نادر فوز
يجلس رامي على إحدى الطاولات، يدخن سيجارةً بهدوء، ينظر عبر الفاصل الزجاجي الكبير إلى مستديرة الطيّونة. اللقاء مع أحد طلاب معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية لا يهدف إلى «تنفيس» الهموم الأكاديمية، بل للحديث عن مسائل اجتماعية أخرى تتعلّق بمحيطه ودراسته. قبل البدء بالحديث، اختار اسم «رامي»، الذي لا يشير إلى مذهب أو طائفة أو لون سياسي معيّن.
رامي، الطالب في اختصاص التمثيل والإخراج في معهد الفنون الجميلة، يعاني بعض الأزمات مع ما سمّاه «العائلة الكبيرة»، التي تشمل الأعمام والخالات وأولادهم، أو مع محيطه في المنطقة. تعترض العائلة على مظهره، وساعات الليل التي يقضيها خارج المنزل، وقلّة اكتراثه بالواجبات العائلية، وغيرها من الأمور «السخيفة» بحسب رامي. لم يرضَ والد رامي بأن يصبح ابنه ممثلاً، إذ يعتقد أنه «عمل لا يطعم خبزاً، أو هو عمل الذين لا عمل لهم». وبحسب رامي، يرى أبوه أنّ مهنة التمثيل تعني الدعارة والمخدرات والأساليب الرخيصة للعيش. أراده أبوه أن يصبح طبيباً أو مهندساً، ليرفع رأسه في الشارع ويقول أمام الجميع إنّ ابنه صاحب شهادة. «أنا أكيد أنّ من دفع بوالدي للتفكير بهذه الطريقة هم الأقارب»، ويؤكد إصراره على متابعة الدراسة «كنت أحلم بأن أصبح كاتباً ومخرجاً لأترجم أفكاري وآرائي».
وسبّب إصرار رامي على متابعة دراسته في الفنون، «معركة» مع العائلة ترجمت بتوتّر العلاقة مع والده، «الذي قطع عنّي المصروف»، وهو ما اضطرّه إلى قبول المساعدة من إخوته وعمّته «زينة». ففي الطرف الآخر للأسرة، أشخاص «على نيّاتهم»، يقول رامي، يرون أنّ الظهور على شاشة التلفزيون يسمح لهم بالتباهي أمام الآخرين «يقبر قلبي ما أحلاه»، هي العبارة التي التزمت بها «تانت زينة» في «تسويق» مشاركة ابن أخيها في أحد المسلسلات المحلية «كومبارس».
وفي الحيّ، القريب من الطيّونة حيث يسكن رامي، أشيعت عبارات عدة حوله: «ضبطته القوى الأمنية وهو يتعاطى المخدرات»، «مثلي الجنس»، إضافةً إلى غيرها من الأوصاف النابية.
«لا أنتمي إلى هذه المنطقة»، يقول رامي الذي فقد حسّه بالانتماء لأي عائلة أو منطقة، ولم يبق له سوى تحدي الجميع والقول: «لا أكترث لما يقوله مجتمع رجعي ومتخلّف كالذي نعيش ونربى فيه».