أرقام وأرقام مغايرة. احتفالات واحتفالات مضادة. تهانٍ في الرابية وتهانٍ في بكفيا... هكذا كانت ليلة المتن، في ظل الغموض الذي اكتنف نتائج اليوم الانتخابي الطويل الذي أرهق الماكينات الانتخابية والمرشحين والحلفاء الذين واكبوا تطورات «أم المعارك» لحظة بلحظة. ومع اقتراب منتصف الليل، ظهرت النتيجة معلنةً فوز مرشح «التيار الوطني الحر» الدكتور كميل خوري. فوسط إجراءات أمنية مشددة، خاض المتنيون الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي، لملء المقعد الشاغر باغتيال النائب بيار الجميل الذي تنافس عليه رئيس حزب الكتائب أمين الجميل وخوري. فيما كان غائباً كلياً عن المعركة المرشح الثالث جوزف الاسمر، وقد بلغت نسبة المشاركة 48 في المئة. إلا أن ما ميز هذا الاستحقاق هو التزام حزب الطاشناق ككتلة واحدة بالتصويت لمصلحة التحالف مع العماد ميشال عون والنائب ميشال المر الذي خاض بحزم المعركة إلى جانب حليفيه عبر قوته التجييرية،. المشهد بدا مغايراً في دائرة بيروت الثانية التي تنافس على مقعدها الذي شغر باغتيال النائب وليد عيدو ستة مرشحين هم: مرشح تيار المستقبل محمد الأمين عيتاني ومرشح حركة الشعب ابراهيم الحلبي، وكل من: زهير الخطيب، محمد رشيد قردوحي، خالد أبو الخدود وصالح فروخ علماً بأن أعلنا انسحابهما لمصلحة عيتاني. ورغم النداءات المتواصلة التي أطلقها تيار المستقبل لحث الناخبين على الاقتراع، تلكأ البيروتيون في التلبية وأقبلوا على صناديق الاقتراع في مناطق المصيطبة والباشورة والرميل بنسب ضئيلة، لم يتعدّ مجموعها العام العشرين في المئة، وسط مقاطعة شيعية وأرمنية وشبه مسيحية. إلا أن النتيجة، كما كان متوقعاً، جاءت لمصلحة عيتاني.



المتن الأعلى: «ثورة التغيير» في مواجهة العاطفة والدموع

المتن الاعلى ـ عفيف دياب

تأخرت قرى المتن الاعلى في بدء يومها الانتخابي عن أخواتها في الدائرة الانتخابية الاكثر حماوة وحراكاً سياسياً منذ زمن طويل. فالهدوء الذي كان يلف عينطورة والمروج وبولونيا وضهور الشوير وصولاً الى عين التفاحة والجوار والدوار والعيرون، سرعان ما اخترقته المواكب السيارة الداعمة لمرشح حزب الكتائب الرئيس امين الجميل وتلك المؤيدة لمرشح «التيار الوطني الحر» الدكتور كميل خوري التي «بكّرت» في «النزول» من البقاع عبر طريق زحلة ـــــ ترشيش ـــــ ضهور الشوير.
فعابر عينطورة والمروج صباح أمس شعر كأن الانتخابات الفرعية كانت في مكان آخر، لكن هذا المشهد سرعان ما تغير بعدما سيطرت المواكب السيارة على طرق المنطقة التي لم تخلُ من استفزازات متبادلة سرعان ما حسمتها الإجراءات الامنية المشددة للجيش. ومع ارتفاع وتيرة «المدد» من البقاع، ولا سيما الكتائبي والقواتي، انتعشت قرى اعالي المتن بعد العاشرة صباحاً، وأخذت أقلام الاقتراع تشهد أولًا «إقبالاً» من مقترعين أتعبهم العمر فـ «استحضروا» في سيارات من منازلهم للإدلاء بأصواتهم قبل أن يحين موعد القداس والصلاة، إذ عادت القرى الى هدوئها بعد قرع الأجراس فتنفس رؤساء الأقلام «الصعداء» لتناول وجبة خفيفة من الطعام المقدم من الماكينات الانتخابية.
بعد الظهر ومع ارتفاع درجات الحرارة، ارتفعت حدة التنافس، فزادت نسبة الاقتراع من واحد في المئة قبل التاسعة صباحاً الى 17 في المئة قبل الواحدة ظهراً.
أما في المتين فقد سُجّل إشكال بين أنصار «القوات اللبنانية» والكتائب الذين حاولوا منع مناصري التيار من الإدلاء بأصواتهم، خرق الهدوء الذي عاد الى أجوائه الطبيعية بعد تدخل قياديين من الفريقين. هذا الإشكال لم يكن الوحيد في اعالي المتن، فقد أدى تلاسن بسبب الصور في بولونيا الى تضارب بالأيدي، فعمدت عناصر الجيش الى توقيف شخصين أخلي سبيلهما لاحقاً.
«العاطفة» و«الدموع» و«دماء الشهداء» أخذت مجدها امس في اعالي المتن، وأدّى «الاستجداء» العاطفي دوره في التنافس، وبث الكتائبيون خطب الجميل التي تتحدث عن «معنى الشهادة، والوفاء لبيار الحي فينا»، في وقت التزم «العونيون» شعارهم الوحيد «التغيير» الذي لا يحتاج الى العاطفة و«الثورة ما بدها عواطف ودموع حتى تنتصر» كما قال احدهم في ضهور الشوير حيث أدى «تأخر» حضور مندوبي الجميل إلى «تأخير» انطلاق العملية الانتخابية الى ما بعد الثامنة صباحاً.
بعد الظهر و«القيلولة» امتدت «الطوابير» أمام اقلام الاقتراع في كل بلدات المنطقة، وبلغت نسبة الاقتراع عند الثالثة والنصف نحو 47 في المئة ولا سيما في عينطورة والمروج والمتين وضهور الشوير التي كانت «قبلة» وسائل الإعلام لما توقعته من إشكالات ستحصل بين الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يتمتع بحضور كثيف وحزب الكتائب. وقال أحد المسؤولين في القومي لـ«الأخبار» إن قراراً قيادياً أبلغ جميع القوميين في كل المتن بوجوب «تجنب الوقوع في الإشكالات التي سيفتعلها عناصر من القوات اللبنانية وتحمّل الاستفزازات مهما كان نوعها».
هذا الانضباط القومي سرعان ما خُرق حين تعمد مناصرو القوات والكتائب بثّ أغانيهم مباشرة امام مركز القومي في ضهور الشوير فردّ اعضاء الحزب على الاستفزاز بتكسير زجاج سيارتي «مرسيدس» و«بيجو»، الأمر الذي ادى الى جرح قواتي وكتائبي، فتدخل الجيش وعمل على اعادة الهدوء الذي لم ينسحب على انصار المرشح الجميل الذي اتهم في تصريح له بعد اقتراعه في بكفيا الحزب القومي بأنه يدير مباشرة المعركة الانتخابية ضده. «التصريح» رفع من حدة المواكب «الكتائبية ـــــ القواتية» السيارة التي تعمدت في اكثر من بلدة «متنية» التوقف امام منازل قوميين وإطلاق شعارات نابية ولا سيما في المتين والمروج والخنشارة.
هذه الحدة التي طالت أيضاً أنصار النائب ميشال المر، سرعان ما ردّ عليها الأخير خلال جولاته على أقلام الاقتراع في بتغرين التي «لن تخذل ابو الياس» كما قال ابو ميشال صليبا. بتغرين التي لم تخذل يوماً المرّ، كانت هادئة، فثانوية البلدة شهدت منذ الصباح «عجقة» مواطنين قرروا الاقتراع باكراً تمهيداً للانصراف إلى العمل على الارض في القرى الاخرى وتوفير متطلبات معركة «ابو الياس» على حد قول صليبا.
اما في بسكنتا فكانت «الرياح» لمصلحة مرشح التيار الوطني الحر، حيث ابدى مناصروه في البلدة ارتياحهم للأجواء والتعاون الجيد مع ماكينة النائب المر التي فعلت فعلها في القرى الصغيرة المجاورة لبتغرين وبسكنتا التي شهدت اعلى نسبة اقتراع تخطت الـ75 في المئة..




الجنرال يقود المعركة: كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم به مجدداً

غسان سعود

لم ينم رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون أول من أمس إلا ساعات قليلة، حيث انشغل وأبرز قياديي التيار بإكمال التنسيق مع حلفائهم، وخصوصاً النائب ميشال المر وحزب الطاشناق، ولم تنقطع الاتصالات بينهم حتى الساعة الرابعة فجراً، فيما كان الهاجس الرئيسي بالنسبة إلى عون أمنياً، وباح للمقرّبين منه بقلقه من لجوء الفريق الحاكم بعدما يتثبّت من خسارته إلى إثارة اضطرابات وقلاقل أمنية تخيف المتنيين وتثنيهم عن التوجه إلى مراكز الاقتراع. عند الساعة السابعة إلا ربعاً صباح أمس، أجرى العماد عون عدة اتصالات بمسؤولي ماكينة التيار الانتخابية ليتأكد من جهوزيتهم وانتشارهم الصحيح في بلدات المتن. لكن سرعان ما «تعكّر» يوم الجنرال، بحسب أحد المقرّبين منه، مع تأكيد المؤسسة اللبنانية للإرسال أن «أبو الياس» يقف في هذه المعركة على الحياد، وأبدى عون انزعاجاً كبيراً من «بداية النهار بكذب وخداع»، وطلب إجراء الاتصالات اللازمة لتطويق هذا الموضوع. ولاحقاً بدأت زيارات نواب «تكتل التغيير والإصلاح» للاطمئنان من العماد عون شخصياً إلى نتائج المعركة، فيما كان الارتياح بادياً عليه وهو يجول بين مكتبه والحديقة الخلفية والباحة حيث يجتمع بالصحافيين، ومكرراً أسئلته عن الاستفزازات الأمنية ونسبة الاقتراع والجوّ العام. كان العماد ينهي اتصالاته دوماً ليعود مطَمئناً المحيطين به إلى أنه «كما وعدهم بالنصر دائماً يعدهم بالنصر مجدداً».
وخلال اليوم الانتخابي الطويل، أدلى عون بعدة تصريحات. فذكّر المتنيين «أن التحالف الثلاثي يدافع عن ثقافة السلام، لتتفاهم كل الأطراف اللبنانية، ويبقى أولاد الناس أحياءً، لا أن يكونوا مشاريع شهداء». ووعد بالتطلع إلى المستقبل منذ يوم الاثنين، وعدم البقاء أسرى الماضي، مستغرباً كيف يعيش البعض في القرن الواحد والعشرين بذهنية القرن التاسع عشر، داعياً الجميع إلى الاتعاظ بالتاريخ، مشيراً إلى أن من يسعى لتكرار تجاربه السيئة هو خطر على نفسه وعلى مجتمعه. ورأى عون أن كلام البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير في عظة الأحد، هو عين الصواب والحكمة، و«أنا متناغم مع كلامه مئة في المئة، ودعوت الجميع الى إبداء الرأي وفقاً للقناعات والخيارات، لأننا في حاجة إلى أن نعرف آراء الناخبين، ففي النتيجة نحن نمثّلهم. لا نقدر أن نمثّلهم إذا كانت رغباتهم وأفكارهم لا تتجانس مع الذي نفكر فيه». وعلى صعيد آخر، سأل عون «من أدخل السوريين، ومن نسّق معهم؟ أليس بيار الجميل جد الشهيد بيار الجميل؟ وألم يكن الشيخ أمين معه؟ من ضرب قصر بعبدا، أليست «القوات اللبنانية» والسوريون معها هم الذين قصفونا؟ ومن قصف السفارة الفرنسية عندما وصلنا إليها؟ صدرنا واسع وتحملنا الكثير، ولكن كفى الآن، عيب أن يقولوا إننا مع السوريين، ولكن نعرف أن الشعب الواعي سيحاسبهم». وفي السياق نفسه، لفت إلى أن «سمير جعجع ينكر وجود السلاح، فيما الجميع يعرف أن لديه سلاحاً، والقضاء لم يتحرك، ولن نطلب منه شيئاً ما دام أطلق من قام بعمليات قتل. نحن لا نعيش في حكم القانون والقضاء العادل، لذلك لا نفع من إبلاغ القضاء. ونذكّرهم بأنهم عندما استنجدوا هم بسوريا، كنا نحن ضدها، ومنذ عام 1976 كنا ضد دخول سوريا إلى لبنان، وقلنا لا نريد أن نستبدل الفلسطيني بالسوري». ورأى أن «سامي الجميّل لا يستطيع أن يوجّه رسائل لأنه صغير ولا يعرف جميع التفاصيل والمعطيات»، واعداً بالاحتفال عند إقفال الصناديق بانتصار نهج تغليب المصلحة الوطنية على مصالح الخارج، لأن تاريخ أمين الجميّل كله تعاون مع الخارج ضد الداخل، ونتحداه أن ينفي ذلك».
من جهة أخرى، تحولت الرابية إلى غرفة عمليات صغيرة مكملة لتلك الضخمة التي في المنصورية، حيث كان يشرف عليها مباشرة منسق التيار الوطني الحر الدكتور بيار رفّول، الذي أكد لـ«الأخبار» أن نسبة الاقتراع مشجعة ومفاجئة إلى حد ما، وأعاد سبب هدوء الكتائبيين وحلفائهم وعدم افتعالهم مشاكل كثيرة إلى نجاح الجيش بضبطهم، وتوقيف عدد كبير من مشاغبيهم ومصادرة أسلحة متنوعة. ورأى أن طغيان الأعلام الكتائبية والمواكب السيارة لا يؤثر في النتائج، لأن الباحثين عن الفوز ينشغلون بمتابعة مؤيديهم وبنقلهم إلى مراكز الاقتراع، لا بإطلاق أبواق سياراتهم دون جدوى. وأكد رفول أن المال السياسي يؤدي دوراً كبيراً و«بعض أقطاب الماكينة السلطوية يوزع المال علانية».
وضمّت لجنة الانتخابات في التيار ست لجان فرعية، هي بحسب عضو أمانة السر في التيار: اللجنة التقنية، باسكال عساف التي اهتمت بفرز معلومات المندوبين وإحصاء النتائج النهائية، لجنة العمل الميداني التي أمّنت الحشود أمام مراكز الاقتراع وفي شوارع المتن، اللجنة التنظيمية، اللجنة اللوجستية، إضافة إلى لجنتي الإدارة والمال. ورغم بعض الفوضى في توزيع المندوبين العونيين الذين حضروا إلى كل مراكز الاقتراع دون استثناء، بحسب عساف، نجح التيار في إثبات تطوّر ماكينته الانتخابية، فيما تألّف فريقه التقني من 45 شخصاً تابعوا ربط المعلومات على ثلاثين جهاز كومبيوتر.
وبعد الظهر، وبعدما أنهى العونيون عملهم التقني في مراكز الاقتراع وأمام مداخلها، أعطى رفول كلمة السر. لحظات ووصلت الأعلام البرتقالية بين مركز الماكينة الانتخابية العونية في المنصورية ومنزل العماد عون في الرابية، معلنة أن المتن لن يكون، حتى إشعار آخر، إلا معارضاً لهذه الحكومة ومؤيداً للعماد عون.




قلب المتن: المتخاصمون احترموا آلام 7 آب والأصول الديموقراطية

  • قبل يومين من 7 آب، عاد العونيون إلى الشارع ليكملوا، بحسب قولهم، ما بدأوه قبل ست سنوات. فحملوا شعاراتهم، وهتفوا للشراكة والحرية والسيادة والاستقلال الحقيقيين. وقبالتهم، كان شباب الكتائب يحملون صور الشهيد بيار الجميل ويجوبون الشوارع مطالبين المتنيين بالانتقام من «قتلة الشهيد» والانتصار لاستمرارية ثورة الأرز


  • احترم القواتيون والعونيون الذين تشاركوا نسبياً في آلام 7 آب تضحياتهم المشتركة طوال السنوات الماضية. واحترموا نسبياً الأصول الديمقراطية، مخالفين معظم التوقعات. وكانت طلائع العونيين والكتائبيين قد خرجت من بلدات المتن باكراً مع إطلالة الشمس، وقبل موعد فتح الصناديق بقرابة ساعة، لتلتحق بمسؤولي الماكينات أمام مراكز الاقتراع. ومنذ الصباح بدأت تنهمر الشائعات وتبادل الاتهامات وأولها يتعلق بموقف النائب ميشال المر. فيما شُغل كثيرون بمتابعة أخبار اللبنانيين المجنسين فاختلف الكتائبيون والعونيون بشأن خيار هؤلاء السياسي، قبل أن يطل «المجنّسون» برايات الكتائب وصور النائب سعد الحريري، ويعلنوا «شفهياً» دعمهم للعماد ميشال عون في منطقة أخرى.
    مراكز الاقتراع في الزلقا، شهدت منذ الصباح كثافة مقترعين، فيما توزع العونيون قبالة الطريق العام موزعين على العابرين عصير البرتقال. وقبالتهم، وقفت الكتائبيات يوزّعن الورود، مبتسمات. أمّا بلدتا جل الديب وأنطلياس فغرقتا بهدوء لم تعكره مواكب الطرفين المتنافسين وأغانيهما التي ملأت فضاء المنطقة على طول امتداد المتن. والهدوء نفسه انسحب صعوداً باتجاه قرنة الحمرا، بلدة المرشح كميل خوري التي استيقظت باكراً على انقسام بين مؤيدي ابن بلدتهم والكتائبيين. وبالقرب من القرنة، ارتفعت في بيت شباب عشرات اللافتات تؤكد وقوف الأهالي صفاً واحداً خلف «الأمين العنيد» زعيم جارتهم بكفيا التي استيقظت باكراً على صوت الأناشيد الكتائبية. وتوزّع شبان الكتائب في معظم شوارع البلدة. وازدحم المئات قبالة فيلا الرئيس الجميل. وطغى أمام مراكز الاقتراع في بكفيا الحضور الكتائبي. وتوزعت المواكب السيارة محتفلة «بالنصر المحتم» تحت أنظار عشرات المحازبين القوميين السوريين الذين وقفوا على شرفة مكتبهم يراقبون ويستمعون من دون أي رد فعل. وعلى التلة المجاورة، كان المشهد معاكساً. فذاب أخضر الكتائب وسط الأعلام البرتقالية التي غطت ساحات بتغرين ومنازلها. ورفعت صور الوزير الياس المر محاطة بملصق تحالف المر ـــــ التيار ـــــ الطاشناق، ومقولة أبو الياس الأخيرة «إن الياس مع أبو الياس دائماً». علماً أن البتغرينيين حملوا زعيمهم كعادتهم على الأكتاف واحتفوا به قبل وصوله إلى صندوق الاقتراع. ووسط حلقات الدبكة البرتقالية، اختلطت زغاريد النسوة بأغان تؤكد أن «أيام المر كانت أحلى ايام.. أمن وحريّة وسلام».
    بسكنتا بدورها، شهدت أم المعارك المتنية، وبلغ التنافس فيها حدوداً غير مسبوقة. فيما صارت الـbonsoir bonjour بحسب إحدى السيدات بعدما «انطوَش الناس». وسرت في بسكنتا شائعات عن شراء ماكينة السلطة للصوت بأربعمئة دولار. وقاربت نسبة المشاركة في بعض أقلام بسكنتا 70 في المئة من إجمالي عدد المنتخبين.
    في الجهة الأخرى من المتن، خبا صوت العونيين في المنصورية لمصلحة الكتائبيين. فيما رفعت صور المرشح الجميّل داخل قلم الاقتراع في مدرسة راهبات الصليب في برمانا. حيث اتسمت العملية الانتخابية بهدوء لافت، علماً أن مواكب القواتيين والكتائبيين جابت هذه المنطقة بكثافة، وأعطت الانطباع أن الغلبة لهم، رغم اعتبار التيار أن هذه المنطقة واحدة من أبرز مناطق نفوذه. وفي بلدية بعبدات، حيث غاب رئيس الجمهورية اميل لحود لعدم اعترافه بشرعية دعوة الهيئات الناخبة من دون توقيعه، فيما اقترع صباحاً النائب سليم سلهب والنائب السابق نسيب لحود. وبعد الظهر، ساد الهدوء وسط انشغال النسوة بتحضير القهوة لضيوفهم من عناصر القوى الأمنية. وارتفعت في بعبدات صور مؤسّس حزب الكتائب بيار الجميل والرئيس كميل شمعون بصفتهما «معاً منذ الاستقلال».
    بالعودة عصراً إلى ساحل المتن، كانت الحشود الكتائبية تزداد مالئة الطرقات، فيما بدت سيارات العونيين كنقاط برتقالية قليلة في بحر أخضر. مشهد لم يتغير حتى ساعات المساء الأولى، حين استعاد العونيون المبادرة، وعادوا ليمسكوا بمفاصل المتن الأساسية معلنين أن «الأمر لا يسقط من يدهم بالعاطفة والمال والشائعات فقط»، وان تمثيل المتن يحتاج من الطامحين إليه إلى مزيد من الشفافية والوضوح في المواقف.
    غ. س.




    آل عودة... نموذج للمجتمع المسيحي

    نادر فوز

    أمام زحمة الزمامير والأناشيد وغابات الأعلام، لا ينفكّ الموجودون أمام مدرسة سنّ الفيل الرسمية عن النظر إلى المبنى المقابل للمركز الانتخابي. لا شك في أن مشهد شرفة آل عوده غريب: علم للتيّار الوطني الحرّ يقابله علم آخر للقوات اللبنانية، بالقرب منهما علم لبناني. ويحمل أحد الموجودين على الشرفة حيث يجتمع عدد من الأشخاص، العلم الكتائبي؛ فيتفاعل كل منهم على حدة مع مرور المواكب الحزبية السيارة. «ما هذه السَلَطة؟»، يتساءل أحد الشبان.
    يأذن أهل المنزل بدخول بيتهم للحديث عن هذه «الظاهرة» الغريبة. «أنا كنت في الجيش وحاربت مع عون خلال حرب التحرير»، يقول ربّ العائلة ناصيف عوده. تقاعد ناصيف ورأى أنّ قناعاته السياسية تتقاطع مع حزب الكتائب. لا يزال الولاء الأول لناصيف لـ«الدولة ولبنان يليهما ولاؤه للكتائب». ولا ينعكس اختلاف الانتماءات السياسية سلباً، بل تسود أجواء النقاش والحوار بين أفرادها، «وكل شخص حر برأيه ويحق له التعبير عن ذلك كما يشاء». لا يرى ناصيف في هذا التنوّع السياسي أي شائبة أو استغراب، فـ«الكل يريد لبنان سيّداً حراً مستقلاًّ»، بل على العكس «هذا تعبير عن غنى فكري ومشاركة حقيقية في العائلة».
    ينقسم أفراد آل عودة بين الكتائب والتيار، فناصيف وابنته يدعمان «الشيخ بيار الذي استشهد من أجل قضية كنا نسعى وراءها»، فيما تدعم زوجته كاميليا وثلاثة من أبنائه التيار الوطني الحرّ، ويقف الابن الأصغر على الحياد التام.
    جورج، الموظف في إحدى شركات الإنتاج، يرى أنه كما يجب محاربة الإقطاع السياسي في النيابة والأحزاب، «يجب ألا ينقل الأب لابنه الانتماء السياسي». ويقول جورج إنه لا ينبغي استغراب أمر العائلة، بل يجب اعتبارها «نموذجاً للمجتمع المسيحي غير الموحدّ». لكن الأسرة، بحسب جورج، مجتمعة وموحدة، يعيش أفرادها معاً رغم الاختلاف السياسي؛ فهذه «صورة حضارية وديموقراطية».
    الزوجة كاميليا أحبّت «الجنرال» منذ أنّ كان زوجُها في الجيش، وتتساءل «ما الذي حوّل انتماءه؟». وترى كاميليا، وكذلك ابنها، أنّ الأطراف المسيحية متخاصمة مع بعضها مع بعض، إلا أنّ العائلة توحّدها؛ فـ«ليس هناك من زعل أو تخاصم رغم حدّة المعركة الانتخابية». وتهدّد، مازحةً، «لن أعدّ الطعام إلا إذا فاز التيّار».




    الجميل: عون يحرّف التاريخ وحردان وقانصوه يديران حملته!

    لم تنم بكفيا طوال ليلة الأحد. الماكينة الانتخابية لحزب «الله والوطن والعائلة» أشبه بخلية نحل، فيما العائلة، بكل أفرادها مستنفرة لخوض «معركة حياة أو موت سياسي». البداية، صباحاً، من أمام الضريح حيث استهل الرئيس أمين الجميل يومه الانتخابي بصلاة أداها وعقيلته جويس، ثم أدلى بتصريح قال فيه: «أتيت عند بيار لأستلهم منه، وأعود وأعاهده أن دمه لم يهدر ولم يذهب سدى».
    بعد ذلك، اقترع الجميل في ثانوية بكفيا الرسمية، ترافقه عقيلته وباتريسيا زوجة الشهيد بيار. وصرح بعد الاقتراع: «الانتخابات اليوم لها معنى آخر. فهناك همّ متني على صعيد الإنماء والأمن وتجاوب مع تطلعات أبناء المتن ليعيشوا حياة كريمة». أضاف: «أما على الصعيد الوطني فيبدو هذا الاستحقاق مفصلياً. ولا أنوي التجريح بأحد، إنما لمجرد أن هناك أحزاباً عقائدية تلتزم الموقف السوري والتطلعات والأهداف السورية وطموحاتها في لبنان، هي المعنية بالمعركة ولا سيما حزب الله والحزب القومي السوري، فالقيادة لأسعد حردان وكذلك في «البعث» لعاصم قانصوه وهما ضدنا اليوم، كما أن هناك أطرافاً أخرى وأحزاباً تعلن ولاءها الكامل لسوريا ولتحالفاتها معها وكلها تخوض المعركة ضدنا». وسأل: «هل وقوف كل هذه الأحزاب إلى جانب التيار العوني مجّاني ولإرضاء العماد عون أم إن هناك أهدافاً أخرى وحلفاء آخرين يحاولون استعادة الدور السوري على أرض لبنان؟».
    وأسف الجميل «للجوء العماد عون، ومنذ بداية المعركة، الى منطق متدنّ (...) كنا نتمنى أن نكون معاً في سبيل شعار الحرية والسيادة والاستقلال، فعلى الأقل لينشط ذاكرته ولا يتناول قيادات تاريخية مثل الرئيس المؤسس لحزب الكتائب الشيخ بيار، وليعد الى ضميره لأنني أعتقد أنه يضمر كل الخير للرئيس المؤسس. وأتمنى احترام قياداتنا التاريخية التي أعطت لبنان ما أعطته وخصوصاً أن الشيخ بيار وحزبه أعطيا هذا الكم من الشهداء من بيته وفلذات الأكباد».
    وأكد الجميل في حديث إذاعي «أننا نواجه الأحزاب والتيارات المعروفة التي تحن الى العصر السوري في لبنان والى مرحلة الهيمنة. ونعرف تماماً الأحزاب العقائدية وغيرها المتحالفة مع سوريا التي تخوض هذه المعركة بكل قوة بجانب التيار العوني».
    وبعد الظهر عقد في مكتب الجميل في بكفيا اجتماع شارك فيه النواب: جورج عدوان، الياس عطا الله وهنري حلو والنائبان السابقان فارس سعيد ومنصور غانم البون والسيد كميل دوري شمعون. وصرح عطا الله بأننا «جئنا اليوم لنرافق الشيخ أمين في هذا البيت الذي أعطى لبنان خيرة الشهداء، جئنا لنكون الى جانب الذي نذر نفسه ليتابع مسيرة الشهيد بيار الجميل. وأعتقد بأن المتنيين يدركون كما ندرك، بأن الأمانة لمسيرة بيار والاستقلال، تتجسّد بالأصوات في الصناديق، ومثلما تمكّنوا في 14 آذار أن يجبروا الهيمنة السورية والأطماع الإيرانية بهذا البلد أن تعود الى الوراء وتنكسر، أعتقد أن المتنيين سيعلموننا درساً وطنياً جديداً بأن يكونوا الى جانب مسار الشهيد بيار الجميل».
    من جهته، ناشد سامي أمين الجميل، في حديث إذاعي، المتنيين «التزام الهدوء وتجنب المشاكل خلال العملية الانتخابية حتى نهايتها». وأكد «أن الوحدة المسيحية ستتجسّد في الانتخابات، وعلينا أن نعود ونجلس بعضنا مع بعض، ونفكر في مستقبل لبنان ومستقبل المسيحيين فيه، وهذا هو الهاجس الذي يجب أن نفكر فيه».
    وأسف لما قاله النائب العماد ميشال عون من أن الكتائب هم «خط سيادي صوتي». وقال: «كنا والعماد عون معاً في الخط السيادي، في التسعينات قدّم الجيش اللبناني الشهداء، وكذلك حزب الكتائب اللبنانية قدّم الشهداء من أجل هذه السيادة». وتساءل: «إذا كنا خطاً سيادياً صوتياً مع خمسة آلاف شهيد، فماذا يكون الخط السيادي، نحن نعرف اليوم من سينتخب للتيار الوطني الحر ونعرف من يدعمه، هم ليسوا الأشخاص من التيار السيادي بل من الخط السوري والبعثي». وشدد على «أن معركة السيادة والاستقلال هي ضد البعثي، وسنكون معاً يداً واحدة في هذه المعركة».
    من جهتها، توجّهت جويس الجميل «الى شعب المتن الذي كنا الى جانبه منذ 35 سنة لغاية الآن في السراء والضراء وكل المراحل لأقول له: إنهم يستخفّون بكم وبعقولكم وبقلوبكم، إنهم يهينوكم عندما يطلبون منكم أن تصوّتوا لشخص لا تعرفونه، وتفضلوه على شهيد أعطى حياته لهذا البلد، فهذا غير مقبول، أهل المتن ليسوا مجنّسين وليسوا غرباء ولا يمكنكم إدارتهم كما تشاؤون. لم أتصور في حياتي أنه من الممكن أن تفرض وقاحة كهذه على شعب ليس بمتخلّف، شعب يفهم، شعب متعلم. هذه وقاحة أن يفرض عليه سرقة مقعد نائب شاب شهيد أعطى حياته لهذا البلد. يريدون سرقة مقعده ويريدون منّا أن نفكر في أن ذلك طبيعي».
    وزارت باتريسيا بيار الجميل النصب التذكاري الذي أقيم في الجديدة مقابل كنيسة مار أنطونيوس وعلى بعد أمتار من حيث نفّذّت جريمة الاغتيال، وتوجّهت «الى كل أبناء المتن الذين كان بيار يرى أنهم عائلته الثانية، لأقول لا تنسوا هذا الشيء، لنذهب ونصوّت اليوم لئلّا نترك القاتل يهنأ بجريمته، وكل ورقة تضعونها في صندوق الانتخاب مكتوب عليها أمين الجميل، هي وردة بيضاء نرسلها الى بيار حيث هو في السماء».
    (الأخبار، وطنية)




    خوري: المنافسة بين خطين وبرنامجين سياسيين

    أكّد مرشح «التيار الوطني الحر» كميل خوري، إثر إدلائه بصوته في قرنة الحمرا، أن «المعركة ليست شخصية بل هي ضد خط 14 آذار». وأضاف: «المنافسة رياضية ديموقراطية، ونتمنى أن ينظر إليها الجميع من هذا المنظار، نحن من جهتنا سنكون سلميين كثيراً وهادئين، ونتمنى من كل الأفرقاء أن يكونوا على المستوى نفسه». ورداً على سؤال، قال: «أقول للرئيس أمين الجميل إننا نتنافس على خط سياسي وعلى برنامج سياسي. نحن اخترنا برنامجاً وهو اختار برنامجاً آخر، فلتكن المنافسة على هذا الأساس. وليست لدينا مشكلة شخصية معه أبداً».
    واعتبر أن ما أُذيع من أن النائب ميشال المر ترك للناخبين حرية الاختيار «من ضمن حرب الشائعات التي يقومون بها لأنها معركة ديموقراطية شريفة تقوم على احترام رأي الناس للإدلاء بأصواتهم بشكل حر، وهذا الأمر لا يعرفونه. هم يستعملون المال أو الشائعات أو تزوير الحقائق». وأكد رداً على سؤال أن «رسالتنا واحدة، نريد المشاركة وهدفنا هو المشاركة الحقيقية للبنانيين وألا يكون هناك أي تهميش لأي فئة من فئات الشعب اللبناني، وعلى الرغم من الإساءات التي نتلقاها منهم، وإذا أكملنا بهذه الطريقة فالوطن على طريق الزوال، هناك ثلاث نقاط أساسية هي سقف معركتنا: إعادة الصلاحيات الى مقام رئاسة الجمهورية ووقف تهميش المسيحيين والمشاركة في حكومة وحدة وطنية».
    سئل: تواجه اليوم الزعامة السياسية، وقد وصفتك بأنك «ما زلت في الحضانة» فما هو تعليقك؟ أجاب: «نحن نجابه خطا سياسيا كبيرا اسمه 14 آذار ومن وراءه. وانا لست في حضانة سياسية، انا من اكبر جامعة سياسية في لبنان والشرق: «التيار الوطني الحر»، صحيح انها ليست من وقت طويل قياسا بغيرها، ولكن ثبتت نفسها لأن لديها ايمانا ومصداقية بعملها، وأعتقد انها اصبحت ليس فقط على كل مساحة الوطن بل تعدت مساحة الوطن». وقال: «المنافسة رياضية ديموقراطية نتمنى ان ينظر اليها الجميع من هذا المنظار، نحن من جهتنا سنكون سلميين كثيرا وهادئين، ونتمنى من كل الأفرقاء ان يكونوا على المستوى نفسه».
    من جهة أخرى، جال خوري في بتغرين، وقال ردا على سؤال عن سير الانتخابات: «لا يخلو الأمر من بعض الخروق ولكنها غير مقصودة وهي تعالج، ولم أسمع عن أي خرق أمني لغاية الآن، لكن هناك بعض الاستفزازات مثل شتم بعض نواب «تكتل التغيير والاصلاح» لدى وصولهم الى بعض اقلام الاقتراع واسماعهم كلمات نابية ومسيئة نحن لا نعلق عليها».
    (وطنية)





    مواقف


    الداخلية: الانتخابات هادئة وديموقراطية

    أعلن المكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات حسن السبع في بيان له أن صناديق الاقتراع للانتخابات النيابية في دائرتي بيروت الثانية والمتن الثانية أقفلت السادسة من مساء أمس، مؤكداً أن الانتخابات جرت «في أجواء هادئة وديموقراطية بحيث أثبتت وزارة الداخلية والبلديات حياديتها ووقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين. كما تمت معالجة الإشكالات التي حصلت خلال اليوم الانتخابي بشكل فوري وبحزم وجدية كبيرين من جانب الجيش اللبناني والقوى الأمنية المنتشرة في مناطق الاقتراع. فيما مثّلت المشاركة الكثيفة لناخبي المعارضة في هذه الانتخابات أكبر دليل على شرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة».
    وأعلن البيان أن الوزارة ستذيع النتائج فور انتهاء عمليات فرز الأصوات والتدقيق فيها، وإذا انتهت أعمال الفرز في ساعة متأخرة ليلاً فسيعلنها الوزير السبع في مؤتمر صحافي يعقده في حينه.
    من جهته، أصدر المكتب الانتخابي للرئيس أمين الجميل في منطقة برج حمود البيان الآتي: «قرابة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم (امس) حضر المواطن غاربيس اوهانس طوباليان الى القلم 120 في مركز قصارجيان في برج حمود للإدلاء بصوته، ففوجئ برئيس القلم ابراهيم القبرصي يبلغه أنه قد صوّت سابقاً، فدوّن اعتراضه وتوجه الى مخفر فصيلة النهر وقدم شكوى بالأمر. وهذه واحدة من وقائع التزوير التي ضبطت في عدد من أقلام برج حمود، وسنعلن عنها تباعاً بعد التحقق من كل هذه الشكاوى».
    (وطنية)


    لقطات
  • رفع مناصر للتيار الوطني الحر صورة للعماد عون في بكفيا كتب تحتها «ادّن كلن».

  • نقل أحد التيارات السياسية من خارج المتن بعض المجنسين من البقاع الى المتن بحافلات صغيرة بعدما حجز بطاقاتهم الانتخابية مقابل مبلغ مالي تجاوز المائة دولار للصوت.

  • قال كتائبي من زحلة إن اكثر من ألف عضو في الحزب والقوات انتشروا في مختلف مناطق المتن تحسباً لأي إشكالات.

  • شهدت بعض مناطق البقاع الأوسط مسيرات سيارة بعد ظهر امس لأنصار «التيار الوطني الحر».