زحلة ـ عفيف دياب
يتابع مراقبون في البقاع، باهتمام كبير، النشاط السياسي «الزائد» لقوى الأكثرية في مدينة زحلة و«الهجمة المركّزة» لقادتها المركزيين الذين يقومون بزيارات كثيفة إلى المدينة، وهي تهدف أولاً وأخيراً إلى مواجهة النائب الياس سكاف وكتلته الشعبية وتحالفه مع «التيار الوطني الحر» الذي يعمل بهدوء على مواجهة ما تعدّ له «الأكثرية»، فيما ينشط قادة في «الكتلة» و«التيار» على مختلف المستويات للحد من «توتير» الأجواء السياسية.
وتقول جهات قيادية في الكتلة والتيار، إن «توجيهات أعطيت لجميع الأنصار لتجنّب، قدر الإمكان، كل أشكال الاستفزازات التي يحدثها مناصرون لقوى الأكثرية، وإفشال مخططهم في تصعيد التوتر المحلي الذي قد ترتفع حدّته مع كل زيارة يقوم بها مسؤول أكثري إلى المدينة».
«هجمة الأكثرية» على زحلة وتصعيد المواقف ضد سكاف و«رفاقه»، ودخول رجال دين على خط الهجمة، برزت بوضوح قبل نحو أسبوعين حين وزع بيان في المدينة ضد سكاف على خلفية موقفه المعارض لأداء بعض رموز «الأكثرية»، وتلت ذلك زيارات لقادة موالين و«اختراع» مناسبات لها، على حد قول أحد المتابعين في زحلة، «بهدف إيصال رسالة إلى النائب سكاف، مفادها أنه ليس الوحيد الممثل للكاثوليك الزحليين في البرلمان أو في الحياة السياسية العامة».
ويتوقف مراقبون عند زيارة الوزير ميشال فرعون المدينة بشكل غير اعتيادي، وتدشينه أحد الأقسام في مستشفى تل شيحا الذي تشرف عليه الكنيسة الكاثوليكية في زحلة، في غياب لافت لسكاف ولحلفائه الذين لم «يُدعوا» إلى الحفل، وهو ما رآه البعض رسالة واضحة إلى رئيس «الكتلة الشعبية» وأنصاره، أو بالأحرى رسالة اعتراضية من المطران أندره حداد، أو كما يحب أن يسميه البعض تودّداً «بابا زحلة». ويوضح هؤلاء أن فرعون أراد من خلال زيارته إيصال رسائل سياسية واجتماعية عدة لسكاف، ولا سيما أن الأول كان واضحاً حين لمّح إلى أن تاريخ آل فرعون انطلق من زحلة و«نحن تاريخنا هنا» و«لا أنسى الروابط التي تشدني إلى زحلة التي هي جزء من تاريخنا وتراثنا»، مؤكداً تواصله مع المدينة وأهلها وفاعلياتها ومرجعياتها الدينية والمدنية، و«متجاوزين المصالح الشخصية والفئوية».
كلام فرعون أثار استغراب العديد من قادة المدينة وفاعلياتها، ويتساءل بعض هؤلاء عن «الأهداف» الكامنة وراء «غمزات» و«تلطيشات» فرعون ضد سكاف الذي كيلت ضده أخيراً اتهامات جمّة أبرزها، بعد اتهامه ببيع مساحة من أراضيه للسفير الإيراني في لبنان، اتهام أنصاره بإحراق لافتة عند مدخل شتورا الشمالي ترحّب بالوزير فرعون، إضافة إلى ما سبقها من اتهامات عن إقدام أحد أنصاره على الاعتداء على عناصر في «القوات اللبنانية».
ويقول مقرّبون من سكاف إن تصاعد الحملة السياسية علىه من فريق الموالاة هو نتيجة مواقفه المعارضة لسياسات الفريق الأكثري، إضافة إلى استهداف تحالفه مع التيار الوطني الحر مباشرة، في مسعى يهدف إلى الضغط السياسي والمعنوي على رئيس الكتلة الشعبية لفك هذا التحالف، لافتين إلى أن «الحملة على سكاف قد ترتفع وتيرتها كلما تعقد الاستحقاق الرئاسي». لكنهم يؤكدون أن الأخير «ثابت على مواقفه ولن يبيع موقفه السياسي لأحد، وهو يمارس قناعاته ولا يحيد عن ثوابته الوطنية ولا سيما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي والتوافق الوطني على إجراء الانتخابات الرئاسية».
وأكد نائب في«الكتلة الشعبية» لـ«الأخبار»، أن ما يتعرض له سكاف وكتلته من هجمات سياسية «ليست إلا زوبعة في فنجان» و«لا تؤثر على مواقف الكتلة التي تعبّر عن هوى الزحليين السياسي»، واضعاً هذه الهجمة في خانة «ذرّ الرماد في العيون، لأن الكتلة الشعبية تعبّر عن المنطق السياسي الهادئ البعيد عن لغة الانقسام والتشرذم، وهي ستبقى تعبّر عن موقف الزحليين والبقاعيين عامة، من دون تزوير أو تزييف أو بيع مواقف لهذا الفريق أو ذاك».