البقاع ـ عفيف دياب
شهدت مدينة زحلة منذ فترة وجيزة ولادة تيار سياسي تحت اسم «اللقاء الزحلي»، يتزعمه النائب نقولا فتوش، الذي يترأس دورياً في مكتبه في المدينة اجتماعات هذا اللقاء الذي يضم شخصيات «زحلية» مستقلة، لا تنتمي الى أحزاب فريق «14 آذار»، لكن لها وجهة نظر تتطابق مع آراء الموالاة، وإن كان لها تمايزها في طرح الأمور السياسية في المدينة، ولها أيضاً قراءة مختلفة للأمور المحلية والوطنية، لكن «تحت سقف 14 آذار»، حسبما أكد أحد أعضاء اللقاء الذي ما زال في طور التأسيس وتجرى اتصالات لضم شخصيات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وإعلامية إلى هيئته «التأسيسية» المؤلفة اليوم من 15 عضواً من مختلف شرائح زحلة وطيفها «المذهبي».
ويقول أحد أعضاء الهيئة التأسيسية لـ«الأخبار» إن فكرة «اللقاء الزحلي» تبلورت بعدما «لمسنا من بعض القوى السياسية في المدينة خطتها لأخذ زحلة نحو اتجاهات سياسية ليست متطابقة مع مزاج شارعها الذي يميل الى طروحات 14 آذار والرافض لمحاولات هذا البعض خطف المدينة إلى خياراته السياسية والشخصية». ويضيف: «من هنا وجدنا أنه لا بد من إطلاق لقاء سياسي يعبّر بقوّة عن موقف زحلة الرافض لكل طروحات جر المدينة، وتالياً لبنان الى أحلاف سياسية تمسّ مباشرة بالسيادة والاستقلال الوطنيين»! موضحاً أن «اللقاء الزحلي» هو «تجسيد لدور زحلة الوحدوي، التي تؤكد أنها مع كل ما يجسّد أيضاً القيم الوطنية المشتركة وتحديداً سيادة القرار السياسي اللبناني والعيش المشترك، وهدفنا أن نؤكد أمام الجميع أن زحلة لا تقتات من الشعارات والخطب والخطط الورقية والكلام المثير للحماسة الفارغة».
وعن «المبادئ» العامة للقاء، قال العضو المؤسس إنها تتمحور حول «تمسك زحلة بعناد وإصرار باتفاق الطائف لأن اي تعرض له في هذه الظروف بالذات، يعرّض لبنان لتفسخ الشراكة المسيحية ـــــ الاسلامية، فزحلة اكبر من مدينة، لا تحدّها جغرافيا ولا يحصرها عدد سكانها، ومؤمنة بالعيش في نظام جمهوري ديموقراطي برلماني يقوم على احترام الحريات العامة، ولا سيما حرية المعتقد، وعلى العدالة والمساواة ومبدأ الفصل بين السلطات»، مؤكداً أن المدينة «ستقف في وجه كل ما يؤدي الى إفراغ الدولة من قرارها، وإفراغ الحياة السياسية من مضمونها، وكل ما يؤدي الى تعطيل المساءلة والمبادرة والقدرة على الممانعة في الشأن السياسي بالوسائل الديموقراطية».
«اللقاء الزحلي»، بمن يضم في صفوفه من شخصيات معروفة وذات باع طويل في العمل السياسي المحلي، يؤكد من دون أي لبس، أنه موجّه ضد «الكتلة الشعبية» التي يتزعمها النائب الياس سكاف، وضد تحالفه مع «التيار الوطني الحر». ويقول متابعون إن ترؤس فتوش لاجتماعات اللقاء وعقدها دورياً في مكتبه، يشيران بوضوح إلى أن «الأهداف» غير المعلنة هي مواجهة «الكتلة الشعبية» و«التيار الوطني الحر» لحسابات محلية، وإن اخذت في بعض بياناتها «طروحات» وأفكاراً سياسة عامة منها التمسك باتفاق الطائف الذي لا أحد من قادة زحلة دعا الى إلغائه او مجرد تعديله وقراءته من جديد. وتوضح هذه الجهات التي تقف في الوسط وتراقب عن بعد ما يجري في زحلة من «صراعات» سياسية، أن «اللقاء» ليس إلا «حركة سياسية تهدف إلى منافسة الآخر الذي يعاني أيضاً أزمة في خطابه السياسي لا تختلف عن أزمات فريق 14 آذار وصراع القوى داخله».
ولادة «اللقاء الزحلي» الذي لا يختلف في الشكل عن «التجمع الزحلي» الذي أسسه النائبان السابقان ايلي الفرزلي وخليل الهراوي في اواخر سبعينيات القرن الماضي؛ وكان «فاعلاً وفعّالاً» في حياة زحلة والبقاع السياسية وأدى دوراً أساسياً في انفتاح المدينة على الجوار خلال فترة الحرب الأهلية، رفع من نشاط الحراك السياسي الذي يسيطر على المدينة منذ ما بعد الانسحاب السوري قبل سنتين. فهذا «الحراك» أكد من جديد أن المدينة ليست «مقبرة» للأحزاب كما يعرف عنها، بل هي «مهد» لولادة حركات سياسية.