قبل 72 ساعة من موعد بدء المعركة الانتخابية في المتن، أطلق رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون رسائل عدة في اتجاه «الخصوم»، واصفاً هذه المعركة بأنها لـ«تثبيت صلاحيات رئاسة الجمهورية، لأنهم تنازلوا عن كل شيء، ويبدو أنهم باعوا الصلاحيات، باعوها وقبضوا ثمنها»، داعياً مناصريه الى «تحكيم ضمائرهم، والتوجّه الى صناديق الاقتراع يوم الأحد».وأمام وفود متنيّة احتشدت في دارته في الرابية، استهلّ عون كلمته بالترحيب بـ«الأهل في بيتهم»، قبل ثلاثة أيام من بدء المعركة الانتخابية التي «ستكون لها معان كثيرة».
ومسترجعاً ما حصل في انتخابات 2005، حيث «عدت من فرنسا بالقوة، ولم يكونوا ممنونين. حاولوا تأخير رجوعي الى ما بعد الانتخابات. لكن، جئنا فحاولوا عزلنا في الانتخابات، وكنتم وحدكم النصير، وفزنا في الانتخابات»، ورأى أن المطلوب أمام الاستحقاق الجديد «تجديد الثقة»، لأن «الوحدة الوطنية هي الدرع المنيعة التي تسمح لنا بأن نعيش بسلام بعضنا مع بعض، ونعيش بقوة لمواجهة الخارج».
وفي جردة حساب سريعة، ذكّر عون بأن «من كان يزحف عند السوريين، أعلن الحرب عليهم بعد انسحابهم»، و«عندما كنا نهاجم سوريا لأنها قمعت حريتنا وتمثيلنا، كانوا هم زلمها، وكانوا يطلقون علينا أننا أعداء سوريا، فقلت لهم نحن لسنا أعداء سوريا، بل نحن ضدها لأنها في لبنان»، داعياً الى ضرورة التعامل مع سوريا كـ«جارة، يجب إقامة سياسة حسن الجوار معها».
وابتداءً من عام 2000 حيث «كنا نتحضّر لانتخابات 2005»، وصولاً الى عام 2004 حيث «دعونا الجميع إلى الاجتماع، تحضيراً لما بعد سوريا، لئلا تكون هناك صدامات، ونكون كلبنانيين متفاهمين، هربوا»، أراد عون التذكير بهذه المحطات لأن «الشعب يجب ألّا يعيش في مزايدات ومغالطات، بل يجب أن يبقى ضميره حياً».
وإذ شدّد على أهمية «المحافظة على الوحدة الوطنية، وإشاعة السلام بين اللبنانيين»، بعيداً عن «سياسة التهجّم وتحضير الفراق، أي سياسة الخراب»، وضع عون نفسه أمام تحدّي الرئيس أمين الجميل بـ«أن يقول إنه ملتزم الدفاع عن صلاحيات رئاسة الجمهورية، ورفض الخروق التي حصلت في الحكومة الحالية»، لأنه «إذا قال هذه العبارة، تحلّ القضية في الحال. لكنه، لن يقولها».
وفي شأن مبادرة بكركي، أوضح أن التيار «وافق عليها من دون قيد أو شرط، لأن غبطة البطريرك (مار نصر الله بطرس صفير) يرغب»، وانتقد «التوظيف الدائم لمقام بكركي واستغلاله في الإعلام»، مضيفاً: «تكلموا عن ميثاق الشرف، وقّعنا ودعوناهم إلى التوقيع. لم يوقّعوا، لا بل قالوا ميثاق من دون شرف. تكلموا عن قانون يضمن صحة تمثيل المسيحيين، فعملنا مع النواب والقوى السياسية على هذا الموضوع، فرفضوا. وبالأمس، كانت هناك مبادرة من غبطة البطريرك، قلنا لهم نحن نوافق فرفضوها، ذهبوا اليوم للمناورة كأننا نتفاوض في الأمم المتحدة على اتفاق سلام، قلنا لهم لا، نحن وافقنا وهناك ورقة مكتوبة فلتعلن»، وفي السياق نفسه «يخرجون على الإعلام ويقولون هناك مبادرة وموقف، وقد تحلّ القضية. لا، هذا الكلام غير صحيح، هناك كذب كي لا تكونوا جاهزين للانتخابات».
وأكّد حتمية حصول الانتخابات يوم الأحد، فـ«الموضوع انتهينا منه، وعلينا أن ننتقل إلى مرحلة ما بعد الانتخابات». ونبّه من «محاولة العودة إلى أجواء السبعينات»، مشيراً الى أن الاقتراع يوم الأحد «سيمنع هذه العودة»، مضيفاً: «إذا كانوا يحبّون الكلام عن الشهداء، فنحن نحبّ الحديث عن الأحياء، ونمنع استشهادهم في سبيل الفراغ. لا نريدهم شهداء في معارك، ولا شهداء اقتصاد يهربون من الوطن ليعملوا في المهجر. إذا لم نتخلَّ عن سياسة التهجير والصدام وتربية الحقد والكراهية، لا نستطيع بناء وطن». وإذ حمّل «الخصوم» مسؤولية «التورّط بكل شيء، إلّا بقضية خلاص وطنهم»، ختم عون كلمته بالقول: «نتمنى لو كانوا أحراراً. التجربة في اليومين الماضيين خير دليل على ذلك. فالمرشح الخصم يقول إن حلفاءه لا يقبلون. أنتم تعرفون الشيخ أمين، وأنا أخاف من الذين هم بعيدون عنه ولا يعرفونه. أتمنى عليكم أن تستعيدوا بالذاكرة، وخاصة من هم متقدّمون في السن وعاشوا تلك المراحل، فليُطلعوا أولادهم، فهم يقنعونهم أكثر مني لكونهم أقرب وعاشوا في المنطقة، مع العلم أنني أعرف الذي حصل على امتداد الوطن».
وفي إطار الاستعدادت «العونيّة» للمعركة المقبلة في المتن، أشار مسؤول العلاقات السياسية في التيار جبران باسيل، في لقاء جمعه مع ناشطي هيئة الضبية، الى «رمزية» المعركة التي «تخطّت، في مضمونها وأبعادها السياسية، عملية انتخاب فرعية، لتأخذ شكل معركة بين خطّين ونهجين: نهج التسلّط والاستئثار بالحكم والتهميش، ونهج يعمل بشتى الوسائل للحفاظ على الحد الأدنى من القيم الديموقراطية»، مشدّداً على ضرورة «الاقتراع بكثافة»، من أجل «تأكيد التزام آخر معقل للممانعة، وللحفاظ على التوازن الوطني والسياسي في البلاد».
وفي لقاء حواري نظّمته هيئة المتين في «التيار الوطني الحرّ»، دعا النائب سليم عون المتنيين الى «عدم الانجرار وراء الإعلام المشوّه»، معتبراً أن قرار الجميل «ليس في يده، وماضيه لا يشرّف، وهو ليس صاحب القرار».
(الأخبار)