طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
«الغرباء» اسم حي في طرابلس يقع على الضفة الجنوبية لمجرى نهر أبو علي، يعدّ من أكثر أحياء المدينة فقراً، وهو الحي الذي سكنت في مقبرته عائلة شهاب القدور، المعروف بـ«أبي هريرة»، بعد نزوحها من بلدتها مشمش العكارية قبل أكثر من عشرين عاماً، أملاً بحياة أفضل.
منتصف الثمانينيات، وعندما كان أبو هريرة في الرابعة عشرة من عمره، اتهمته الاستخبارات السورية بتهريب عناصر من «حركة التوحيد الإسلامي» من باب التبانة الى خارج المنطقة، عبر المحلة التي كان يقطنها وأهله، فقضى في السجون السورية 6 أعوام ونصف عام.
بعد خروجه من السجن، تزوّج فلسطينية لا تزال مقيمة في مخيم عين الحلوة وله منها خمسة أولاد، هم: هشام، وعبد الله، وأحمد، وخضر والرضيع شامل. انضم أبو هريرة لاحقاً إلى جماعات مسلّحة، يعتقد أن من بينها «عصبة الأنصار الإسلامية» في مخيم عين الحلوة. كذلك يتّهمه القضاء اللبناني بالانضمام إلى عصابة مسلحة نفّذت عدة عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال بين عامي 1993 و1999، بإمرة سلطان أبو العينين، وصولاً إلى تداول اسمه من جديد منذ أحداث مخيم نهر البارد على أنه الرجل الثاني في تنظيم «فتح الإسلام»، قبل أن يظهر في شريط مسجّل بثته قناة الجزيرة الفضائية، واقفاً خلف شاكر العبسي قائد التنظيم المذكور.
وفي اليوم الأخير من الشهر الماضي، قتل «أبو هريرة» بعد تبادل إطلاق النار بينه وبين دورية من قوى الأمن الداخلي في محلة أبي سمرا بطرابلس.
وأمس، اتخذ أهالي بلدة مشمش في جرود عكار، قراراً عبّروا فيه عن رفضهم بشكل قاطع تسلم جثته أو دفنها في البلدة بعد التثبت من مقتله، وتوجُّه السلطات اللبنانية نحو تسليم جثته الى ذويه. وذكر مقرّبون من عائلة القدور أن التوجه لدى العائلة هو دفن ابنهم في المقبرة التي يسكنون فيها بحي «الغرباء» في طرابلس.
وجاء موقف أهالي مشمش بعد الاجتماع الموسع الذي عقدوه بحضور رئيس البلدية حنظل قمر الدين وضم مخاتير البلدة ووجهاءها، واعتبروا فيه أن «أبا هريرة» كان «خائناً لوطنه ومنطقته، ولكونه لم يولد في مشمش وغير مقيم فيها، وعنصراً إرهابياً تطاول على المؤسّسة العسكرية اللبنانية وعلى أبناء منطقته وبلدته مشمش، التي سقط منها 3 شهداء و7 جرحى في صفوف الجيش اللبناني»، فإنهم يرفضون دفنه في البلدة».
وتجدر الإشارة إلى أن تسليط الضوء على جانب من حياة «أبي هريرة» لم يوقف طرح التساؤلات العديدة عن كيفية خروجه من مخيم نهر البارد، وذهابه الى مخيم عين الحلوة ثم عودته الى طرابلس مجدداً، حيث قتل بمحض الصدفة، إضافة الى التساؤل عن هوية الشخص الثاني الذي خرج برفقته سباحة من المخيم وساعده على الوصول إلى منزلٍ في طرابلس، حسب ما ذكر في بيان قوى الأمن الداخلي، وهو الأمر الذي تدور حوله الكثير من الشائعات والأقاويل.