فداء عيتاني
توتّــرات مكتومــة داخـــل عيـــن الحلــوة واستبعـــاد المواجهــة مــع الجيـــش

تتحرك مجموعات في مخيم عين الحلوة وليس بدافع فردي، وترفع شعارات مؤيدة لفتح الإسلام، وتستثير الحمية معتمدة على ما جرى في مخيم نهر البارد وما يجري مع نساء مسجد الأرقم، بينما تعيد حركة فتح في لبنان هيكلة نفسها بقيادة ممثل السلطة الوطنية الفلسطينية في لبنان عباس زكي، ليس من دون مخاوف ان تصب النزاعات الداخلية في توتير فلسطيني فلسطيني يفجر المخيمات من الداخل، أو يفتعل مشكلة مع الخارج اللبناني.
وتسيء المجموعات الفلسطينية أحياناً فهم مواقف بعضها، او تنقل عن بعضها بعضاً مواقف غير دقيقة تفيد بأن هذا الطرف أو ذاك يتوقع بأن الاستعدادات الفعلية لمعركة تجري على قدم وساق، إلا ان الموقف المعلن لأكثرية الفصائل هو عدم توقع تطورات كبيرة في عين الحلوة أو في الملف الفلسطيني - اللبنانيلم تف الدولة بتعهداتها في موضوع نساء فتح الإسلام» كما يقول احد القياديين في تنظيم «أنصار الله» في عين الحلوة، حيث كان ما نقله اعضاء رابطة العلماء الفلسطنيين هوإتفاق يقضي بخروج كريم للنساء والحاق كل امرأة بأهلها وفي البداية إلتزم الجيش اللبناني بتعهداته، من حيث التحقيق السريع معهن والتفتيش بشكل لائق، وبعدها بدأت الأمور تتعقد مع الحكومة اللبنانية التي لم تنجز الأوراق والإتصالات بالسرعة والشكل المطلوبين، كما ان الجيش تحفّظ على النساء بغية تعرفهن على الجثث.
وفي مخيم عين الحلوة ثمة من اصدر بياناً يفيد بأنه تم منع النساء من دخول المخيم، والواقع ان الرأي استقر على بقائهن في صيدا حتى لا تنسى قضيتهن. الا ان هذا الواقع لا يمنع مجموعات صغيرة من الظهور في عين الحلوة وإدعاء القرب من القاعدة وفتح الإسلام واتخاذ قضية النساء راية وشعاراً، والتغني بالكرامة والعرض وصون النسوة.
في خضم معركة البارد تم تشكيل قوة أمنية بعد اشتباك مفتعل مع الجيش، واتفق حينها على اعتبارها قوة مؤقتة لوضع الوضع في المخيم وفي حي التعمير، على ان تبحث إجتماعات لاحقة بتطويرها، من حيث شمولها كل المخيم في ظل إجماع فلسطيني على دورها، واستيعاب المجموعات المتناثرة ومنعها من احداث اي توتر. الا ان النقاش لم يستكمل وبقيت القوة الأمنية عاجزة عن القيام بأي انجاز فعلي داخلياً.
واستطاع فصيل أنصار الله تحييد عدد من المجموعات الصغيرة عن العبث بأمن المخيم، كما تمكنت قوى اخرى من القيام بالشيء نفسه، وأعلنت عصبة الأنصار حل «جند الشام» وهو ما شتت المجموعة، واصبحت المجموعات الصغيرة اشد تطرفاً من «جند الشام» الأساسية، أضف إلى انها تتسم بالعشوائية، ومعظم عناصرها مطلوبة من الأمن اللبناني، وهم يرددون قربهم من الفكر الجهادي القاعدي.
وتعتبر بعض الفصائل بأن سحب القوة الأمنية اليوم ضرب من الجنون، في ظل الأوضاع سالفة الذكر، والمطلوب هو تفعليها وتطويرها وتعزيز الغطاء السياسي فوقها. خاصة في ظل المخاوف الجدية من انعكاس الأوضاع الفلسطينية الداخلية على المخيمات في لبنان، مضافاُ إليها عوامل الصراعات الإقليمية. ومن المفترض إحياء المساعي بين مكتب الممثلية الفلسطينية في بيروت وبين حركة حماس لنزع فتائل التوتر، وإعادة العمل إلى اللجنة السداسية التي تضم عباس زكي وثلاثة ممثلين عن المنظمة وثلاثة ممثلين عن حركة حماس.

تغييرات داخل فتح

بموازاة الجانب الأمني قامت حركة فتح في لبنان بتغييرات تنظيمية كبيرة مؤخراً، وهي بدأت منذ شهرين، حين سافر عباس زكي إلى الضفة واجتمع هناك برئيس السلطة محمود عباس، وعاد بصفته المرجعية الوحيدة لفتح في لبنان، وبدأ العمل على إنهاء تعدد المرجعيات في المخيمات، وأمسك بالقرار المالي لمنظمة التحرير و فتح في لبنان، وعين حينها سلطان ابو العينين كرئيس للمجلس العسكري الأعلى لحركة فتح في لبنان، وتقول مصادر فلسطينية على صلة بالملف بان هذا المنصب «ليس أكثر من منصب فخري»، كما عين زكي منير المقدح كمسوءل للحركة في صيدا، وخالد عارف كمسوءل لفتح في بيروت، وطلب إلى سلطان ابو العينين عدم القيام بأي اتصال مع جهات لبنانية رسمية، حاصراً الإتصالات السياسية بنفسه، بصفته الحركية والديبلوماسية، على ان يرافقه أبو العينين وعارف والمقدح.
وولدت التعييّنات أزمة في حركة فتح، وصلت إلى حد إشكالات في مخيمات عين الحلوة وبرج البراجنة والرشيدية، ورفع شعارات على الجدران ضد سلطان أبو العينين في مخميه الرشيدية خاصة، بينما تبدي قوى في فتح سرورها من أن «زكي يذبح سلطان بالخيط» بحسب تعبير مسؤل فلسطيني. بينما وقف أحد مسؤولي فتح خلال إجتماع ضمه وأبو العينين وغيرهما في صيدا ليقول له «ان زكي يستخدم اليوم ضدك نفس الأساليب التي استخدمتها ضدنا، فإما ان تبقى في فتح وإما تتركها».
كما تشير معلومات القيادات الفلسطينية ان الإجراءات الأمنية ضد سلطان قد تدفعه إلى الخروج من لبنان، حيث تم توقيفه مرتين على حاجز الجيش اللبناني على مدخل مخيم الرشيدية، وتركه الجيش على الحاجز لمدة ساعة، بعد ان عثر الجيش في سيارته على قذائف وقواذف بي 7. وطلب أبو العينين من زكي التوسط فرفض فعاود الإتصال بفعاليات صيداوية امنت له عبوره إلى المخيم، وأعاد الجيش الأسلحة المصادرة بعد اسبوع من تاريخ الحادث.
وتبدي العديد من القيادات الفلسطينية استيائها من محاولات نقل الصراع في الداخل الفلسطيني إلى لبنان، كمثل الصلاة في الشارع في مخيم الرشيدية، كما من تصفية عقارات ملك للمنظمة في لبنان، وتربطها بمشروع خاص.وتشير المعلومات المستقاة من قيادات فتح إلى عملية مسح لأملاك المنظمة في لبنان، وإلى بيع أملاك في بيروت، منها عقار كبير في رأس بيروت خلف الشارع الرئيسي للحمراء، وبناية في منطقة السارولا، ومجموعة مباني في المزرعة، والكولا والفاكهاني، وقطعة ارض في منطقة السمرلاند.
ويقف اليوم إلى جانب عباس المسؤول المخابراتي السابق في فتح في لبنان، ونائب ممثل السلطة اليوم، كمال ناجي (أو كمال مدحت) وهو كان قد تخلى عن منصبه العام 1992 حين أمسك سلطان أبو العينين إلى أمانة السر، ويستعين به زكي اليوم للإمساك بحركة فتح وإعادة الأمور إلى مجاري مختلفة عما سيقت به طوال الأعوام السالفات.