رشا حطيط
يوجّه مرشحون إلى الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها غداً اتهامات إلى وزارة الداخلية بحرمان بعض المواطنين من حقّهم في الانتخاب، من خلال عدم تسليمهم بطاقاتهم الانتخابية، في ظل غياب المرجع القضائي المختص للتقدم بشكوى أمامه، قبل الانتخابات أو بعدها. فهل تستقيم انتخابات بقلم اقتراع وستار عازل فقط؟


أكّد محافظ جبل لبنان بالوكالة القاضي أنطوان سليمان أمس، أن «كل الأمور اللوجستية والإدارية المتعلقة بالانتخابات أصبحت جاهزة»، مشيراً إلى «اجتماع لمجلس الأمن المركزي عقد أمس برئاسة وزير الداخلية حسن السبع تم خلاله إطلاع الوزير على ما تم تحضيره لكي تكون هذه الانتخابات سليمة، نزيهة وحرة». كما أعلن المحافظ سليمان أن «مراكز الاقتراع جاهزة لبدء العملية الانتخابية، كذلك رؤساء الأقلام والقوى الأمنية والجيش الذي سيتواجد خارج مراكز الاقتراع لتأمين الحماية»، لافتاً إلى «أن الانتخابات ستتم بالطريقة السليمة مئة بالمئة».
لم يأتِ المحافظ سليمان، ولا المسؤولون الحكوميون الآخرون، على ذكر الإجراءات القضائية والقانونية، التي يمكن للمواطن اللجوء إليها إذا تضرر من أي تصرّف إداري متعلّق بالانتخابات. لكن الدستور اللبناني، واجتهاد المجلسين الدستوريين اللبناني والفرنسي، يؤكّدان على حفظ الحق البديهي للمواطن بوجود جهة رسمية صالحة للطعن أمامها، بأي إجراء رسمي يرى أنه متضرر منه. وبما أن المشرّع اللبناني، أعطى للمجلس الدستوري، صلاحية النظر بكل الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الانتخابات، فإن المواطن اللبناني المتضرر، محروم من حقه بالمراجعة القضائية في ظل غياب (أو تغييب) المجلس الدستوري. أما مجلس شورى الدولة فكان قد أصدر أخيراً ثلاثة قرارات، أكّد فيها عدم «صفته القانونية» للنظر في أي شكوى متعلقة بالانتخابات باستثناء ما أعطاه إياه قانون الانتخابات المعمول به حالياً (القانون الرقم 171 تاريخ 6/1/2000)، في المادة 35 منه التي تنص على أنه «إذا امتنعت السلطة المختصة عن إعطائه (أي للمرشح للانتخابات النيابية) الإيصال لغير الأسباب المبيّنة أعلاه، فيمكنه مراجعة مجلس شورى الدولة باستدعاء بسيط غير خاضع للرسم. وعلى المجلس أن يفصل باعتراضه نهائياً في غرفة المذاكرة خلال ثلاثة أيام».
احتجاز 600 بطاقة انتخابية؟
أعلن «التيار الوطني الحر»، أمس، في بيان صدر عن لجنته الإعلامية أن وزارة الداخلية، «في إطار الممارسات الخارجة عن أبسط القواعد القانونية، تحتجز أكثر من ستمئة بطاقة انتخابية لأبناء المتن، مقدّمة في مواعيدها القانونية إلى مخافر الدرك، وترفض وزارة الداخلية اللبنانية تسليمها إلى أصحابها». وأضاف البيان «إن التيار الوطني الحر إذ يضع هذا الأمر من ضمن التضييق على أنصاره ومنعهم من ممارسة حقهم الانتخابي يوم الأحد المقبل، يطلب من جميع المعنيين البت في هذه القضية بالسرعة المطلوبة».
بيروقراطية تحرم 450 من التصويت؟
وفي هذا الإطار أيضاً، ذكر رئيس الهيئة التنفيذية لحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حديث نقل على شاشات التلفزة، أول من أمس، أن 450 من مناصري قوى 14 آذار لم يتمكنوا من الحصول على بطاقات انتخابية، محدّداً أن السبب هو الإجراءات البيروقراطية في الدولة اللبنانية. ومهما كان السبب، يفهم مما ذكر أن مواطنين لبنانيين محرومون من حقّ نص عليه الدستور اللبناني وقانون الانتخابات.
الشكاوى: إلى أين؟
في ظل غياب المرجع القانوني الصالح لتقديم شكوى أمامه، لا يجد متّهمو وزارة الداخلية بحرمانهم من حق الاقتراع عبر احتجاز بطاقاتهم الانتخابية، إلا الاتصال بلجنة الشكاوى التي أعلنت وزارة الداخلية تأليفها للنظر بالشكاوى الواردة إليها.
لكن، يمكن للمرشّح للانتخابات المتضرر التقدّم بشكوى لدى لجنة القيد الانتخابي التابعة لوزارة الداخلية في الدائرة الانتخابية التي رشّح نفسه عنها، من أجل إضفاء صدقية على الطعن الذي ينوي التقدّم به أمام المجلس الدستوري الذي من الممكن أن ينشأ في المستقبل. وهذا الإجراء، بحسب أحد القانونيين، ضروري لأن المجلس الدستوري لا يقبل الطعن غير المثبت. فإذا تقدّم مرشّح بطعن أمام المجلس المذكور، متّهماً مرشّحاً منافساً له بتقديم رشى مثلاً، يطالبه المجلس الدستوري بإثبات ذلك عبر الحصول على حكم صادر عن القضاء المختص يدين مرتكب جرم الرشوة، وبعدها يعمد المجلس المذكور إلى النظر بالطعن.
أيام قليلة، وينجلي غبار المعركة الانتخابية، وإذا كانت النتائج متقاربة وفاز أحد المرشحين بعدد أصوات لا يزيد على عدد البطاقات الانتخابية التي تتهم وزارة الداخلية بعدم تسليمها إلى المواطنين، فإلى من يلجأ المرشّح المتضرر؟