منذ 1998 توقّف إصدار النشرة القضائية التي كانت تصدرها وزارة العدل، وكانت النشرة تتضمّن الأحكام الصادرة عن المحاكم اللبنانية، وكانت تُعد المرجع الاجتهادي الأول في لبنان، إذ كان يستفيد منها القضاة عند إصدار الأحكام فيحاولون أن يثبِّتوا ما استقر عليه الاجتهاد، وكان يستنير بها المحامون، ليعرفوا كيف يصوغون دفاعهم وحججهم القانونية. كذلك تُعد النشرة القضائية ضرورة فقهية لكل ساعٍ نحو وضع النظريات القانونية. واليوم يسأل أكاديميون وباحثون قانونيون عن سبب استمرار تغييب هذه النشرة ويتمنون أن تصدر وزارة العدل قراراً بإعادة إصدارها.يذكر أن العدد الأول من النشرة القضائية صدر خلال بداية تكوين دولة لبنان الكبير، واستمرت في أحلك الظروف، ولم توقفها حرب أهلية ولا حرب إقليمية ولا حتى الحرب العالمية. لكن رغم أهمية هذه النشرة، اتخذ قرار وقف إصدارها عام 1998 بدون أسباب مبررة أو مقنعة بحسب عدد من القانونيين.
فإذا كان سبب الاستغناء عن النشرة القضائية نقصاً في المخصّصات المالية لوزارة العدل، فهذا أمر مستغرب برأي بعض القانونيين لأن وزارة العدل تشتري سنوياً من الكتب القانونية بمبالغ طائلة. وقال أحد الباحثين القانونيين إن «رصد جزء بسيط من موازنة شراء الكتب يكفي لتغطية نفقات النشرة القضائية. هذا عدا عن أن النشرة القضائية هي عمل تجاري مربح، حيث يندر غيابها عن مكتب حقوقي، قاضياً كان أو محامياً أو أستاذاً جامعياً».
أما إذا كان سبب توقف النشرة القضائية عن الصدور هو عدم وجود فريق عمل قادر على إنجازها، فقد قال أحد المحامين لـ«الأخبار» إن عدداً من القضاة «يعملون على جمع بعض الاجتهادات وينشرونها في كتبٍ خاصة ولحسابهم الخاص»، أليس أولى تكليف فريق من هؤلاء القضاة بجمع الاجتهادات وإعادة العمل بالنشرة القضائية؟ وإذا تعذّر ذلك ألا يمكن التعاقد مع فريقٍ من المحامين أو الحقوقيين ليتولوا إعداد النشرة القضائية؟
وبانتفاء الأعذار، تبقى خشية القانونيين من أن يكون الهدف وراء تعطيل النشرة القضائية، هو تأمين مصالح بعض الناشرين الذين يستفيدون من جمع بعض الاجتهادات ويعمدون إلى نشرها وبيعها بأثمان مرتفعة.
(الأخبار)