المصنع ـ الأخبار
الزحمة عند النقطة الحدودية في المصنع خانقة وتوقع عناصر الأمن في المخالفات القانونية والإنسانية. فمنذ أحداث الشمال ومنذ أن أقفلت سوريا معبري الدبوسية والعبده، يشهد معبر المصنع ضغط العابرين اليه بكثافة وخاصة العمال السوريين. قصدت «الأخبار» نقطة المصنع وسجّلت المعاملة القاسية التي يتّبعها عناصر الأمن مع العابرين، وتحديداً مع العمال السوريين القادمين إلى لبنان.
فزائر المصنع أيام السبت والأحد والاثنين يشهد بالعين المجردة المخالفات القانونية والإنسانية التي يمارسها عناصر الأمن اللبنانيون بحق العابرين، حيث يعمد عناصر الأمن على تجميع العمال أمام مبنى الأمن العام ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة. دون الإسراع في إنجاز معاملات الدخول، لتزداد الزحمة ويقع أرضاً من لا يقدر على مقاومة الشمس وحرارتها ساعات طويلة. و«الويل والثبور» لمن يحاول أن يخرج من الطابور الذي يصل أحياناً الى أكثر من 400 شخص. لا يُسمع سوى الصراخ والشتائم «من الزنار ونازل». ولا ترى غير الركل والتدفيش بأعقاب البنادق.
يصيح الضابط المناوب بأحد العناصر ويشير الى شاب لا يتجاوز الثلاثين من عمره يحمل في كتفه حقيبة سوداء وبيديه أوراقه الثبوتية. يتجه العنصر الى الشاب ويوجهه الى مكان الانتظار بعنف، الشاب لا يتحمل الإهانة. يصيح بالعنصر «منا بهايم حتى تعاملونا هيك» يرد عليه العنصر باستهزاء «سكوت انتوا أكبر من هيك». لم يعرف العنصر ولا الضابط أن الشاب لبناني، إلا بعدما قال له أحد العمال الذي ينتظر في الطابور «الطابور والإهانة للعمال السوريين فقط». بعدئذ حاول العنصر أن يبرر للمواطن اللبناني سوء التفاهم وأن هؤلاء العمال «ضيّعوا رأسه».
التقت «الأخبار» العديد من العابرين بعد «الإفراج» عنهم: محمد ع. لم يستطع أن يخفي تعبه وانتظاره تحت أشعة الشمس، يقول بعتب «لو ببلدنا في شغل ما جينا ورضينا بالمهانة».
أمّا أبو زياد الستيني فيحاول أن يلتقط أنفاسه بعد مشقة ثلاث ساعات انتظار وشتائم، ويصبّر نفسه «الشكوى لغير الله مذلة». يتابع وبعينه دمعة «شو بدي احكي ما عاد يحترموا لا كبير ولا صغير».
أدهم .ش. عامل سوري قادم الى لبنان من منطقة حلب، كان قد غادر لبنان على أثر أحداث نهر البارد. من الساعة الحادية عشرة حتى الثالثة بعد الظهر هو ورفاقه ينتظرون الإفراج عنهم والسماح لهم بالدخول الى الأراضي اللبنانية. يقول «ما عادنا قادرين نرجع، ان انتظرنا بهدلة وان رجعنا كمان بهدلة».
رأى موظف في الأمن العام أن هذه المعاملة المستجدة على العناصر هي بسبب كثافة العمال القادمين «أفواج، أفواج». مما يسبّب لهم الإرباك والزحمة «فنضطر الى توقيفهم بالخارج وإنجاز معاملاتهم بالدور».
لكن العابرين العرب غير السوريين لا يخضعون للمعاملة السيئة. سعيد.ز. أردني قادم الى لبنان بهدف السياحة هو وزوجته وأولاده بسيارته الخاصة. يقول «بالنسبة الي لم أرَ إهانة لكن من المعيب ما رأيته في هذا الطابور، وهو يدل على استثنائية بالمعاملة».
قاسم سائح سعودي تعوّد زيارة لبنان منذ فترة زمنية طويلة. يرى أنه من غير اللائق بلبنان واللبنانيين هذه الاستثنائية في تعاطي موظفي الأمن اللبناني «هذه الحدود صورة لبنان الى العالم، من زمان بيجي لبنان ما شفت هيك معاملة».