عفيف دياب ـ نقولا أبو رجيلي
تشهد مناطق انتشار المتنيين في البقاع «هجمة» وفود وقيادات سياسية موالية ومعارضة تجهد لاستمالة أصوات هؤلاء الناخبين في دائرة المتن الذين يقطنون في مختلف مناطق البقاع، ولا سيما في البقاع الأوسط حيث تعيش النسبة الأكبر منهم وتعمل في المنطقة منذ عشرات السنين.
وشهدت اشهابية الفاعور والفاعور وتعلبايا وقب الياس، حيث الوجود الأكبر لعرب الحروك والشقيف والهيب، حركة نشطة خلال الأيام الماضية لـ«مفاتيح» انتخابية من الفريقين الأساسيين المتنافسين في دائرة المتن. وبرز حضور تيار «المستقبل» مع حليفيه، «القوات اللبنانية» وحزب الكتائب، بهدف إقناع أكثر من 625 ناخباً (507 فقط يملكون بطاقات انتخابية) للاقتراع لمصلحة مرشح الكتائب الرئيس أمين الجميل خلافاً لما يعرف عنهم من التزام مطلق بما يقرره النائب ميشال المر الذي عرف، منذ انتخابات 1996، مكامن «القوة والضعف» عند هذه الكتلة الناخبة التي قد تحدد اليوم نتيجة انتخابات المتن، لأن لكل صوت قيمته السياسية والانتخابية. فالنائب المر نجح في استمالتهم بعدما وفّر لهم خدمات جمة من خلال وجوده الطويل في وزارة الداخلية والبلديات وما كان يشكله من نفوذ سياسي خلال الفترة السابقة، كما قدّم لهم حماية سياسية واقتصادية لم يعرفوها من قبل.
«مَونة» المر على هؤلاء لم تتأثر في الانتخابات النيابية في عام 2005 رغم كل محاولات تيار «المستقبل» لاستمالتهم وتوفير ما يحتاجون إليه من خدمات. ففي الانتخابات الماضية اقترع «متنيو البقاع» بنسبة 70 في المئة لمصلحة لائحة المر وحليفه الجنرال ميشال عون. ويتخوّف تيار «المستقبل» اليوم من تكرار التجربة، ولا سيما أن الانقسام داخل هذه الأصوات المتنية في البقاع ليس لمصلحة التيار الذي لم يعرف بعد كيف «يتعاطى معنا»، بحسب أحد مشايخ عرب الحروك، إذ إنهم «يزوروننا فقط في الانتخابات، فيما تقفل أبوابهم في وجهنا بقية الأيام».
تيار «المستقبل» الذي «فرز» أحد قيادييه في البقاع لإجراء الاتصالات مع «متنيي البقاع» بالتنسيق مع إقليم زحلة الكتائبي، يسعى جاهداً إلى إقناعهم بالاقتراع لمصلحة الجميل. ويقول أحد أبناء عشيرة الحروك: «إننا نتعرض لضغوط كبيرة من الموالاة والمعارضة من أجل مرشحيهما»، لافتاً إلى «إغراءات مالية، ووعود بوظائف وخدمات. ووعدنا موفد من فريق الموالاة برفع مستوى الخدمات الإنمائية في أماكن وجودنا في الفاعور واشهابية الفاعور وغيرها من القرى».
ويقول أحد وجهاء عشيرة الحروك، عبد الرحمن البشارة إن «ضيوفاً من الموالاة والمعارضة زارونا من أجل أصواتنا»، مؤكداً أن عائلة البشارة، وهي أكبر العائلات في العشيرة (110 أصوات)، «ستقترع لمن يقول عنه دولة الرئيس أبو إلياس الذي لا ننسى أفضاله علينا يوم تركنا الجميع وحدنا». ويتابع: «يوجد أكثر من 11 عائلة في العشيرة ستعطي أصواتها كما يريد أبو الياس، لا كما يريد البعض، ونحن قوة لا يستهان بها ولسنا لعبة بيد أحد».
ولا ينفي البشارة وجود مناصرين لـ«المستقبل»، ويتابع: «نحن هنا جميعنا نؤيد نهج دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكنْ للبعض منا تمايز لا يختلف مع الخط العام للرئيس الشهيد، ونحن نملك حرية قرارنا الانتخابي ولا نمشي مع التحريضات والغرائز المذهبية، فمعركة المتن تعنينا مباشرة، ولا يمكن أن ندع أبو إلياس يزعل منا، ونعرف أن ما نسبته 15 إلى 20 في المئة من أصواتنا ستقترع للرئيس أمين الجميل، لكن الأغلبية هنا مع الرئيس المر وما يقرره».
وفي المقابل تؤكد مصادر كتائبية في البقاع لـ«الأخبار» أن الاتصالات التي أجراها الحزب بالتعاون مع «المستقبل» قد «أثمرت نتائج إيجابية لمصلحتنا، فنحن لم نترك يوماً أهلنا في الفاعور واشهابية الفاعور، وليس صحيحاً أنهم ضدنا، والدليل أن مرشحنا في الانتخابات الماضية الشهيد بيار الجميل حاز نسبة عالية من أصوات المتنيين في البقاع». ويتابع: «نحن على تواصل دائم مع وجهاء من عرب الحروك والشقيف والهيب، والأجواء إيجابية»، مؤكداً أن «تيار المستقبل لم يقدم لأحد منهم إغراءات مالية، لأنهم مقتنعون بالمرشح الرئيس أمين الجميل».
وبدوره أكد قيادي في تيار المستقبل في البقاع لـ«الأخبار» أن الاتصالات مع أبناء المتن في البقاع لم تنقطع يوماً و«نعلم أن البعض ملتزمون تاريخياً مع النائب المر، لكن لا يمكنهم إلا أن يكونوا معنا في هذه الانتخابات، وقد لمسنا ذلك بشكل دقيق، والإحصاءات التي بين أيدينا تؤكد أن أصوات المتنيين في البقاع ستكون أغلبيتها للمرشح الرئيس أمين الجميل».