. فيما لوحظ وصول البعض الآخر في سيارات مستأجرة، ومنهم المرشّحان للرئاسة النائبان بطرس حرب وروبير غانم.

  • بعد ربع ساعة على إعلان تأجيل الجلسة، وصل النائب ميشال المرّ على رأس وفد من «تكتّل التغيير والإصلاح»، ضمّ النواب الياس سكاف، حسن يعقوب، آغوب بقرادونيان ونعمة الله أبي نصر.

  • غادرت النائبة ستريدا جعجع ساحة النجمة مستقلّة سيارة مستأجَرة، رافضة الإدلاء بأي تصريح. وذلك، بعد انهماكها بالحديث عن «الريجيم» مع إحدى الصحافيات.

  • من أجل أن يؤمن لها الدخول الى مكتب برّي، طبعت الوزيرة نائلة معوّض قبلة على خدّ النائب علي بزّي.

  • شهد مقرّ المجلس حضوراً إعلامياً فاق المتوقّع، لا سيما الغربي منه، إذ أشارت التقديرات الى أن عدد مندوبي الوسائل الإعلامية وصل الى حدود الـ500.




  • غسان سعودstrong>إجراءات أمنية وفوضى في السير... وتمديد المعاناة

    ربما للمرة الأولى يشعر اللبنانيون بأن الاستحقاق الرئاسي يعنيهم بدرجة كبيرة، بعدما فوجئوا بإجراءات أمنية مشدّدة لم يعهدوها في استحقاقات كهذا. وكان البارز على هذ ا الصعيد انتشار عناصر فرع المعلومات بشكل علني هو الأول من نوعه، وتوزّع هؤلاء على بعد مئات الأمتار من مقر المجلس النيابي، وراحوا يرشدون المواطنين الى طرق يتبين بعد بضعة أمتار أنها مقفلة الأمر الذي تسبّب بازدحام سير لم تعرفه بيروت من قبل. ووسط ضياع عناصر الأمن، غرقت الأشرفية في فوضى عارمة، زادها دفق السيارات الوافدة من شمال العاصمة بعدما اصطدمت بقرار إقفال جادة شارل حلو. وقد دفعت الإجراءات الأمنية والشائعات المتعددة الكثير من سكان العاصمة إلى التزام منازلهم وعدم التوجه إلى العمل، فيما استرسل البعض في النوم ظناً منه أن ثمة حظراً للتجوال. وأجمع المواطنون على اعتبار ما يحصل «حركة من دون بركة»، مؤكدين ثقتهم بأن نصاب الثلثين لن يكتمل، وأن الأمر «مجرد مسرحية يدفع ثمنها الشعب ضيقاً وذعراً». وعانى التجار منع القوى الأمنية إيقاف السيارات على جانبي الطريق، مستغربين تشديد الإجراءات في أماكن تعدّ بعيدة عن مكان الحدث في مجلس النواب.
    وعند العاشرة والنصف، الموعد المحدد لبدء الجلسة العامة لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، احتشد الناس قبالة أجهزة التلفزة سواء في المنازل أو في المحالّ القليلة التي فتحت أبوابها، وتكرر المشهد نفسه من ساحة ساسين الى التباريس، واستعان من لم يستطع الوصول إلى التلفاز بمذياع السيارة. فيما أثار كلام النائب فؤاد السعد عن لقاء محتمل ظهراً لقادة الصف الأول اهتمام كثيرين سألوا بشغف عن هذه «الخبرية». كما أثار حضور بعض نواب المعارضة فضول البعض، وسرت شائعات عن اعلان بعض نواب «تكتل التغيير والإصلاح» الالتزام بانتخاب مرشح الأكثرية. وبعيداً عن بلبلة الشائعات، شُغل البعض باحتساب عدد نواب الأكثرية الذين حضروا، وانتهوا إلى الاستنتاج بأن الأكثرية ولو قررت انتخاب الرئيس بالنصف زائداً واحدا فإنها لن تفلح في مسعاها.
    بدورهم، عاش المعتصمون في وسط بيروت منذ أكثر من عشرة أشهر، يوماً طويلاً بدأ فجراً بوصول المئات من عناصر الانضباط، وتوزعهم بقبعات بيضاء على مداخل المخيم للتدقيق في هوية الداخلين، وأكد بعض المعتصمين تلقيهم عشرات الاتصالات من أقربائهم وأصدقائهم يحذرونهم فيها من هجوم محتمل على المخيم أو من قرار حكومي سري يطلب من القوى الأمنية إفراغ ساحات الاعتصام وإعلانها منطقة أمنية، سرعان ما تبين أنها مجرد شائعات. وبعد اطمئنانهم، احتشد المعتصمون مجموعات صغيرة في الخيم لمتابعة عبر التلفزة ما يحصل على بعد أمتار قليلة منهم، واهتمّوا خصوصاً بمعرفة تفاصيل أكثر عن موقف الوزير محمد الصفدي والتكتل الطرابلسي. وانسجم معظمهم مع لقاء الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري التحاوري فغابت النبرة الحادة، واستبدل الكلام القاسي الذي يتميز به المعتصمون بآخر «لطيف» يدعو إلى الحوار بين مختلف اللبنانيين للوصول إلى نقاط مشتركة تجنّباً للصدام.
    وفي الجهة الجنوبية من مجلس النواب، تفرّد عناصر القوى الأمنية والجيش بالمشهد بعدما قطعوا الطرق الحيوية المؤدية إلى منطقتي الحمرا وعين المريسة، ومنعوا مرور السيارات، وسط إقفال تام للمطاعم والمحالّ التجاريّة، الأمر الذي حرم بعض السفراء الذين اعتادوا متابعة حدث كهذا عن قرب من ممارسة عاداتهم. وفي النتيجة، تأخر معظم الموظفين في الوصول إلى عملهم، وتعطلت سيارات بعضهم بسبب ارتفاع حرارتها جراء الازدحام، وعاش البعض ذعراً حقيقياً في انتظار «مرور اليوم على خير». ذعر واضطراب ومعاناة قرر قادة المعارضة والموالاة تمديدها حتى 23 تشرين الأول المقبل، موعد الجلسة الثانية التي حدّدها الرئيس بري لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد.
    hr/>

    جعجع: بري خيّب الآمال

    عتب رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع على رئيس المجلس النيابي نبيه بري لرفعه الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب، مشيراً إلى أنه «كان مخيباً للآمال».
    ورأى أن بري لا يستطيع أن يقرر وحده موضوع النصاب، «فإذا كان عنده رأي مغاير لرأينا في هذا الموضوع، كان عليه أن ينزل إلى الجلسة، والهيئة العامة هي التي تقرر ما هو النصاب»، ليصل إلى استنتاج «وحيد، وهو أن دعوة الرئيس بري لم تكن جدية، بل هي من قبيل رفع العتب لا أكثر ولا أقل»، متسائلاً: «إذا كان الرئيس بري يرى أنه سنترك القليل من الوقت كي نستطيع الوصول إلى توافق على الرئيس، فلماذا إذن انعقدت الجلسة؟» أمس.
    وعن جلسة 23 تشرين الأول المقبل قال جعجع إنه «إذا كان الرئيس بري جدياً هذه المرة، فبالدرجة الأولى من المفترض أن يحضر وكتلته الجلسة، وإذا كانت هناك إمكانية من الآن وحتى 23 تشرين للتفاهم على رئيس للجمهورية بالمواصفات التي طرحتها فالوقت كافٍ، وعلى الرئيس بري أن لا يضيع وقتاً وأن نجلس معاً في محاولة للتوصل إلى رئيس. وإذا لم نستطع الوصول إلى تفاهم حول مرشح، يجب أن تصبح جلسة 23 جلسة انتخاب عادية، ومن يربح يربح ومن يفشل يفشل، لكن من غير المقبول أن يحصل في الجلسة المقبلة ما حصل اليوم (أمس)»، مفترضاً أنه يجب أن «يكون لدينا رئيس قبل 24 تشرين».
    ورداً على سؤال أكد جعجع أن «قوى 14 آذار» كلفت النائب سعد الحريري بدء التفاوض مع بري لكسر الجليد، نافياً انزعاجه من هذه اللقاءات، وقال: «كل ما يعنيني هو أنني لا أحب الخطوات الفولكلورية ولا أحب الغش، وأن يدعي البعض أنه يريد التوافق، لكن في نهاية المطاف يشدّون لجهة مرشحين أكل الدهر عليهم وشرب وهم من رواسب المرحلة الماضية». ورأى أن زيارة بري للبطريرك الماروني نصر الله صفير أول من أمس «كانت بروتوكولية لا أكثر ولا أقل»، وكشف أنه حمّل النائب أنطوان زهرا رسالة إلى صفير تتعلق بالانتخابات الرئاسية «وللفت غبطته إلى المناورات التي يقوم بها بعض الأطراف».
    وإذ نوه بالتدابير الأمنية المتخذة في بيروت، عزا تخوفه من اغتيالات جديدة تطاول هذه المرة «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى معلومات أجهزة أمنية رسمية في هذا الشأن «وإلى قراءتنا السياسية الواضحة».

    لحود: لاستئناف الحوار من دون شروط

    دعا المرشح الرئاسي رئيس «حركة التجدد الديموقراطي» نسيب لحود إلى استئناف الحوار بين الأطراف السياسيين اللبنانيين من دون شروط مسبقة خلال الفترة الفاصلة عن موعد الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية التي حددت في 23 تشرين الأول، وذلك من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي بشكل ديموقراطي وصحيح»، مشيراً إلى أن مؤتمر الحوار الوطني يوفر الآلية اللازمة لذلك، ولا داعي للبحث عن إطار آخر.
    ورأى لحود في حديث إلى محطة «OTV» مساء أمس «أن إحدى الوسائل لتجاوز الخلاف السائد حول النصاب تكمن في الاتفاق على آلية لانتخاب رئيس الجمهورية، ومشاركة كل النواب في جلسة الانتخاب. عندها لا يعود مهماً أن تحل مسألة النصاب قبل هذه الانتخابات، إذ يكون عدد النواب المشاركين قد أوجد هذا الحل»، لافتاً إلى أن المجلس سيلتئم لاحقاً وسيبحث عن حل لهذه النقاط التي أصبحت موضع جدل حيث يصار إلى تفسير الدستور بشكل هادئ بعيداً عن ضغوط الانتخابات الرئاسية.
    وعن سبل التعامل مع سلاح «حزب الله»، قال لحود: «المبدأ يقضي بأن يكون للدولة اللبنانية وحدها احتكار حيازة الأسلحة وقرار الحرب والسلم»، مشيراً إلى أن «هناك عدة أطر لإدخال قدرات حزب الله ضمن الدولة اللبنانية حيث تستفيد الدولة من سلاحه وطاقاته البشرية ويوضع إطار لذلك يؤدي إلى انضوائه تحت لواء الدولة وحصر الأمور بأمرتها وهو ما يخدم لبنان ولا يظلم المقاومين الذين ضحوا لتحرير الجنوب».
    (مركزية، وطنية)