strong>نفّذ الجيش وقوى الأمن الداخلي انتشاراً غير مسبوق في منطقة المتن نهار أمس، الأمر الذي سمح للمواطنين بالتوجه إلى مراكز الاقتراع التي شهدت تنافساً حامياً لم ينتقل إلى الشارع بفضل الإجراءات المشدّدة، رغم حصول بعض الخلافات التي طُوِّقت فوراً. ووسط التدابير الأمنية المركّزة، كان لافتاً التعاطي الليّن لرجال الأمن والجيش مع المواطنين. أمّا في بيروت، فلم يختلف المشهد الأمني، ببرودته، عن مثيله الانتخابي
في حديقة مار أنطونيوس التي تتوسّط المسافة الفاصلة بين مكان اغتيال الوزير بيار الجميل وأحد مراكز الاقتراع في بلدة الجديدة على ساحل المتن، ووسط حماوة المعركة الانتخابية، جلست أربع فتيات بفساتين العرس، بعد ظهر أمس، في أرجاء الحديقة، يتمايلن أمام عدسات المصورين بهدوء يكاد يُنسي صراخ المؤيدين للتيارين المتنافسين في الانتخابات. ومع إقفال صناديق الاقتراع، خرجت العروس الرابعة من كنيسة مار جاورجيوس في الجديدة وسط الزغاريد التي كسرت تكرار الهتافات السياسية التي ترددت طوال اليوم.
فالإجراءات الأمنية الحازمة التي نفذّتها القوى الأمنية المختلفة، وخاصة الجيش، أمّنت جوّاً من الهدوء النسبي، ما سمح للمتنيين، إضافة إلى ممارسة حقهم الانتخابي، بتمضية يوم عادي في المنطقة التي تعرّضت لعشر هجمات إرهابية منذ آذار 2005.
فقد شهدت منطقة المتن التي عاشت أمس معركة انتخابية حامية، انتشاراً كثيفاً وغير مسبوق لعناصر من اللواء الثاني وفوجَي التدخل الأول والخامس، إضافة إلى مختلف قطعات قوى الأمن الداخلي. كذلك، قامت عناصر أمنية «سرية» من مخابرات الجيش وفرع المعلومات وأمن الدولة بالاندماج في التجمعات من أجل «حصار استباقي» لأي عمل مخلّ بالأمن.
وفي هذا الإطار، شاركت كل قطعات قوى الأمن في تأمين حماية مراكز الاقتراع، ومن ضمنها عناصر الشرطة القضائية الذين تلقوا تعليمات بارتداء الزي العسكري والمشاركة إلى جانب زملائهم في القطعات الأمنية الأخرى. إضافة إلى ذلك، جابت دوريات من الفهود وفوج التدخل السريع كل المناطق المتنية، وخاصة منطقة الساحل. وكان لافتاً تولّي قوة من المكافحة في مديرية المخابرات في الجيش أمن بلدة بكفيا، حيث أقامت حاجزاً بعد الظهر أمام مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في البلدة، عمد إلى تفتيش السيارات.
وكان لافتاً شدة الإجراءات المتبعة، وخاصة في فترة ما بعد الظهر، حيث كانت القوى الأمنية تتدخل لفض أي إشكال قبل تطوّره، وتعمد إلى توقيف المتسببين في المراحل الأولى من الخلافات، التي بقي عددها قليلاً رغم حدة التنافس الانتخابي. كذلك، سيّرت الدوريات وأقيمت الحواجز التي تشدّدت بإجراءاتها التفتيشية التي لم تستثنِ أحداً، وخاصة في محيط الأماكن التي شهدت خلافات. وفي الوقت عينه، تعاملت القوى الأمنية بلين لافت مع المواطنين.
وفي إطار حفظ أمن العملية الانتخابية، أوقفت القوى الأمنية عشرة أشخاص، كان أبرزهم اثنين من مرافقي نجل رئيس حزب الوطنيين الأحرار كميل دوري شمعون في ساحة برج حمود. وفي تفاصيل الحادث، حسب مصادر أمنية وشهود رووا لـ«الأخبار» ما شاهدوه، قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً، وأثناء مرور سيارتين في منطقة برج حمود، قرب المركز الانتخابي الواقع في مبنى بلدية برج حمود، لاحظ أحد عناصر الجيش وجود سلاح داخل السيارتين، فطلب من السائقين التوقف، فلم يمتثلا وداست إحدى السيارتين قدم أحد ضباط الجيش، فما كان من عدد من أفراد الجيش إلا أن تدخّلوا وأوقفوا ركّاب السيارتين، فتبيّن أنهما كانتا تشكّلان موكباً يضم كميل ابن رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» دوري شمعون وعدداً من مرافقيه ومرافقي والده.
وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً روت فيه تفاصيل الحادث ومفادها أن «عدة سيارات مرّت أمام أحد حواجز الجيش في منطقة برج حمود، وبداخلها عناصر تحمل أسلحة بشكل ظاهر، حيث عمدوا لدى محاولة إيقافهم إلى صدم الضابط آمر الحاجز وعدم الامتثال للعسكريين، وقد تم توقيف كل من كميل جوزف شمعون وموريس الديراني ومصادرة بندقيتين حربيتين وثلاثة مسدسات، تبين لاحقاً أنهما من مرافقي السيد كميل دوري شمعون، وأحيلا مع المضبوطات إلى القضاء.
إن قيادة الجيش إذ تؤكد عدم التعرض للسيد كميل دوري شمعون، فإنها تصر على تطبيق القانون، والتشدد تجاه حيازة الأسلحة لعدم صلاحية الرخص الممنوحة لها في هذه الفترة، وتهيب بالجميع عدم إيجاد أي مبرر لمخالفة النظام والقانون، وهي تؤكد أيضاً انضباطية العسكريين، وتقيدهم الصارم بالتعليمات والأوامر الصادرة عن هذه القيادة».
«الأحرار»
من ناحيته، أصدر حزب «الوطنيين الأحرار» بياناً أعلن فيه «أن موكب نجل رئيس الحزب كميل دوري شمعون تعرض للضرب مع مرافقيه على يد عناصر غير منضبطة من الجيش اللبناني أثناء مرورهم في برج حمود».
واعتبر الحزب أن «هذه الحادثة تؤكد أن في الجيش اللبناني من لا يأتمر بأوامر القيادة العسكرية بالحياد في هذه المعركة الوطنية، وبذلك يعمل بعكس مبادئ القيادة المفترض أن تكون بمنأى عن أي صراع داخلي».
ووضعت قيادة الحزب هذه الحادثة في خانة الرد على كلام رئيس الحزب دوري شمعون، الذي رد فيه بالأمس على كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، متهمة «بعض العسكريين الموالين بانتمائهم إلى توجه سياسي معين، وبالتالي الذين يتصرفون على هواهم وبحسب تصرفاتهم السياسية بالوقوف خلف ما جرى».
تطويق حوادث أمنية
وفي النبعة، وأثناء مرور موكب لمناصري «التيار الوطني الحر» قرب أحد المراكز التابعة لحزب الكتائب، حصل عراك بين مناصري «التيار» من جهة ومناصرين لقوى «14 آذار» من جهة أخرى، نتج عنه إصابة ثلاثة أشخاص بجروح، إثنان منهم من مناصري «التيار الوطني الحر». كما أدى الضرب بالعصي والحجارة إلى تكسير زجاج عدد من السيارات. وتدخّلت قوة من الجيش على إثر الحادث، وعملت على توقيف عدد من مناصري الطرفين.
أما في الجديدة، فقد أوقف حاجز من الجيش شابين كانا على دراجة نارية من دون أوراق ثبوتية. وفي البوشرية، حصل تدافش بين مناصرين لحزب «الوطنيين الأحرار» وآخرين من «التيار الوطني الحر»، عمل عناصر من الجيش وحزب الكتائب على تفريقهم. وفي الفنار، أوقفت دورية من الجيش شاباً كان يرتدي بنطالاً عسكرياً.
هدوء في بيروت
وفي بيروت، شهد اليوم الانتخابي في الدائرة الثانية هدوءاً أمنياً متناسباً مع برودة الإقبال والتنافس الانتخابي، إذ لم يسجّل وقوع حوادث وإشكالات تذكر. يذكر أن فوج التدخل الرابع في الجيش تولّى أمن العاصمة، مع تشديد التدابير في محيط مراكز الاقتراع.
«ديموقراطية الانتخابات»
وبعد ظهر أمس، أصدرت الجمعية اللبنانية من أجل ديموقراطية الانتخابات بياناً تحدّثت فيه عن أن مراقبيها لاحظوا عدداً من التجاوزات في دائرتي المتن وبيروت الثانية، من بينها:
- انتخاب خارج العازل، ولا سيما في بكفيا وبرج حمود. - تصويت بواسطة إخراجات قيد أو هويات من دون بطاقة انتخابية، ولا سيما في بيت شباب. - وجود عدم تطابق بين أرقام البطاقات الانتخابية لبعض الناخبين مع الأرقام الموجودة على لوائح الشطب ولا سيما في مرجبا وبسكنتا. - وجود مكاتب انتخابية للمرشحين داخل مراكز الاقتراع ولا سيما في ثانوية علي بن أبي طالب في بشارة الخوري والمدرسة الفندقية في الدكوانة. - وجود ملصقات وشعارات في عدد من مراكز الاقتراع. - وجود عوازل غير صالحة للانتخاب، ولا سيما في برج حمود واستباحة أقلام الاقتراع من قبل مناصري الأحزاب ولا سيما في بتغرين وبرج حمود.