نهر البارد ــ عبد الكافي الصمد
على الرغم من أنّ الجولة الإعلامية الأولى، التي نُظّمت يوم الجمعة الماضي، إلى داخل الجزء الجديد من مخيم نهر البارد قد رفعت منسوب التفاؤل باحتمال عودة قسم من النازحين إليه، بعدما تبين أن أبنية عدة فيه قادرة على استقبال أعداد كبيرة منهم، فإن هذه الآمال بقيت تنتظر اتخاذ خطوات عملية وسريعة من الحكومة اللبنانية والأونروا والمجتمع الدولي، وتحمّلهم مسؤولياتهم تجاه هذه القضية، من أجل تجنّب وقوع مضاعفات سلبية عدة، سياسياً واجتماعياً وأمنياً واقتصادياً، إذا ما تأخرت هذه العودة أكثر من ذلك.
إلا أنّ ما كان لافتاً لدى مسؤولي فصائل منظمة التحرير وقوى التحالف الفلسطينية، الذين كانوا في عداد الوفد اللبناني ـــــ الفلسطيني الذي تفقّد المخيم، هو تفاوت نسب التفاؤل والتشاؤم عندهم بخصوص العودة والإعمار، وإن كانوا قد أجمعوا على أن «هذه الزيارة مثّلت خطوة مهمة على طريق العودة».
لكن ذلك لم يمنع مسؤولاً فلسطينياً مطّلعاً من التوضيح لـ«الأخبار» أن رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة «مُطالب، بتأكيد صدقيته، بالإيعاز إلى الجهات المعنية من أجل مدّ الجزء الجديد من المخيم بالتيّار الكهربائي، والشروع في تأهيل شبكتي مياه الصرف الصحي ومياه الشفة، من أجل إيجاد ظروف موضوعية وملائمة لإقامة النازحين بعد عودتهم، إضافة إلى إعلان السنيورة عبر وسائل الإعلام عن بدء السماح للنازحين بالعودة إلى المخيم، من أجل الحؤول دون وقوع مشاكل مع سكان الجوار».
غير أن تلهّف وتشوّق كثير من النازحين للعودة، من أجل تفقّد منازلهم واسترجاع أوراقهم الثبوتية وبعض أغراضهم الثمينة، أدى بعدد منهم إلى الدخول يوم أمس عشوائياً إلى الجزء الجديد من المخيم، ما دفع الجيش إلى التدخل ومنعهم من ذلك».
بدوره، مسؤول «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» في لبنان علي فيصل، عبّر لـ«الأخبار» عن أمله أن «تكون الزيارة نقطة انطلاق نحو إنهاء مأساة أهالي مخيم نهر البارد، بإعادة إعماره وإعادة النازحين إليه، سواء الجزء الجديد منه أو القديم، لأن من شأن ذلك أن يفتح الطريق أيضاً نحو استئناف الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني». أما مسؤول «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في الشمال سمير لوباني «أبو جابر»، فقد رأى أن «الجولة رمت حجراً في بركة الماء الراكدة، لكن المطلوب أكثر من ذلك بكثير»، مشيراً إلى أنه «غاضب لما جرى، لأن حجم الكارثة كبير، وعاتبٌ لأن البعض لم يتدخل لإنهاء محنة نهر البارد التي ما تزال مستمرة حتى الآن»، لافتاً إلى أنّ الدمار الموجود في أحد أحياء الجزء الجديد من المخيم يعود لاعتقاد الجيش وقتها بأنّ «الدكتور عمر أبو مرسي (الجزائري الأصل الذي قيل إنه كان يعالج جرحى «فتح الإسلام» خلال المعارك) وشاكر العبسي موجودان فيه». إلا أن مسؤول حركة «فتح ـــــ الانتفاضة» في الشمال خليل ديب «أبو ياسر»، أبدى لـ«الأخبار» خشيته من أن «تكون الجولة إعلامية ـــــ إعلانية، تفتقد لكثير من الفعل العملي المطلوب، وخصوصاً أن النازحين المقيمين في مخيم البداوي باتوا في حال ضغط اجتماعي لا تطاق»، محذراً من أنه «إذا بقيت الأمور كذلك، فهي ستؤدي إلى مزيد من الأزمات في مخيم البدّاوي».