طارق ترشيشي
يسود الأوساط السياسية انطباع مفاده أن لا شيء متوقعاً حصوله على جبهة الاستحقاق الرئاسي قبل عودة النائب سعد الحريري، ومن بعده النائب وليد جنبلاط من واشنطن. ويقول مصدر معارض إن الإدارة الأميركية دعت الحريري وجنبلاط إلى زيارة واشنطن من أجل إبلاغهما أجوبتها عن الأسئلة التي كان قد وجّهها إليها الرئيس نبيه بري عبر السفير جيفري فيلتمان، الذي حملها إليها وعاد إلى بيروت «خالي الوفاض»، ولم يزر بري إلاّ بعد ثلاثة أيام من عودته، وخرج بري يومئذ بانطباع أن واشنطن لم تحسم موقفها من الاستحقاق الرئاسي اللبناني. وإذ يتوقع البعض أن يحمل الحريري إلى واشنطن تصوّراً لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي يعتقد أن المعارضة لن تعارضه، ويعود بدعم منها لهذا التصوّر ثم يلزم به حلفاءه، فإن المصدر المعارض يقول إن استدعاء الإدارة الأميركية للحريري وجنبلاط يحتمل وجهين: تشجيعهما على الدخول في تسوية مع المعارضة، أو تحذيرهما من الدخول في هذه التسوية.
ويرجّح المصدر نفسه أن يكون الوجه الثاني هو الراجح، لأن المؤشر العام لموقف فريق 14 آذار يدل على أنه ليس وارداً الدخول في أي تسوية. فما جرى من لقاءات ومشاورات حتى الآن بدءاً بتلك التي عُقدت بين بري والحريري جاءت إيجابية في الشكل، لكنها سلبية في المضمون، وهذه السلبية توّجتها ثلاثة تطورات حصلت على مدى الأيام الثلاثة الماضية وهي: أولاً ـــــ قرار الكونغرس الأميركي «غير الملزم» الذي يقسّم العراق على أساس طوائفي إلى ثلاث مناطق، والذي طرح أكثر من علامة استفهام وأكثر من سؤال عمّا إذا كان يمثّل مقدمة لتقسيم لبنان على أساس طوائفي أيضاً.
ثانياً ـــــ الرد الإيراني عبر مجلس الشورى على تصنيف الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) منظمة إرهابية، بتصنيف الجيش الأميركي وجهاز الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إي) مؤسستين إرهابيتين، ما يشير إلى ارتفاع منسوب التوتر الإيراني ـــــ الأميركي الذي سينعكس حتماً توتراً في مجمل المنطقة وعلى الملفات الساخنة فيها وهي لبنان وفلسطين والعراق.
ثالثاً ــ إعلان النائب السابق غطاس خوري أن اللقاء الذي كان منتظراً انعقاده بين رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري ورئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، هو لقاء ملغى ولن يكون.
وقد توّج هذا الموقف سلبية اللقاءات التي عُقدت حتى الآن بين الموالاة والمعارضة في إطار مبادرة بري وخارجها من أجل التوافق على شخص رئيس الجمهورية الجديد، فإذا لم يلتقِ الحريري بعون، فهذا يعني أن أي لقاء بينه وبين قيادة «حزب الله» على أي مستوى كان لن يحصل، لأن الحزب لن يتخلى عن حليفه عون، وتؤكد ذلك مواظبة أكثر من مسؤول في الحزب منذ أسبوعين على إعلان دعم ترشيح عون لرئاسة الجمهورية. وبمعنى آخر، فإن حزب الله لن يكون في وارد الدخول في أي تسوية مع تيار «المستقبل» على حساب عون. وبما أن الحريري ألغى اللقاء بينه وبين عون ولو على لسان خوري، فإن اللقاء بينه وبين حزب الله سيكون ملغى. وهناك نقاش لدى فريق الحريري بعدما تردّد أن عون رفض استقبال خوري وترك أمر الاجتماع به الى معاونه جبران باسيل.
وفي موازاة هذا الموقف العوني، كان هناك موقف جنبلاطي مماثل، إذ رفض جنبلاط أن يكون النائبان أيوب حميد وناصر نصر الله برفقة زميلهما أنور الخليل، الذي زاره أول من أمس، موفداً من بري، الذي يشاور أركان الموالاة والمعارضة من أجل تظهير مرشح رئاسي توافقي. وهذا التصرف الجنبلاطي رفع من وتيرة المضمون السلبي لهذه المشاورات. وقد زاد في السلبية الموقفان اللذان نقلهما الخليل عن جنبلاط والنائبان علي بزي وميشال موسى عن جعجع، ومفادهما أن الرجلين يتمسكان بأن يكون الرئيس الجديد من صفوف قوى 14 آذار، حتى إن جعجع قال للوفد النيابي: لنا رئيس الجمهورية ولكم رئيس مجلس النواب، وبعد ذلك، نبحث وإياكم في تأليف حكومة وحدة وطنية.
ويضيف بري إن أسماء المرشحين الذين يمكن أن يكونوا توافقيين هي «بَذرة كبيرة فيها الغث والسمين، وإن القضية ليست شخص الرئيس بل هي إنجاز الاستحقاق الرئاسي توافقياً بما يؤسس لحل الأزمة برمتها».
ولذا، فإن كل المؤشرات تدل على أن القرارات مؤجلة إلى ما بعد عودة الحريري وجنبلاط من واشنطن، ولن يكون هناك أي تطور ملموس قبل منتصف الشهر الجاري.