فيما كان مقر حزب الطاشناق وجهة المستنكرين للتعرض له، توجه الرئيس أمين الجميل في «زيارة واجبة» لكاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان في بكفيا، محاولاً التخفيف من كلامه مساء الأحد الماضي، بالقول إنه طرح «بعض الملابسات والأخطاء التي حصلت خلال المعركة الانتخابية في أقلام برج حمود»، وإن كلامه كان «على مستوى الحدث وعلى قدر أخلاقيتي في العمل السياسي»، واتهم «البعض» بالخلط بين كلامه وكلام الآخرين. وأمل «أن تكون كل السجالات سحابة صيف»، معلناً أنه سيقوم بكل ما في وسعه «لنتجاوز سلبيات الماضي ولننظر إلى المستقبل بتصميم وإيمان». ورأى أن كلام قيادة الطاشناق أول من أمس «ليس في محله»، وقال: «خلطوا الحابل بالنابل وتطبق عليهم مقولة «ضربني وبكى سبقني واشتكى»، مضيفاً: «لن نتوقف عند هذه السلبيات وسننظر إلى المستقبل». وكرر دعوته إلى إعادة النظر بقانون الانتخاب. وأعرب عن تخوفه من «أن تكون الحكومة المطلوبة من المعارضة بديلة من انتخابات الرئاسة، ومجلساً رئاسياً». إلى ذلك تلقى كيشيشيان اتصالاً من البطريرك الماروني نصر الله صفير. وفي برج حمود، استقبلت قيادة الطاشناق أمس وفداً من حزب الله، قال عضو مكتبه السياسي غالب أبو زينب، بعد اللقاء: «كنا نتمنى أن يكون الكلام الذي صدر هفوة أو زلة لسان في لحظة غضب، لكن ما جرى التأكيد عليه من تصريحات من شخصيات مختلفة، يشكل عندنا نوعاً من الخوف من أن تكون كل الأحداث التي جرت في لبنان لم يستفد منها اللبنانيون ولم يأخذوها دروساً وعبراً لتعميق الوحدة الوطنية ونبذ العنصرية السياسية».ورأى النائب آغوب بقرادونيان في زيارة الجميل لكيشيشيان «بادرة خير»، مضيفاً أن الجميل «قال كلاماً كبيراً ضد الطاشناق، وهو يعرف كيف يحل المشكلة»، ومعلناً في الوقت نفسه وجود مساعٍ وأن الحلول ممكنة «ومع الوقت سنصل إلى تصفية القلوب».
كما زار الطاشناق وفد من حزب الحوار الوطني برئاسة فؤاد مخزومي الذي استنكر التصريحات «العنصرية والطبقية المقيتة التي عبرت عن حقيقة أفكارهم تجاه المواطنين اللبنانيين»، ثم رئيس حزب التضامن إميل رحمة الذي رأى أن «الأرمن هم موارنة لبنان» وأن «الجميع يمثل لبنان». فالنائب غسان مخيبر مستنكراً «كل الكلام التحريضي الذي صدر عن كل القيادات»، ورأى ضرورة تصحيح الخطأ والاعتذار. ومن الزوار أيضاً وفد من قدامى مسؤولي القوات اللبنانية، أشاد بقدرة الطاشناق على تجيير أصوات ناخبيه «وهذا ينم عن براعة، لا عن انغلاق». وتمنى توقف «حملات التجريح القائمة، وأن تؤدي الاتصالات إلى الاقتناع بطيّ صفحة الانتخابات، والخضوع لأصول اللعبة الديموقراطية». أما لجنة الإعلام في التيار الوطني الحر، فزارت الطاشناق مقدّرة «ضبطه للنفس، إذ تبين أن الفريق الآخر كان الطابور الخامس الذي يريد جر المتن والبلاد إلى الفتنة». وأكدت «أن كل المتنيين مسيحيون أصيلون ولبنانيون أصيلون». وفي المواقف، رأى الحزب الديموقراطي اللبناني أن «التهجم» على الأرمن والطاشناق «يدل على عنصرية حاقدة»، معلناً تضامنه المطلق مع الأرمن الذين «أثبتوا بالممارسة والفعل أنهم لبنانيون أكثر من بعض الذين يتغنون بلبنان وسيادته واستقلاله». ووصفت حركة الشعب «التصريحات ضد الطوائف الأرمنية» بأنها «عنصرية مقيتة» و«بغيضة، لا ضد الأرمن وحسب، لكن ضد سائر الفئات اللبنانية»، وأنها «تكشف استهتار أصحابها بالمصلحة الوطنية». وأمل رئيس المجلس العام الماروني، ألا تتأخر مساعي «إزالة الالتباس العفوي» بين الجميل والطاشناق، مشيراً إلى أن الغضب قد يكون مبرراً في لحظة الانفعال «إلا أنه لا ينبغي أن يبقى «سوسة» في أذهان الكتائبيين والطاشناق».
وحذر حزب «الرامغافار» من أن اتهام الأرمن بأنهم «يبثون الفتنة في الصف المسيحي الواحد»، من شأنه «أن يؤدي بالشعب الأرمني إلى النفور والندم»، مشيراً إلى أنه من داعمي 14 آذار.
وأعرب «الاتحاد من أجل لبنان» عن ألمه وحزنه لـ«المواقف العنصرية البغيضة» ضد الأرمن، و«ما تبع ذلك من تصنيف وتمييز عنصري، شمل الطوائف الأخرى»، مشيراً إلى أن ذلك «سمح بأن يأتينا من يتطاول على المسيحيين بتصنيفهم بين أصيل وغير أصيل».
كذلك استنكر «أمين سر شبيبة جورج حاوي» رافي مادايان «الكلام المذهبي والعدائي والعنصري»، وسأل: «هل كان الموقف سيكون نفسه إذا ما تحالف الطاشناق مع الرئيس أمين الجميل وسلطة 14 آذار؟». كذلك رأت «هيئة دعم الوحدة الوطنية ورفض الاحتلال» أن التصريحات ضد الأرمن «اتسمت بالعنصرية وإذكاء النعرات المذهبية البغيضة». وأبدى «الملتقى» ذهوله واستنكاره لـ«التفريق بين أبناء الوطن الواحد على أساس إثني وطائفي».
وفي المقابل، انضم «المكتب المركزي للتنسيق الوطني» إلى المتحاملين على الأرمن، فحذرهم من «مواقف قيادة أحد أحزابهم»، ودعا قيادة الطاشناق «إلى تقديم الاعتذار إلى الشعب الأرمني، عما ألحقته به من ضرر».
(الأخبار، وطنية، مركزية)