strong> غسان سعود
مع البرنامج الوثائقي الذي يعرض هذا المساء على إحدى القنوات التلفزيونية الموالية، تكون الأكثرية النيابية قد استكملت استعداداتها للانتخابات الفرعيّة في دائرة المتن. إذ يعرض الفيلم للعلاقة الحميمة بين الوزير الشهيد بيار الجميل ووالده الرئيس أمين الجميّل، وينتظر أن يتضمن صوراً وعبارات تؤثر في مشاعر الناخبين، وتشجعهم على التصويت لمرشح الأكثرية النيابية.
هكذا تمضي الساعات الثماني والأربعون الأخيرة قبل فتح صناديق الاقتراع، وسط تفاؤل كتائبي كبير بحسم المعركة لمصلحة بكفيا، بعدما نجح الرئيس الجميّل، خلال أقل من أسبوع، في تذليل عقبات كتائبيّة اصطدم بها لأكثر من 15 سنة، فخرجت إلى العلن فجأة مصالحته ومجموعة جورج قسيس الكتائبيّة، وعادل بو حبيب، ومنير الحاج، وإيلي غانم، إضافة إلى قائد «القوات اللبنانية» السابق فؤاد أبو ناضر. ويتحدث أحد أقطاب ماكينة الجميّل عن تنسيق كامل مع بلديات عدة كانت تحسب سابقاً على النائب ميشال المر، مؤكداً أن دارة آل الجميل لم تخل، منذ إعلان ترشحه، من المخاتير الذين يزورونه من مختلف بلدات المتن ليؤكدوا دعمهم له في معركته «الأخلاقية» و«الإنسانية». أما على الصعيد العائلي، فتجزم ماكينة الجميّل بأن «العائلات الساحلية الكبيرة وكل العائلات المتنية ذات الخلفية الكتائبية استقطبت من جديد، ويجري التنسيق مع كبار ممثليها لتقترع لمرشح بكفيا».
وفي المقابل، تستغرب ماكينة المر ما يسوقه فريق الجميل، ويقول أحد أقطابها إن ذهاب مختار محسوب على المر إلى دارة الجميل «يكون هدفه الوحيد العودة ببعض المعلومات لأبو الياس»! أما الكلام عن خرق في البلديات الساحلية فـ«مجرد أحلام تدغدغ مخيلة الجميّل وحلفائه منذ الانتخابات البلدية الأولى عام 1998». ويؤكد أن «الحلف الثلاثي» (عون ــ المر ــ الطاشناق) يقبض على غالبية الأصوات في بلدات المتن الكبيرة مثل: برج حمود، سن الفيل، بيت شباب، ضهور الشوير، بتغرين وبسكنتا. فيما يحظى الجميل بالغالبية في بكفيا والبلدات المجاورة، إضافة إلى بعض البلدات الصغيرة، علماً بأن عدد الناخبين في بلدة كبيرة واحدة يعادل، تقريباً، خمسة أضعاف عددهم في البلدات الصغيرة.
ويؤكد القيادي أن أموالاً كثيرة بدأت توزع في المتن، وبعضها ذهب إلى منازل بعض رجال الدين بغية التأثير عليهم، إلا أن ذلك، في رأيه، لن يؤثر في الفارق بين مرشح التيار الوطني الحر كميل خوري والرئيس أمين الجميل، الذي «لن يقل عن خمسة آلاف صوت، في أسوأ تقدير».
من جهته، يراهن التيار الوطني الحر، أمنياً وجماهيرياً، على مهرجانه عصر اليوم في الباحة الملاصقة لقصر المؤتمرات في الضبية لإقناع «المراهنين على المعجزات» بإخراج شعبيته من صندوق اختباراتهم. ويفضل قياديّوه عدم الدخول في التفاصيل، تاركين لسائليهم فرصة تقصّي المعلومات من المواطنين. ويكتفي أحد المتابعين لعمل فريق التيار التقني بالإشارة إلى أن أسماء مؤيدي خوري تحسب عند التيار مرة واحدة، مهما يكن انتماء المؤيد. أما عند الجميل، حيث الجداول الانتخابية الورقية، فإن الاسم نفسه يتردد ثلاث مرات، مرة ضمن مؤيدي الكتائب، ومرة مع القواتيين، ومرة مع مناصري النائب السابق نسيب لحود. ويؤكد أن هذا هو الخطأ الذي واجه ماكينة الجميل ــ لحود عام 2005 وأوقعهما بخسارة تجاوزت الثلاثين ألفاً لم يعالج بعد، مذكّراً «كيف كانوا يتباهون حتى ظهر يوم الانتخابات في الـ 2005 بأن لائحتهم تتقدم على لائحة العماد عون بأكثر من عشرة آلاف صوت».
على صعيد آخر، يتوقع أحد المتابعين لهذه المعركة أن تتغير وجهة كلام البطريرك الماروني نصر الله صفير خلال اليومين المقبلين، وخصوصاً أن التصعيد المسيحي ــ المسيحي في المتن اليوم، نموذج عمّا يمكن أن يحصل لو أخذ بكلمة بكركي واعتمد القضاء دائرة انتخابيّة. حيث تشكل دائرة المتن الانتخابية، وفق المصطلحات اللبنانية، أكثر الدوائر المسيحية «صفاءً» من حيث التوزع الطائفي، إذ لا تتعدى نسبة ناخبيها المسلمين الـ 3،43 في المئة من إجمالي عدد الناخبين، لم يقترع منهم عام 2005 إلا 2،92 في المئة فقط (2437 مقترعاً من أصل 83502 اقترعوا عام 2005). وغالبية هؤلاء من الطائفة السنيّة (1026 مقترعاً)، يليهم الدروز (752) ثم الشيعة (659). وفي النتيجة يقول المتابع نفسه إن سيد الصرح يقرأ النتائج جيداً، ويعلم أنه «سيكون صباح الاثنين أمام مرشحين سابقين للرئاسة هما: الرئيس الجميل والنائب السابق نسيب لحود، وجنرال أكد على قوة تمثيله وعلى حقه بالرئاسة الأولى، بعد أن تجاوب مع كل المبادرات البطريركية، ولا يجوز بالتالي الإسراف في إصدار مواقف يجيّرها البعض للتهجم عليه».