عـلي عطوي
بقي حسين صبرا (23 عاماً) في بلدته قانا يساعد في أعمال الإغاثة الإنسانيّة، ولم يخطر له أنّه سيتعرّف إلى شريكة حياته في ظروف صعبة ومؤلمة في «عزّ الحرب». بدورها كاتيا علي ( 20 عاماً) التي نزحَت مع عائلتها إلى الجبَل لم تكن تحلم أن تعيش قصّة حبّ وسطَ أخبار الدمّ والقتل والدمار.
لكن الصدف رتّبت الأمور جيداً. فقد بقي أخوال كاتيا وأقاربها في قانا، وكانَ عليها أن تتصل بهم يوميّاً لتطمئن عليهم، بيدَ أنّ هواتف خطوط (إم تي سي) تعطّلَت. يروي حسين قائلاً: «كنت الوحيد في الحيّ الذي يمتلك خطّ (ألفا)، فكان الجميع يتواصل مع أهله عبر هاتفي، وكانَ أقرباء كاتيا يتحدّثون معها دائماً لطمأنة ذويها، فكانت تتصل في بعض الأوقات ولا يكونون موجودين قربي فأجيبها مطمئِنَاً إياها».
يعترف حسين بأنه: «أوّل ما حكيت معها حسّيت قلبي دقّ وهتف لها من أوّل كلمة، وتعلّقت بها أكثر عندما حدّثني عنها ابن خالها، فتشوّقت لمعرفتها عن قرب». ورغم نزوح خالها وأقربائها من البلدة في منتصَف الحرب «بقيَت على اتصال معي لآخر لحظة في الحرب تطمئنّ على أحوالي بينَ الوقت والآخر وتطّلع منّي على أخبار البلدة وتطوّرات الأحداث هنا».
يصف حسين تلكَ الفترة، بأنّها «مليئة بالذكريات الجميلة التي رافقتني خلال الحرب، لأنني كنت أعيش قصّة حبّ، مما دفعني للتمسّك بالحياة أكثر لأتعرّف إلى كاتيا، مَنْ تكون؟ وأكمل مشواري معها».
بعد أسبوعين على انتهاء الحرب، التقى حسين وكاتيا وتعارفا، وتعاهدا على أن تبقى الاتصالات قائمة بينهما «ولو انتهت الحرب ولم يعُد هناك مبرر» تقول كاتيا.
أم أحمد والدة كاتيا المتّشحة باللون الأسود حداداً على أخيها الشهيد، لم تكن تعلَم أنّ الحرب ستنتهي بالنسبة إليها بحصيلتين في غاية التناقض، وهيَ تستذكر ذكريات الحرب وتحمَد الله على أنّ «إخوتها خرجوا من البلدة قبلَ وقوع المجزرة بيوم واحد وإلاّ كنت متّ من القهر عليهم» لكن أخاها علي غضبون لم ينجُ بنفسه عندما كانَ يقطَع جسر القاسميّة فاستشهدَ على
الفور.
يكشف حسين أنّه كان يعرف خبر استشهاد الخال قبلَ أسبوع من معرفة العائلة، لكنّه بقيَ متكتّماً ولم يبح بالأمر «كيلا أكون وجه الشؤم عليهم، وقد ألمحت في حينه إلى كاتيا قائلاً: إذا سمعتِ خبراً غير سارّ فتماسكي ولا تضايقي نفسكِ». ثم عرفَت الخبّر من أبيها الذي اتصل من الخارج يعلمهم بما حصل.
أما عن علاقة ابنتها بحسين، فتقول أم أحمَد «فرحتي لا توصَف، ما حصل مع ابنتي أنساني مآسي الحرب وبلاويها» لافتة إلى أنّ ابنتها «تقدّم لها كثيرون قبلَ الحرب وكانت ترفض فكرة الزواج، لكنها استسلمت أمام حسين ورفعَت الراية البيضاء».
في 07/07/2007 احتفلَ العروسان بعقد قرانهما، تقول أم أحمَد: «كانت الفرحة فرحتـــــــين، فرحة الانـتصــــــار وفرحــــــــــة الزواج» وبينمــــــــا هي تــــــــوزع الحلــــــــوى، يسأل أحد أصدقاء حسين ممازحاً: «معقول إذا صار فيه حرب جديدة تتعرّف على عروس ثانيـــــــــة؟» لتسبقــــــــه كـــــــاتيا إلى القول: «إذا هوّ بدّو أنا ما عندي
مانع».