إيمييه في بعبدا مودعاً وشارحاً ومستمعاً لـ «وجهة نظر رئيس الجمهورية»
زار السفير الفرنسي في لبنان برنار إيمييه، في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء مهمته في لبنان، وهي الزيارة الأولى لبعبدا منذ صدور القرار 1559 قبل نحو ثلاث سنوات. واستمر اللقاء زهاء ساعة في حضور المستشار الاول في السفارة جوزف سيلفا. وأعرب إيمييه عن حزنه لمغادرة بيروت، عارضاً موقف بلاده من التطورات التي شهدها لبنان خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كذلك اطلع لحود على مبادرة وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير في تحريك الحوار بين القادة اللبنانيين.
وأكد لحود «حرصه الدائم على تعزيز العلاقات اللبنانية ـــــ الفرنسية المتجذرة عبر التاريخ، والتي ترجمت أخيراً من خلال مبادرة الوزير كوشنير». وشرح لإيمييه وجهة نظره من الاحداث الراهنة على الساحتين المحلية والإقليمية، وموقفه من التطورات الداخلية ورؤيته الى «السبل الآيلة الى المحافظة على وحدة لبنان ودوره في محيطه والعالم».
وكان رئيس الجمهورية قد أكد انه لن يسلّم الرئاسة الا الى «أياد امينة»، أي الى رئيس يكون لكل لبنان، وفي الوقت عينه مؤمناً بأن قوة لبنان هي في قوته، لا في ضعفه». وشدّد على أن الاتفاق على رئيس «هو لمصلحة جميع اللبنانيين»، منبهاً الى أنه في حال عدم انتخاب رئيس جديد «يدور الكلام عن تسلم الحكومة غير الدستورية وغير الميثاقية وغير الشرعية مقاليد السلطة. لهذا السبب يجب تأليف حكومة وحدة وطنية، ليكون البديل جاهزاً».
مواقف لحود جاءت خلال استقباله وفداً من الاحزاب والقوى الوطنية في الجنوب، زاره مهنئاً بذكرى صد العدوان الاسرائيلي في تموز العام الماضي، ومطالباً بتأليف حكومة وحدة وطنية «التي هي حق وطني لكل القوى السياسية».
وتحدث لحود أمام الوفد، لافتاً الى أن اسرائيل تحاول «استعمال كل الطرق، ومن خلال اميركا، لنزع سلاح المقاومة الوطنية، كي تستعيد امجادها السابقة حين كانت تخوض الحروب على الدول العربية وتنتصر». ودعا الى المقارنة بين القرارين الأميركيين بإعطاء «هبة» لإسرائيل و«بيع» أسلحة لعدد من الدول العربية، سائلًا: «هل يبقى بعد ذلك أدنى شك لدى أي لبناني، حتى أولئك الذين نسمعهم اليوم يتغنون بمدى قربهم من الولايات المتحدة، أن واشنطن لن تفضّل لبنان على اسرائيل؟».
وإذ رحّب «بكل من يقوم بمساع توفيقية»، جدّد قوله «أن الحل يكمن في لبنان»، داعياً الجميع الى «الجلوس مع بعض وحل القضايا المهمة وأولاها قيام حكومة وحدة وطنية تكون لكل لبنان». وكرّر تحذيره من «أن المؤامرة الكبرى تُعدّ منذ الآن لشهر أيلول»، وهي «تتمثل في ايجاد الطريقة التي من شأنها إقامة سلام بين الفلسطينيين واسرائيل في شهر ايلول المقبل»، مشيراً الى أن «الموضوع الأهم الذي يتم تداوله هو الاشادة بالمبادرة العربية، إلا أن ما يتكلمون عنه هو المبادرة التي كانوا يعلمون بها بحسب اقوال الاسرائيليين. لذا، فقد طلبوا إلغاء ما تمّت إضافته في قمة بيروت عام 2002 أي حق العودة».
ورأى أنه يصبح من السهل تنفيذ ذلك «إذا كان لبنان ضعيفاً ومشرذماً ويختلف فيه أبناؤه». واستغرب «مواقف البعض الذي يتغنى بأن ما يقوم به هو من اجل استقلال لبنان وحريته، وهو يريد، في الوقت نفسه، التخلص من سلاح المقاومة». وقال: «كيف يمكن تحقيق استقلال لبنان من دون وجود قوة تمكّن البلد من المواجهة؟ إن عدم حصول التوطين هو بسبب قوتنا اليوم. فنحن اقوياء بالمقاومة، وبالجيش اللبناني أيضاً». ورأى تقاطعاً في المصلحة «بين اسرائيل و«فتح الاسلام»، حيث إن الطرفين يريدان خراب لبنان، وهما من أعدائه».
وردّاً على قول البعض إنه إذا تم تأليف حكومة وحدة وطنية إو إنقاذية، فبإمكان البعض أن يستقيل منها حين موعد الانتخابات الرئاسية، سأل: «هل هذا البعض موجود حالياً؟»، معرباً عن يقينه أنه «إذا تألّفت هذه الحكومة الوطنية، والتي يجب أن يتمثل فيها أقطاب، لا يمكنها ان تستقيل وتدع لبنان في مهب الريح، مثلما يسعون إليه حالياً في الخارج لإضعافنا وإمرار مشروع التوطين، وبعدها نزع سلاح المقاومة فيعود لبنان ضعيفاً كما كان في عام
1982».
وختم معرباً عن تفاؤله. وقال: «ما دامت قوتنا في قوتنا، فلا أحد يستطيع التغلب علينا»، مشدداً على «أن الأكثرية الصامتة في لبنان تريد وحدة كل لبنان دون أي تفرقة طائفية أو غيرها».
ثم التقى لحود وفداً من تجمّع العلماء المسلمين، قال أمامه: «هل اذا ما طالب رئيس الجمهورية بأن يكون لبنان قوياً، يكون بذلك طرفاً؟ أهلًا وسهلًا بكل من يرغب من الدول في دعم قوة لبنان، والمقاومة الوطنية جزء من هذه القوة. إن أي دولة في العالم تودّ أن تدعم جيشنا الوطني نؤيدها في ذلك، وأي دولة في العالم دعمت مقاومتنا فنحن معها أيضاً. أما الدول التي تضمر لنا أموراً اخرى مثل نزع سلاح المقاومة، فكيف لها ان تنعتني بأنني طرف، فيما يجب علي الوقوف في الموقع الوسط بين من يطالب بنزع سلاح المقاومة ومن يرفض ذلك الى حين حصول لبنان على حقوقه كاملة بما فيها عدم توطين الفلسطينيين على الاراضي اللبنانية وضمان حق عودتهم الى ارضهم؟ أنا أؤكد أن مطلباً كهذا غير واقعي، وحتى الدول التي تدّعي رغبتها في استقدام الديموقراطية والحريات الى لبنان، تعرف في قرارة ذاتها أنه عندما نكون في موقع الضعف لا نكون احراراً، ولا نكون مستقلّين».
كذلك التقى لحود، الهيئة الجديدة للرهبانية الباسيلية الشويرية، ووفداً من الجالية اللبنانية في نيجيريا.
(وطنية)