جل البحر ـ بهية العينين
أطلق لاجئو جل البحر صرخة «رمضانية» لحماية أطفالهم ونسائهم من التشرد الذي يهدّد مصيرهم مع حلول فصل الشتاء المقبل. إذ بات مخيم جل البحر «المشلوح» على طول المدخل الشمالي لمدينة صور من التجمعات الفلسطينية الأكثر غبناً في لبنان، فهو واحد من أصل ستة تجمعات في منطقة صور لا تعترف بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان «الأونروا»، لكنه الوحيد الذي تنصّلت منه الوكالة وامتنعت عن تقديم أي من خدماتها الإنسانية تجاهه، وغابت عن التواجد الميداني فيه.
هذا التجمع الذي تعرّض للعدوان الإسرائيلي الأخير مرات عدة، وكان الاعتداء الأعنف ليلة الإنزال على مجمّع الرز عند مفرق العباسية المحاذي لجل البحر، حيث أغار الطيران الحربي الإسرائيلي على التجمع الفلسطيني بهدف قطع طريق الإمداد للمقاومة. لكن وحداته السكنية لم تكن بحاجة إلى استهداف مباشر لانهيارها، فغارة وهمية واحدة كفيلة بالمهمة. فالوحدات عبارة عن خيم حجرية خالية من الاسمنت والحديد وحتى الأعمدة التي تثبت الجدران وتمتنها. أمّا السقوف فهي من ألواح الزينكو المهترئة التي أكلها الصدأ بفعل العوامل الطبيعية صيفاً وشتاء. فبعد عام على الاعتداء، ما زالت أكثر من 282 عائلة تتأرجح بين الدوائر الحكومية للحصول على تراخيص إعادة إعمار ما أفسده العدوان، بينما اللجنة الشعبية للتجمّع لا محل لها من الإعراب بهذا الخصوص.
فلسطينيو جل البحر الذين باتوا كرة تتقاذفها الأونروا والحكومة اللبنانية نصبوا خيماً على الشاطئ للمنامة حرصاً على سلامة أطفالهم، وهم يناشدون منظمات حقوق الإنسان للوقوف إلى جانبهم وحمايتهم من التشرد الذي يهددهم مع حلول موسم الأمطار.
يصف الفلسطيني خالد مصطفى درويش، الذي يفترش الرمل وعائلته المؤلفة من 11 شخصاً في خيمة على الشاطئ منذ ثلاثة أشهر بمحاذاة بيته المدمّر، معاناته للحصول على ترخيص من الدوائر الحكومية بالأعمال الشاقة ويقول: «عام بالكامل وأنا أعيش الترحال بين بلدية العباسية والتنظيم المدني والقائمقامية، وصولاً إلى المحافظة حتى حصلت على رخصة لإعادة إعمار بيتي الذي لا يتجاوز 70 متراً مربّعاً»، كذلك ينتظر تنفيذ وكالة الأونروا للترخيص، ويخشى أن تطول معاملات الأونروا إلى ما بعد فصل الشتاء.
وناشد إبراهيم درويش باسم 282 أسرة منظمات حقوق الإنسان وتحدث باسم جميع اللاجئين الذين يحاربون التشرد، مطالباً بالوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم في جمع شمل أسرهم قبل البرد، وقال: «يبدو أن اللاجئين في جل البحر ليسوا في حسابات أحد». وتمنى على الحقوقيين دعم قضيتهم الإنسانية والضغط على وكالة الأونروا للتفاوض مع الحكومة اللبنانية للتوصل إلى حلّ يخفف عن الأهالي معاناة التجول في دوائرها والإسراع في تنفيذ إعادة الإعمار قبل وصول الرياح والأمطار».
تجدر الإشارة إلى أنّ غالبية أبناء جل البحر مسجّّّلون في سجلات الأونروا تحت بند العسر الشديد، ومع ذلك يفتقر هذا التجمع إلى الخدمات السطبية والاجتماعية والإنسانية والتربوية.