شبعا ــ عساف أبو رحال
بعد تحرير الجنوب في أيار من عام 2000، كانت بركة النقار التابعة لبلدة شبعا والقريبة منها، تشكل منهلاً أساسياً لسقي المواشي قرب الشريط الفاصل مع مزارع شبعا. ولم يتبدل هذا الواقع رغم العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة، وكانت أولاها خطف المقاومة لثلاثة جنود إسرائيليين قرب البوابة. وبعد عدوان تموز الماضي ودخول قوات اليونيفيل المعززة، كانت منطقة النقار، وتحديداً بركة المياه، أولى النقاط الحدودية التي خضعت لإعادة ترسيم بوضع براميل زرقاء اللون تبعد عن الشريط بمسافات متفاوتة بين 20و50 متراً أو أكثر، أُعيد بموجبها اقتطاع مساحات إضافية من الأراضي، ومنها البركة التي باتت نصفينلم يقتصر واقع الحال على ضيق المراعي والحصار الناري المفروض على مساحات واسعة، بل تعداه ليشمل موضوع المياه القائم في عقر دار بلدة شبعا كما يقول الأهالي الذين افتقدوا مزارعهم، العصب الرئيسي في استمرارية عيشهم وسط منطقة جبلية جردية.
ورأى أبو أسعد فارس حمدان من بلدة شبعا ويملك نحو 400 رأس ماعز أنه إلى جانب الزراعة اعتمد الأهالي على تربية المواشي مصدر رزق. ليس هو البديل من استرجاع المزارع، مشيراً إلى المعاناة التي تواجه الرعاة.
وقال: «الأمور آخذة بالتفاقم يوماً بعد يوم، لجهة ضيق المراعي بسبب الحصار الناري المفروض من مواقع الاحتلال على مساحات لبنانية محررة، وخصوصاً بعد عدوان تموز وإخلاء المقاومة مواقعها. قبل الحرب كانت المراعي تمتد وتلامس مواقع الاحتلال، وحالياً انحسرت المساحات وباتت ضيقة جداً، هناك مساحات محرمة في جبل الروس وشعب السويد ومنطقة الرأس قبالة موقع الرادار، وطالت إعادة الترسيم بركة النقار وشطرتها إلى نصفين رغم وقوعها داخل الأراضي اللبنانية المحررة. قوات اليونيفيل قرب البركة تطلق صفاراتها حين تتجاوز المواشي النصف الأول بحجة أن هناك خطاً يمنع تجاوزه وهذا الأمر غير معقول. لماذا لا تطلق اليونيفيل صفاراتها وتمنع طائرات الاحتلال من خرق الأجواء اللبنانية والخروق البرية؟ منذ فترة قصيرة تعرض ولداي ماهر ومحمد لإطلاق النار من جنود الاحتلال.
منزل أبو أسعد هو آخر منزل على الطريق العام لجهة مزارع شبعا، بفاصل أقل من كيلومتر واحد عن الشريط الشائك وبركة النقار، زوجة وتسعة أولاد هم نتاج سنوات أمضاها أبو أسعد متنقلاً بقطيعه على امتداد الشريط الفاصل.
لم يمنعه عدوان تموز من مواصلة نشاطه اليومي، بقي متمسكاً متماسكاً مع عائلته وقطيعه رغم شراسة الاعتداءات التي طالت محيط منزله، وقال: «مع بدء العدوان واتساع دائرة العنف، اتخذت العائلة قرار الصمود ورسمت برنامج عمل يومي لإدارة أمور القطيع لأنه الهم الأكبر، وكانت المهام اليومية توكل مداورة إلى أحد أفراد العائلة». وأضاف: «في الأيام الأخيرة من العدوان، وبعد تردي الأوضاع، انتقلنا إلى منطقة الفاقعة الجبلية التابعة لبلدة راشيا الوادي، لنواجه أزمة مياه صعبة. قدمت لنا البلدية عشرة صهاريج ماء لسقي المواشي، وبعدها تمت مقايضة المياه بمنتوجنا من الحليب اليومي حفاظاً على الماعز».
ويقول إن موضوع المناهل الصيفية وسقي قطعان المواشي من المواضيع التي حازت اهتماماً كبيراً لدى المعنيين، نظراً لما يحوطها من مشاكل قديمة وجديدة، من بركة مرج المن داخل منطقة المزارع على الحدود مع الجولان، إلى بركة النقار التي باتت نصفين، ثم بركة بعثائيل جنوب شرق بلدة كفرشوبا التي يمنع الوصول إليها لأسباب غير معروفة، كلها أمور استجدت بعد التحرير وتفاقمت بعد حرب تموز.