strong>حسن عليق
شغلت المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري
والجرائم المرتبطة حيّزاً كبيراً من النقاش السياسي والقانوني، في ظل إصرار عدد كبير من اللبنانيين على اعتبارها ضمانة لوقف الاغتيال السياسي. بالمقابل، أكّدت عائلتا الشهيدتين آلاء عصفور ويمامة ضامن لـ«الأخبار» عدم ثقتهما بالمحكمة والتحقيق

في الرابع عشر من شباط 2005، تركت آلاء حسن عصفور منزلها في بلدة بريقع الجنوبية وقصدت مدينة بيروت لتتقدم بطلب توظيف بعدما تخرجت من مدرسة مهنية باختصاص الهندسة الداخلية. توجّهت آلاء إلى فندق فينيسيا حيث تستقبل الشركة الطلبات، برفقة ابنة خالتها يمامة أحمد ضامن. تقدّمت آلاء بالطلب، وعندما خرجت من الفندق لتستقل سيارة أجرة مع يمامة توصلهما إلى منطقة بئر حسن، وقع الانفجار الذي استهدف موكب الرئيس رفيق الحريري، فكانتا من بين شهداء ذلك اليوم.
والد يمامة، كامل ضامن، كان قد تحدّث لـ«الأخبار» يوم 27 حزيران الماضي، وظهر على شاشة إحدى المحطات التلفزيونية، قائلاً إنه لم يتقدّم «بدعوى شخصية ضد أحد، وإن مسؤولين في مركز لتيار «المستقبل» بمنطقة عائشة بكار طلبوا منه التوقيع على ورقة اعتقد أنها ايصال، بعدما سلّموه شيكاً قيمته 50 ألف دولار أميركي هدية من ابنته الشهيدة، قبل أن يتبيّن له أن ما وقّع عليه كان ادعاءً شخصياً على المدعى عليهم بتفجير 14 شباط 2005». وذكر ضامن في ذلك اليوم أنه قصد دائرة القاضي الياس عيد متراجعاً عن الادعاء.
توفي كامل ضامن يوم 23/8/2007، وتبين أن الوفاة ناتجة من توقف في عمل القلب والكلى، بعدما قصد قسم الطوارئ في مستشفى رفيق الحريري الحكومي ببيروت، شاكياً من وجع في خاصرته، ثم توفي داخل المستشفى بعد دقائق.
وتجدر الإشارة إلى أن محكمة التمييز الجزائية، بعدما تقدّم المحامي محمد مطر، بوكالته عن عدنان الذهبي، والد الشهيد مازن الذهبي، بطلب منها لنقل ملف التحقيق بجريمة 14 شباط 2005 من المحقق العدلي القاضي الياس عيد إلى قاضٍ آخر، طلبت يوم 17/7/2007 من الذهبي «بيان أسماء وعناوين الأفرقاء في الدعوى المطلوب نقلها، سواء كانوا من المدعين أو من المدعى عليهم». وقد ردّ المحامي مطر يوم 23/7/2007 على طلب المحكمة ذاكراً في خانة المدّعين 13 اسماً بينهم كامل أحمد ضامن (والد الشهيدة يمامة ضامن)، وحسين عصفور (والد الشهيدة آلاء عصفور).
بالمقابل، قصدت «الأخبار» بلدة بريقع الجنوبية، حيث التقت حسن عصفور، والد الشهيدة آلاء عصفور، (لا حسين عصفور مثلما ورد في رد المحامي مطر)، وأفراداً آخرين من عائلتها ومن عائلة الشهيدة يمامة ضامن.
يصرّ والد آلاء على التأكيد أنه لم يدّعِ على أحد، وأنه لا ينوي الادعاء في المستقبل. فهو يرى «أن المحكمة التي ستنظر قضية استشهاد آلاء لن تحصّل حقّاً لأحد، لكونها آتية من واشنطن ونيويورك. وكل الجرائم السياسية الكبرى التي حصلت في العالم ابتداءً من اغتيال جون كينيدي لم تُكشف بعد عشرات السنين على وقوعها». فما يطمئنه هو «أن يأتي المجرم ويمثّل جريمته»، وقبل ذلك، «لا ثقة بأحد، لأن العدالة مزاجية»، متسائلاً: لماذا لا تُنشأ محكمة للنظر بالجرائم التي حصلت خلال حرب تموز؟
عصفور يبدي انزعاجه مما يراه «تدخلات سياسية في التحقيق». فنقل الملف من القاضي الياس عيد «هو استضعاف للقاضي النزيه الذي كان يحاول القيام بعمله على أكمل وجه، لكن الجو السياسي المحيط بالملف صعّب من مهمته، فكان هناك تجنّ عليه».
أما بخصوص التحقيق الدولي، فيرى عصفور أن «تصرفات الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية القاضي ديتليف ميليس لم تسمح ببناء ثقة بالتحقيق الدولي». فالأخير أتى إلى لبنان «ليقضي وقته بالسياحة والأكل والشرب». يصفه عصفور بأنه «ثعلب ومحتال»، أما الرئيس الحالي سيرج براميرتس «فلا شك أنه أفضل من ميليس، لكن لا ثقة مطلقة به».
والسبب المباشر لعدم ثقة عصفور بالتحقيق الدولي هو «أخذ التحقيق باتجاه واحد من اليوم الأول للجريمة. وكذلك قضية الموقوفين بهذه القضية»، الذين يراهم عصفور «محتجزين سياسياً، إذ لم يقدّم أحد أي دليل ملموس ضدّهم». بالمقابل، يستغرب والد الشهيدة آلاء ما رآه «تبرئة للمخابرات الاسرائيلية وعملائها» منذ اليوم الأول للجريمة، «فإسرائيل وأميركا هما المستفيدان من عدم الاستقرار في لبنان الناتج من اغتيال الحريري».
وختم عصفور بالقول إن عائلة الرئيس الحريري «تريد حشد كل عائلات الشهداء ووضعهم في خانة واحدة، لكننا لا نقبل ذلك. فابنتي الله بياخدلها حقها».
بدورها، تقول والدة الشهيدة يمامة ضامن إن زوجها «مات فقعاً. وضعوه تحت الضغط، وكل يوم كانت تأتيه دورية من الدرك لتسلّمه ملفاً لا يعرفه. كان خائفاً جداً». تتهم زوجة ضامن جهات لبنانية بتنفيذ الجريمة، وتؤكّد على عدم الثقة بالتحقيق والمحكمة الدوليين.
بدوره، قال المحامي محمد مطر لـ«الأخبار» إنه ذكر في خانة المدعين أسماء عائلات شهداء جريمة 14 شباط 2005، لا المدّعين منهم فقط، وهذا السبب كان خلف ورود اسم كامل ضامن وحسن عصفور.