النبطية ــ كارولين صباح
أعرب النائب العربي السابق في الكنيست الاسرائيلي عزمي بشارة عن قلقه لما هو حاصل في المنطقة من إجهار بالطائفية كوسيلة للدخول في حرب إقليمية جديدة تضر بالوطن العربي على المستويات كافة، لافتاً الى ان مخاطر الحرب وقعت سواء حصلت أو لم تحصل من خلال الشحن الطائفي الحاصل في لبنان والعراق.
كلام بشارة جاء خلال لقاء حواري أقامه نادي الشقيف في النبطية، فرأى أنه «يجب ألا نستخف بالفكر القومي لأنه يجمعنا ما بعد الطائفة، التي هي بعيدة عن الدين، وأنه يجب ألا نتعامل مع الأمور بهذا الشكل، أي أنا ضد الطائفية يعني أنا ضد الدين، ذلك لأن الديانات السماوية ليست طوائف». وخلص إلى القول «إن من يحول الإسلام والمسيحية الى طوائف يجرم بحق الاثنين، لأن الطوائف انتماء للبشر وليس لله، لذلك تعاني النقابات أزمة كبيرة لأن الطائفية ليست طبقة اجتماعية حيث الفقير والغني يتعصب لطائفته».
ولفت الى ان «أكبر جريمة بحق الإسلام والمسيحية اليوم، هي التعصب للناس، التي هي من مظاهر الجاهلية، وأن الاحتكام الى الطائفية في الوظائف الأساسية وتعميمها لا يضران فقط بالمجتمع والسياسة والوظائف وإقامة دولة حديثة على أساس الكفاءات، بل هما يضران بالدين نفسه لأنه يحوله الى رابطة عصبوية لا علاقة لها بالإيمان. هذه هي الأداة الأساسية التي تستخدم الآن وبشكل غير عقلاني للغاية ويجب أن نواجهها بقوة».
وتطرق الى موضوع الاعتدال والهيمنة الأميركية والإملاءات الأميركية في المنطقة بدءاً من العراق الى فلسطين ووصولاً الى لبنان، فقال: «ان المعتدل هو من يقبل من دون نقاش الإملاء الأميركي، وإذا ناقش يناقش في إطار الهيمنة الاميركية، أما المتطرف هو الذي لا يقبل الإملاء الاميركي من دون نقاش، وإذا النظام المتطرف قبل الإملاء الأميركي يتحول الى معتدل من دون أن يغير أي شيء من ممارساته الأخرى، أي أنه ينتقل غداً الى قول نعم للسياسة الاميركية في لبنان وفي فلسطين وفي العراق من دون ان يغير أي شيء في نفسه».
ولفت الى ان «مصيبتنا مع الديموقراطيين الليبراليين في الغرب، أنهم يسيئون الى الديموقراطية والتنوع في العالم العربي، متجهين الى سياسة مواجهة مع محور التطرف»، متسائلاً «هل هذه السياسة تعني الحرب أم تعني الحصار الطويل المدى والضربات الجوية أو العقوبات الدولية، في نظري نستطيع ان نتصور عواقب حرب تشن حالياً على إيران، وهذا لا يحتاج الى تخصص كبير لندرك ما ستكون عواقب الحرب على إيران. من العراق الى أفغانستان ودول الخليج وفلسطين فلبنان، إن العواقب واضحة والأمر لا يحتاج الى خيال واسع. هناك سببان يرجحان هذه المواجهة: الأول استباق أي ترتيبات مقبلة في العراق الذي أرهق الاميركيين، بضربة قوية يجب أن تضعف إيران، أي أن من الصعب ان تخرج اميركا من العراق قبل ان تحصن السلاح النووي وتضعف إيران، وهذا من الأمور الصعبة نظراً إلى قوة إيران، لذا يجب تحجيمها أو إضعافها أو الاتفاق معها، وهذا سبب استراتيجي. والثاني الذي تقوله اسرائيل هو انه إذا لم تُضرب ايران خلال الثلاث سنوات المقبلة يصبح من الصعب ضربها في المستقبل، إذ إن أهمية السلاح النووي أنه رادع»، مشيراً الى انه استُخدم مرة واحدة حين امتلكته دولة واحدة، أما حين تمتلكه أكثر من دولة فلا يستخدم ويكون رادعاً فقط. إذاً هو خطر عندما تمتلكه دولة واحدة، وأهميته حين تمتلكه أكثر من دولة للردع».
وتابع «الأسباب الاستراتيجية المطروحة هي سياسات مواجهة، والهمّ الكبير الآن إقامة جبهة معادية للحرب دولياً ومحلياً «جبهة سلام»، لأن هذه الحرب ستؤذي الجميع فيما لو حصلت، إذ إنه لا يوجد لها مبرر شرعي ولا أخلاقي، فقط مصالح إمبريالية مرتبطة بمصالح أنظمة، وما يرافق هذه المواجهة هو أمر خطير للغاية، إن حصلت أو لم تحصل وقع الخطر الذي يجب أن يواجه وهو التعبئة الطائفية التي حصلت. إذاً الأذى في مجتمعاتنا وقع، وخلافاً لما يعتقد غالباً، هو ليس صادرات لبنانية، أي أن لبنان عموماً يتذمر أحياناً من التدخل في شؤونه، ومن ناحية أخرى هناك دعوة للتدخل في شؤونه حتى في الانتخابات الرئاسية، هناك نقاش دائم في أن القرار ليس لبنانياً»، لافتاً الى أن هناك «ثقافة قناصل عند بعض النخب السياسية، ولبنان هو مصدر تقليعات في السياسة، ويعد هذا أحد أسباب رغبة الغرب في السيطرة عليه. فهو يمارس هيمنة فكرية وثقافية في المنطقة عبر الصحافة التي يحملها الى بقية الدول. والموضوع الطائفي الأخير، الجاري حالياً، ليس تأثيراً لبنانياً، حيث إن الطائفية اللبنانية لم يُصَر من قبل الى الإجهار بها كما يجاهر بها الآن، من هنا حصر ضررها، لأن المنطقة تتعامل معها كاستثناء، والجديد هو العراق وليس لبنان».