نهر البارد ــ نزيه الصديق البدّاوي ــ عبد الكافي الصمد

لليوم الثاني على التوالي اتسمت أجواء مخيم نهر البارد بالهدوء اللافت، مع تسجيل بعض الخروق على أطراف المربع الأمني الذي يسيطر عليه مسلحو حركة فتح الإسلام داخل المخيم القديم، ما أدى بفعل رصاص القنص الذي يستخدمونه بكثرة إلى سقوط شهيد في صفوف الجيش اللبناني وعشرة جرحى، حسب ما أفاد مصدر عسكري.
وكانت محاور القتال قد شهدت اشتباكات متقطعة، إذ قصفت مدفعية الجيش صباح أمس مواقع المسلحين عند الطرف الجنوبي لمجمع ناجي العلي الطبي وحي المهجرين ومدخل سوق الخضر وزاروب جبهة النضال وتخوم الدامون، وأحياء سعسع التحتاني والغوارنة والبروة، والواجهة البحرية، ووصلت شظايا رصاص القنص إلى أطراف بلدة بحنين من غير وقوع ضحايا.
إلا أن الغالب يوم أمس تمثل في أن الاشتباكات كانت خفيفة ومتقطعة طوال النهار، ولوحظ تراجع القصف المدفعي الى درجة كبيرة جداً، فيما كانت الاشتباكات تعنف حيناً وتتراجع حيناً آخر من غير معرفة الأسبابوكان لافتاً أيضاً أن سماء المخيم بقيت صافية حتى عصر أمس، ولم تسدها كتل الدخان والغبار التي جرت العادة أن تخيّم في الأجواء، بفعل الانفجارات وانهيار العديد من الأبنية التي يعمد الجيش إلى تفجيرها، لأن قناصة مسلحي فتح الإسلام كانوا يستخدمونها، وكانت تشكل عائقاً أمام تحركات الجنود.
وتزامن ذلك مع عمليات تمشيط نفذها الجيش في محيط مواقعه المتقدمة، في الوقت الذي واصل فيه تعزيز مواقعه العسكرية، وشوهدت آلياته على أوتوستراد المنية ــــــ العبدة الدولي تنقل العتاد وكميات كبيرة من الرمل في اتجاه مراكزه الواقعة عند تخوم المخيم.
وشهد الليل الماضي هدوءاً حذراً تخللته خروق محدودة، حين أطلق المسلحون رصاص القنص والقذائف الصاروخية في اتجاه مواقع الجيش الذي رد على مصادر النيران بالشكل المناسب.
في مقابل ذلك، أكد مصدر عسكري «عدم إمكانية إعطاء مهلة نهائية لحسم المعارك في مخيم نهر البارد». وقال إن الجيش اللبناني «وحده يعرف متى وكيف ينهي المعركة، إذ إن للجيش عدة اعتبارات، منها حرصه على المدنيين الذين يستعملهم المسلحون دروعاً بشريةً لهم، والشهداء الذين يسقطون للجيش، ما يدفعه للتقدم بحذر». وشدد على أن للجيش «القدرة على إنهاء المعركة عسكرياً ساعة يشاء، وهو بانتظار تنفيذ الخطة التي وضعت لحسم المعركة بأقل كلفة ممكنة».
وفي سياق متصل، وجّه قائد الجيش العماد ميشال سليمان، بعد تقديمه التعازي لذوي الشهداء، رسالة إلى الوحدات العسكرية حيّا فيها العسكريين المنتشرين في كل أنحاء البلاد، وخصوصاً في نهر البارد «على جهودهم وتضحياتهم وتفانيهم في أداء الواجب العسكري، ذوداً عن وحدة الوطن واستقلاله وسيادته». وعن الانطباعات التي عاد بها إثر زيارته لعائلات الشهداء، قال: «أنقل إليكم مشاعر والد الشهيد الفخور بشهادة ابنه، والأم المتعالية على آلامها، والزوجة المدركة لمعاني البطولة والمواطنية، والطفل المتباهي وهو يلبس بزةً مثل بزة أبيه».
وختم: «كم وددت أن تكونوا معي في حضرة الشهداء لتشاركوني حمل الأمانة، ولتعلموا أن ضياع هذه الدماء وهدر هذه الدموع، هما تفريط بالوطن وإضاعة للسيادة والاستقلال، ولتدركوا أن عدم تحقيق العدالة بحق القتلة المجرمين جريمة أخرى ترتكب بحق الإنسانية والوطن والأمة والاستقرار، جريمة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة واللبنانيين جميعاً، وخصوصاً أهالي الشهداء أنفسهم بعدما أوصوكم بألا تضيع العدالة، وألا يفرّط بالسيادة، وألا يستهان بالحرية، وألا يهدد الاستقلال».
وجرى ظهر أمس، أمام مبنى الطبابة العسكرية ـــــ بدارو، حفل تسلم الجيش اللبناني مساعدات طبية مقدمة هبة من الجيش السعودي، بحضور رئيس الطبابة العسكرية العميد الطبيب نديم العاكوم ممثلاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان، الملحق العسكري السعودي في لبنان اللواء المهندس محمد بن إبراهيم الحجاج، ووفد مرافق من السفارة السعودية. وقد سلّم العميد الطبيب العاكوم كتاب شكر باسم قائد الجيش ودروعاً تذكارية إلى المحتفى بهم.