أفقا ـــ جوانّا عازار
تنفذ الجمعيّة اللبنانيّة للتعليم والتدريب (ALEF) بالتعاون مع البرنامج الإقليمي لجمعيّة SAVE THE CHILDREN-US وبرنامج نسيج ــ مبادرة التنمية الشبابية المجتمعية، مشروعاً بعنوان: «الشباب يبنون المصالحة». وقد اختبر طلاب جامعيون من توجهات سياسية مختلفة العمل على مشروع اجتماعي تطوري، في منطقة لبنانية محددة بهدف الإسهام في المصالحة

خرج مشروع الجمعيّة اللبنانيّة للتعليم والتدريب (ALEF) حول «الشباب يبنون المصالحة» بخمس مبادرات شبابية سعت إلى التسامح واحترام الاختلافات في المجتمع اللبناني. ففريق طارق، بول، سلام وعبير أنجز مشروع «همزة وصل» الذي يعرض الخطوة الأولى للمصالحة في مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، ويقضي بإيجاد مكان حيادي يحتمي فيه الشباب الفلسطيني ويعودون إليه ليتعرّفوا بحقوقهم ويعبّرون عن آرائهم بحريّة من دون الخوف من التمييز ضدّهم. ويخلق المكان بحسب أصحاب الفكرة تواصلاً بين الشباب اللبناني والشباب الفلسطيني للوصول إلى المصالحة بين الطرفين، وذلك من خلال شراكة مع منظّمة «Children youth center» ومع خمسة ممثّلين عن المجتمع الفلسطيني في المخيّم. يؤمن الشباب المشاركون في المشروع بأهمية أن لا تكون المصالحة على مستوى اللبنانيين بل يجب أن تشمل أيضاً لبنانيين وفلسطينيين. وتعتمد المصالحة، برأيهم، على أسس تعليميّة عبر إعطاء دروس خصوصيّة لتلامذة المدارس، وتنموية، إضافة إلى الترفيه والعمل الاجتماعي في المخيّم ومحيطه.
الفريق الثاني ضمّ رنيم، ربيع، محمّد، وجيه وهشام، ويحمل مشروعه اسم «حجر يجمع»، ويهدف إلى جمع الطوائف اللبنانيّة شيعةً، وسنّةً، ومسيحيين ودروزاً، عبر تأكيد المصالحة التي تمّت في عام 2000 بين الموارنة والدروز، وخلق مصالحة بين السنّة والشيعة. الفريق اختار مناطق الشويفات والحدث، وحدث بعلبك والنبحة، وقام بالتواصل مع رؤساء البلديّات والمجتمع المدني فيها. أما فكرة المشروع فهي إقامة مكان عامّ مشترك يتمّ فيه التبادل بين أصحاب المتاجر وأصحاب الأشغال الحرفيّة من الطرفين في ما يتعلق بالشويفات والحدث، والتبادل الزراعي بالنسبة إلى حدث بعلبك والنبحة، ما يخلق تواصلاً بين الأطراف وخصوصاً أنّ المكان سيفتتح دوريّاً.
أما محمّد، وسام، علي وأحمد فتناولوا «ذاكرة الحرب اللبنانيّة» بغية تحقيق الإنماء الثقافي والتعلّم من التجربة. وجرى العمل في صوفر لكونها محدّدة جغرافيّاً على أنّها نصف لبنان، فالمكان رمزيّ ويقع على مسافة واحدة من الجميع. ويقضي المشروع بإقامة مكتبة الحرب اللبنانيّة وتنظيم ورش عمل، محاضرات، مسابقات، إضافة إلى صور ووثائق عن الحرب. وينفذ المشروع بالتعاون مع بلديّة صوفر والبلديّات المجاورة، أعضاء الجمعيّة، ومتطوّعين من صوفر، ويستهدف الشباب اللبناني الذي لم يعش الحرب، ويتطلّع إلى الاستمراريّة إذ ستتسلّمه الإدارة الأهلية في صوفر بعدما يديره الفريق لستّة أشهر.
«درجة درجة» هو عنوان مشروع الفريق الرابع الذي ضمّ عماد، فيصل، إيلي، مصباح، محمّد، يحيى، فيليب ويمنى. يسعى المشروع إلى ترميم درج في طرابلس بين منطقتين هما باب التبّانة ذات الغالبيّة السنيّة وجبل محسن ذات الأكثريّة العلويّة. الدرج طويل وفي المنتصف مدرسة ثانويّة تجمع طلاباً من المنطقتين، وهو يفتقر إلى أشكال السلامة والحماية. يمر المشروع بمراحل عدة تمثلت بزيارة المنطقة ومقابلة الزعامات فيها، والدراسات الحقليّة وتحديد الأهداف من إعادة ترميم الدرج والدراسات الأوليّة والتنفيذيّة. ويتوخى التقريب بين أشخاص من منطقتين متباعدتين إنسانيّاً على رغم التلاصق الجغرافي، تحقيق الإنماء والتواصل بين المنطقتين بما فيه الخير المشترك.
وشكّل تنشيط الحركة الطالبيّة في كليّات الجامعة اللبنانيّة وتفعيل عمل الهيئات فيها محورَ عمل الفريق الخامس الذي ضمّ كريم، هلا وكريستيل.
وفيما كان من المتوقّع إعلان فوز مشروع واحد من المشاريع، أعلن القيّمون فوز المشاريع الخمسة لأنّ الفكرة الأساسيّة بالنسبة إليهم كانت إيمان الجمعيّة بأنّ الشباب اذا أعطوا الفرصة لتحقيق أحلامهم وأفكارهم قد يحدثون تغييرات هائلة في المجتمع. والجمعيّة وجدت في المشاريع أفكاراً ستدعمها إلى النهاية، استكمالاً للمرحلتين الثالثة والرابعة من المشروع.
وكانت المبادرات الشبابيّة قد أطلقت خلال حفل اختتام مخيّم شباب لبنان الذي نظمته جمعية ALEF في أفقا. وجمع المخيم طلاباً جامعيّين من الهيئات أو المجالس الطالبيّة وينتمون إلى طوائف وتوجّهات سياسيّة وحزبيّة مختلفة. وقد اختبر الشباب مدى أربعة أيّام كيف يتحاورون ويتبادلون الآراء، ويبنون قاعدة مشتركة للعمل على أساسها. وأكّد منسّق المشروع مروان أنطون أنّ المخيم يهدف إلى تقديم عمل اجتماعيّ ينفذه الشباب وفقاً لموازنة محدّدة في منطقة لبنانيّة معيّنة بهدف الإسهام في المصالحة، والترويج لمبادئ التسامح واحترام التنوّع وتعزيز الحوار بين الجماعات اللبنانيّة
جميعها.
مرّ المشروع بأربع مراحل، تضمنت المرحلة الأولى التحضير للمخيّم الذي بدأ منذ شباط الماضي، حيث كان التحدّي الأكبر في جمع الشباب من كلّ البيئات اللبنانيّة تحت سقف واحد. ولهذا الغرض، قدّم متطوّعون من جمعيّة ALEF المشروع إلى الجامعات اللبنانيّة كافّة، واجتمعوا مع ممثّلي الهيئات الطالبيّة الذين ملأوا استمارات مشاركة. واجتمع المشاركون والقيّمون في 26 أيّار الماضي لمناقشة المشروع، فيما تمّ في 22 تمّوز تقسيم الطلاب الـ25 الذين رسا عليهم الاختيار إلى خمسة فرق متنوّعة على أساس الاختلاط بين المذاهب والانتماءات. وطُلب من كلّ فريق تقديم فكرة مشروع هدفه تطوير منطقة معيّنة والعمل على تحقيق المصالحة فيها من خلال عمل تنموي يقود الشباب إلى المصالحة. ونزل الشباب لهذه الغاية على الأرض، فدرسوا حاجات المناطق وعاينوا واقعها عن قرب واضعين أفكارهم ضمن مشاريع تنمية اجتماعيّة. أمّا المرحلة الثانية من المشروع فكانت تنفيذ المخيّم الشبابي من 3 إلى 6 آب في مكان منعزل في بلدة أفقا في جرود جبيل. هنا اختبر المشاركون العيش معاً على رغم الاختلافات كما يقول مدير برامج لبنان في الجمعيّة اللبنانيّة للتربية والتدريب جوليان كورسون، لأنّ الهدف من المشروع حثّ الشباب على الحفاظ على هويّتهم السياسيّة أو الحزبيّة، إضافة الى معرفة كيفيّة تقبّل الآخر، والقدرة على معرفة نقاط الاختلاف والتعاطي معها بإيجابيّة كي لا تتطوّر إلى
خلاف.




>strong>الله، نصر الله، الطريق الجديدة

سعى مخيم شباب لبنان إلى إبعاد الحوار عن السياسة، مركّزاً على موضوعات تتناول تفعيل التواصل بين شباب مختلفين مناطقياً ودينياً وسياسياً. وأسهمت نشاطات المخيم حول Team building وtrust building في إيجاد
روابط أقوى بين المشاركين، فأقيمت ورشات عمل شارك فيها الشباب عن المصالحة، ووضع المخيّم اللّمسات الأخيرة على تخطيط المشاريع. وفيما كان القيّمون على المشروع يتخوّفون من الاحتكاك بين الشباب المشاركين بسبب الأوضاع التي شهدها لبنان وخصوصــــاً أنّ المخيّم تزامن مع الانتخابات الفرعيّة، أتت النتيجة مخالفة للتوقّعات، فقد بارك الشباب بعضهم لبعض بالنتائج بروح رياضيّة، وربّما كانت الشعارات التى أطلقوها خير دليل على ذلك، فقد قلبوا المتعارف عليه ليصرخوا مثلاً «اللّه، نصر اللّه، الطريق الجديدة» أو «اللّه، الحريري، الضاحية كلّها»... وقد أجمع الحاضرون على أنّ التجربة كانت رائعة ومفيدة، فرأى ربيع عبد الصمد «أنّ لكلّ شخص مبادئه لكن من الممكن أن نعيش معاً وأن نضع السياسة جانباً، فنبحث عن حاجاتنا المشتركة لبناء المصالحة». من جهته، قال ايلي جعجع إنّ أموراً كثيرة توضّحت بعد التعرّف عن قرب إلى مختلف الأفرقاء، ومن هذا المنطلق سيكون التصرّف مختلفاً وإيجـابيّا أكثـر. أمّا بـول عسّاف فــــتمنّـى «أن تكـبــر الجَمــــعــــة لتصبح على مستوى لبنان كلّه»، معتبراً أنّ «المخيّم هو البداية لتحقيق المصالحــــة الأكبر».