زحلة ـ عفيف دياب
التعاطف مع آل الجميل اجتماعي أكثر مما هو سياسي ولا يمكن أحداً أن يضع المدينة في جيبه الخاص

لم تستفق مدينة زحلة بعد من نتائج انتخابات فرعية المتن النيابية، فالمدينة لم تقف على الحياد، إذ رأت قواها السياسية والاجتماعية نفسها «ملزمة» توفير كل أنواع الدعم المادي والمعنوي لأفرقاء «المواجهة» على أرض المتن، وهي المدينة التي لم تبخل يوماً بالوقوف مع هذا الزعيم أو ذاك المرجع، في أحلك الاستحقاقات.
فانتخابات المتن الفرعية «فُرضت»، أيضاً، على زحلة التي وجدت نفسها فجأة في مزيد من الانقسام السياسي والاجتماعي الذي سيحتاج إلى جهود «جبارة» للخروج منه نحو مزيد من الوئام والوفاق.
وزحلة التي عاشت على «أعصابها» بعد إقفال صناديق الاقتراع مساء الأحد الماضي في المتن، وتضارب إعلان النتائج، تشهد اليوم نقاشات سياسية حامية أصبح معها الرجوع إلى «منطق» الوحدة والوفاق مستحيلاً قبل أن يعود هذا المنطق بين «فرسان» انتخابات المتن أولاً.
ويقول مراقبون في المدينة إن زحلة ما قبل انتخابات المتن تختلف عن زحلة ما بعدها، فقوى الرابع عشر من آذار وجدت في ما حققه المرشح أمين الجميل من أرقام خير معين لها لمواجهة قوى المعارضة في المدينة، و«النصر السياسي الذي حققه الرئيس الجميل في المتن قلب كل المعادلات في زحلة، وأعطى دفعاً لأنصاره ولجميع الكتائبيين الذين كانوا في منازلهم ولهم ملاحظات على إدارة الجميل للحزب ولموقعه ودوره المحدود في 14 آذار خلال الفترة السابقة». ويوضح هؤلاء بالقول إن «نتائج المتن السياسية والالتفاف الماروني الواسع حول الرئيس الجميل كانت أولى نتائجه الإيجابية في ما شهده بيت الكتائب في المدينة من وفود وقيادات محلية لم تزر الإقليم منذ 1975، وإن زيارتهم ووقوفهم مع الجميل، ومن خلفه حزب الكتائب، سيعيد النشاط السياسي والتنظيمي للحزب في زحلة، وسيكون رافعة كبيرة لكل قوى 14 آذار في المدينة ومنطقتها. فللكتائب وجود تاريخي في المدينة، وقد نشهد خلال الأيام المقبلة عودة كبيرة لكتائبيين إلى حزبهم الأم بعد أن غادروه طوعاً أو قسراً».
هذه النتيجة الأولية لارتدادات «هزة» المتن الانتخابية في زحلة يفسرها البعض الآخر في المدينة بأنها مجرد ارتداد لهزة صغيرة غير مدمرة و«لا يمكن القول إن زحلة أصبحت من بابها إلى محرابها مع الكتائب أو قوى 14 آذار. وما جرى في المتن من نتائج انتخابية وسياسية لا يمكنه إلا أن ينعكس على حياة المدينة السياسية، وهذا الانعكاس ليس إلا لحظة عابرة قد تتغير في أي وقت». ويوضح أحد القياديين في المعارضة أن زحلة تُعَدُّ دوماً متأثرة بـ«الجو المسيحي العام في لبنان، وهي بالتالي ليست حكراً على فريق ضد آخر رغم ما نشهده اليوم من اتساع مروحة التعاطف مع آل الجميل، وهو تعاطف اجتماعي أكثر مما هو سياسي. فنسيج المدينة السياسي مكون من كل أطياف القوى السياسية المسيحية وتلاوينها، كما أنه يجدر بنا ألّا ننسى أو نتجاهل موقع زحلة الخاص في الحياة السياسية المسيحية واللبنانية، فتيار الكتلة الشعبية الذي يترأسه النائب إلياس سكاف له موقعه وحضوره التاريخي في زحلة ولبنان، وهو ليس حضوراً طارئاً على حياة المدينة السياسية، وبالتالي لا يمكن أحداً من أحزاب سياسية مسيحية أن يضع زحلة في جيبه الخاص، فللمدينة موقعها وموقفها السياسي بصرف النظر عن مدى تأثر شارعها بالجو المسيحي العام، وما جرى في انتخابات المتن تأثرت به المدينة على طول خط جبهتي المواجهة هناك، لكن لا يمكن هذا التأثر أن يكبر أو أن يتسع، فهو مجرد تأثر عاطفي محدود، وإن تغلف بنكهة سياسية نتيجة وضع سياسي عام». ويضيف القيادي المعارض في قراءته لانعكاس انتخابات المتن على زحلة بالقول إن المدينة «مفتوحة سياسياً، وهي ليست مغلقة أو ملك حزب أو تيار، ومزاج شارعها يبقى مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومن هنا لا يمكن أحداً القول إنه إذا جرت انتخابات نيابية اليوم في دائرة زحلة، كما سمعنا من بعض غلاة الموالاة هنا، فستكون النتائج مختلفة عما كانت عليه في انتخابات عام 2005، فمجريات ومعطيات معركة المتن الانتخابية لا تنسحب على زحلة، وإن تأثرت بها شكلاً لا مضموناً، فالمدينة كانت مع الفريقين لأن المعركة ليست على أرضها، فلزحلة أسلوبها ونكهتها الخاصة في كل المعارك الانتخابية، وهي في النهاية تلبس الثوب الذي تحوكه بهدوء، ولا يمكن أحداً أن يلبسها ثوباً مستورداً أو لا يناسب قياسها السياسي والاجتماعي».