عفيف دياب
أدت طائرة الاستطلاع الإسرائيلية من نوع M.K دوراً رئيسياً في عدوان تموز العام الماضي على لبنان. فقد تعدّت مهمتها الاستطلاع والتصوير الجوي، لتمارس مهمة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، بتحوّلها إلى طائرة مقاتلة من دون طيار.
طائرة الـ M.K التي شاركت في العدوان هي من نوع «سوبر M.K» المعروفة عسكرياً باسم نظام عين الصقر، والمشهورة في بلادنا بـ«أم كامل»، وإن لم يقدّم أحد بعد سبباً واضحاً لإطلاق هذه التسمية عليها. وقد أدت الـ M.K دوراً استراتيجياً في الحروب الإسرائيلية ـــــ العربية، وشكلت «عيناً» خلف خطوط «العدو»، تنقل كلّ مشاهداتها إلى غرفة عمليات تسيّرها «إلكترونياً»، ومن ثم تنقل إلى طائرات حربية الإحداثيات وصور الأهداف التي سيُغار عليها. لكن في عدوان تموز تحولت الطائرة الاستطلاعية إلى طائرة مقاتلة تغير مباشرة على أهداف بعد رصدها. وقد نفّذت هذه الطائرة مئات الغارات على أهداف متحركة في سهل البقاع تحديداً، مستهدفة الشاحنات وسيارات البيك ـــــ أب، على اعتقاد أنها محمَّلة صواريخ للمقاومة من سوريا.
وطائرة الاستطلاع، أو «الفسّادة»، كما أطلق عليها في البقاع خلال العدوان، طوّرتها إسرائيل بتمويل أميركي، وبرزت «مهارتها» في استهداف قادة الانتفاضة في فلسطين خلال السنتين الماضيتين قبل أن تفعل فعلها في لبنان خلال عدوان تموز الماضي.
تتم السيطرة على الـ M.K، التي تحلِّق لساعات طويلة من دون طيار، لاسلكياً. وأدخلت عليها الصناعة العسكرية الإسرائيلية تعديلات متسارعة منذ 1966. في البدايات كانت الطائرة عبارة عن «كاميرات» تصوير تصوّر القطاعات العسكرية المتمركزة، وخطوط دفاعها ومواصلاتها ومراكز القيادة ومرابض المدفعية ومصاطب الدبابات والمراكز الإدارية، وكذلك تصوير القوات العسكرية التي تقوم بالمسير لتعزيز القوات المتمركزة ودعمها لوجستياً. ولاحقاً، طورتها الصناعات الحربية الإسرائيلية، وزوّدتها بنظام الرؤية الليلية لتتمكن من المراقبة على مدار الساعة، وهي مصنوعة من ألياف زجاجية متينة (فيبر غلاس)، وتحلق في الجو بقطاع طيران محدد من أجل التمكن من السيطرة عليها من الأرض أو البحر، وسحبها إلى قاعدتها عند انتهاء مهمتها أو عند اللزوم.
ولكي تتحوّل هذه الطائرة إلى «قناصة»، زوّدت منذ عدة سنوات بصواريخ من أجيال حديثة تعمل بنظام «سدّد وانسَ» (shoot and forget)، أي إن نظام الرؤية يعكس أشعة على الهدف المراد قنصه فتنبعث أشعة من الهدف إلى نظام الرمي الصاروخي وتطلق الصواريخ (صغيرة الحجم) تلقائياً على الهدف من خلال الأشعة المعكوسة من الهدف، وهذا ما أكسب تلك المنظومة الدقة في إصابة الهدف.