strong>عمر نشّابة
تلت العديد من الجولات الانتخابية في لبنان خلال السنوات الماضية، تصريحات عن مرشّحين خاسرين تعرب عن الاعتقاد بأن العملية الانتخابية تخلّلها غشّ وتزوير. تحدّث المرشّح الخاسر أمين الجميل عن تزوير في الاتخابات الفرعية في المتن. ما هي صحّة هذا الكلام وماذا حصل خلال ليل فرز الأصوات الطويل في السرايا؟

حتى الساعات الأولى لصباح أمس كانت لجان القيد في المتن لا تزال تعمل على فرز الاصوات في سرايا الجديدة وسط تشنّج بين مندوبي المرشّحين بسبب تقارب نسبة الأصوات، إذ سهرت 5 لجان قيد ابتدائية برئاسة قضاة (ترأس لجنة القيد الاولى القاضي صباح سليمان والثانية القاضي فوزي خميس والثالثة القاضي كمال مقداد والرابعة القاضي منيف بركات والخامسة القاضي فادي عقيقي)، إضافة الى اللجنة العليا المؤلفة من القاضيين ماري دنيز المعوشي ويوسف ياسين، على حسن سير عملية فرز الاصوات واحتسابها واعتبار ما ليس قانونياً من بينها ملغى بحسب نصّ القانون 171 الصادر بتاريخ 6 كانون الثاني 2000. وسجّل مندوبو المرشح الخاسر في الانتخابات الفرعية أمين الجميّل عدداً من الاعتراضات، كما كان المرشّح نفسه قد تحدّث عبر وسائل الإعلام عن «تزوير». فهل حصل ذلك؟
قضية الناخب طوباليان
صدر أول من أمس عن المكتب الانتخابي للمرشّح أمين الجميّل في منطقة برج حمود بيان جاء فيه «قرابة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم حضر المواطن غاربيس اوهانس طوباليان الى القلم 120 في مركز قصارجيان في برج حمود للإدلاء بصوته، ففوجئ برئيس القلم إبراهيم القبرصي يبلغه أنه قد صوّت سابقاً، فدوّن اعتراضه وتوجه الى مخفر فصيلة النهر وقدم شكوى بالأمر. وهذه واحدة من إحدى وقائع التزوير التي ضبطت في عدد من أقلام برج حمود، وسنعلن عنها تباعاً بعد التحقق من كافة هذه الشكاوى». لكن المكتب الانتخابي للمرشّح الجميّل لم يبلّغ حتى يوم أمس السلطات الرسمية بأي حادث يعتبره «واقعة تزوير» غير قضية الناخب طوباليان، لكن الجميّل أعلن عبر وسائل الإعلام أمس أنه يعدّ «ملفاً متكاملاً» بهذا الخصوص.
وبالعودة الى قضية طوباليان، علمت «الأخبار» أمس أن رئيس لجنة القيد تسلّم من رئيس القلم 120 في مركز قصرجيان الانتخابي ملاحظة مندوب المرشّح الجميل المتعلّقة بالناخب طوباليان، كما تسلّم طلباً من مندوب المرشّح الجميّل بعدم احتساب جميع الأصوات في القلم 120. لكن رئيس لجنة القيد رفض طلب مندوب الجميّل ولكنه ضمّ الطلب على شكل اعتراض الى الملفّ الذي أرسل الى وزارة الداخلية في أولى ساعات الصباح. وكان مندوب الجميّل قد أصرّ على ربط الاعتراض بجدول نتائج الانتخابات النهائية لكن رئيس القلم رفض ذلك وأرسله في مغلّف مرفق بالملف.
وفي تفاصيل القضية أن الناخب طوباليان حضر الى قلم الاقتراع بعد ظهر يوم الانتخاب وتبيّن لرئيس القلم بعد مراجعة لوائح الناخبين أنه كان قد أدلى بصوته ووقّع على لوائح الناخبين. وعند إبراز بطاقته الانتخابية تبيّن أنها ليست مثقوبة، ما يشير، للوهلة الاولى، الى أنه لم يقترع بعد. لكن رئيس لجنة القيد لا يمكنه أن يحسم هذا الأمر قبل التأكّد من أن البطاقة ليست مزوّرة ولأن وزارة الداخلية أصدرت عدداً كبيراً من البطاقات بدلاً من ضائع ما يعني احتمال وجود بطاقتين انتخابيتين باسم الشخص نفسه إذا تمّ الإبلاغ الكاذب عن فقدان بطاقة انتخابية. كما لا يمكن حسم هذا الأمر قبل التأكد من صحّة توقيع الناخب على لوائح الشطب في المرّة الاولى، وهذا الامر يحتاج الى خبراء في التحقيق والاستقصاء.
أما في ما يتعلّق بطلب إلغاء كل الأصوات في القلم 120، التي تبلغ حوالى 200 صوت، فلم يكن من المفترض أن تستجيب له لجنة القيد أصلاً لأنها لا تملك أي اشارة أكيدة أو دليل على وجود مخالفات أو شوائب بخصوص الناخبين المسجلين على لوائح الشطب وأوراق الاقتراع الاخرى.
خرق المادة 56 من قانون الانتخاب
لم يبلّغ القضاة رؤساء لجنة القيد بكتاب وزير الداخلية حسن السبع الذي عمّم على الأقلام والذي يستجيب فيه لطلب المرشح الجميّل بقبول أوراق الاقتراع التي تتضمّن صفته كرئيس سابق للجمهورية أو لقبه التقليدي (الشيخ) لكنهم علموا بوجود هذا النصّ من خلال وسائل الإعلام التي نقلته عن النائب ميشال عون. وعلمت «الأخبار» أن القضاة استغربوا هذا الأمر واتصلوا بمراجع قانونية عليا ليبحثوا بقانونية المستند الموقّع من الوزير السبع والذي ضمّه بعض رؤساء الاقلام الى المحضر المختوم بالشمع الأحمر والذي أرسل الى سرايا الجديدة بعد فرز الاصوات. وتوصّل القضاة الى خلاصة مفادها أن كتاب وزير الداخلية حسن السبع مخالف للمادة 56 من قانون الانتخاب وأن على رؤساء أقلام الاقتراع عدم احتساب الاوراق التي «تشتمل على علامات تعريف» كما ينصّ القانون حرفياً. وبينما ألغى بعض رؤساء الاقلام عدداً من الاصوات التي تضمّنت صفة «الرئيس» أو «الشيخ» للمرشح الجميل أو «الدكتور» للمرشح خوري، التزم البعض الآخر منهم قرار وزير الداخلية الخارج عن القانون. إن هذه الازدواجية تشكّل خرقاً للاصول الديموقراطية غير أنها تعطي أفضلية للمرشّح الخاسر.
التدقيق المسبق في لوائح الشطب
وكانت لجان القيد قد تأكّدت من صحّة لوائح الشطب وراجعتها بحسب ما يقتضيه القانون قبل يوم السبت في 28 تمّوز الفائت. وكان عدد من المواطنين قد تقدّموا بطلب تصحيح بعض الأخطاء في هذه اللوائح. وعلمت «الاخبار» أن رئيس لجنة القيد وافق على تصحيح ما يزيد على 400 خطأ ومن بين هذه الأخطاء إعادة اعتبار أو أخطاء بيروقراطية ومطبعية أو نقل نفوس. كما علمت «الأخبار» أن العدد الأكبر من التصحيحات التي تمّت على لوائح الشطب كانت تتعلّق بأسماء مواطنين راجع بشأنها مسؤولون في إقليم المتن الكتائبي. وبالتالي إن لجان القيد تابعت بدقّة كلّ طلب تصحيح في لوائح الشطب وجاء العدد الأكبر من التصحيحات لمصلحة المرشّح الخاسر أمين الجميل ومن حقّه.
اعتراضات أخرى
وسجلت لجنة القيد اعتراضات من عدد من مندوبي المرشحين على أوراق لم تكن موضوعة في المغلّفات واستجابت لجنة القيد وقرّرت عدم احتسابها، كما قرّرت إلغاء أوراق اقتراع كانت تتضمّن إشارات أو «تعليمات» أو تكراراً أو أسماءً لغير المرشحين الجميّل وخوري.
وألغيت الأصوات التي كان يتضمّن مغلّفها أكثر من ورقة أو ورقة مدوّناً عليها باللغة الأرمنية. وعثر رؤساء الاقلام الانتخابية خلال عملية الفرز على بعض الأوراق التي تدعو للاستغراب، فمثلاً ألغيت أوراق اقتراع كان مدوّناً عليها «الجيش اللبناني» و«عون عون عون عون» و«دولة الرئيس ميشال المرّ» وأسماء مطربين وفنانين.

الفائز والخاسر بالأرقام


أعلن وزير الداخلية والبلديات حسن السبع، فجر أمس، نتائج الانتخابات الفرعية في المتن وبيروت، معلناً فوز مرشح التيار الوطني الحر كميل خوري عن المقعد الماروني في المتن ومرشح تيار «المستقبل» محمد الأمين عيتاني عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية. وكانت لجان القيد في سرايا الجديدة قد أنهت النتائج النهائية في المتن عند الثانية والنصف من فجر أمس. وأعلن السبع فوز خوري بفارق 418 صوتاً عن منافسه، مرشح قوى السلطة، أمين الجميّل. وحصد خوري 39534 صوتاً مقابل 39116 صوتاً للجميّل بعد أن بلغت نسبة الاقتراع 46.5 %. أما في بيروت، حيث فاز مرشح «المستقبل» محمد الأمين عيتاني، فقال السبع خلال مؤتمر صحافي إن عيتاني حصل على 22988 صوتاً. وقد بلغت نسبة الاقتراع 18,9 %.