عبدو سعد*

  • نسبة التصويت الماروني قلّصت الفارق

  • خوري يفوز بأصوات المسيحيين

  • الجميّل ينال أكثر من 20 في المئة من الأرمن

  • أكثرية الإناث صوّتنَ للجميّل


  • لم تكن لغة الأرقام الانتخابية كافية لتفسير نتائج انتخابات معركة المتن الفرعية. فهي نوع من المواجهات التي يظل الواقع السياسي فيها أقوى من وقع الأرقام. وربما يعود ذلك لكون المسيحيين، بكل تلاوينهم المذهبية، أرادوا أن يستنطقوا أرقامهم برسائل سياسية، وربما أيضاً بإعلان مواجهات سياسية: فالموارنة اقترعوا بكثافة غير مسبوقة في انتخابات فرعية. والأرمن تمادوا في اقتراعهم، فلم ينتخبوا مرشح «التيار الوطني الحر» فقط، بل خرجوا، على غير عادتهم، من برج حمود وراء «التيار» إلى ساحة الجديدة ليعترضوا على تزوير ظنوا أن السلطة سترتكبه. والأرثوذكس الذين ظلوا، حتى بدء الانتخابات، محل تكهن حول توزع تصويتهم فوق الطاولة وتحتها وعلى جنباتها، أوصلوا رسالة سياسية مغايرة.
    أرقام نتائج انتخابات المتن «الكونية»، بحسب وصف محللين، و«المحلية ذات النكهة المارونية» بحسب توصيف آخرين، وذات النتائج الموحية بولادة «مسيحية سياسية جديدة»، بحسب رأي ثالث، يظل من المهم استنطاق تفاصيلها، لتصحيح إسقاطات سياسية عليها تحاول تجاوز الرسائل الانتخابية والسياسية التي أفرزتها، وتقلل بالتالي من طغيان منحى التحليل السياسي لنتائجها، على حساب قراءة الأرقام بتأنّ لاستخلاص الحقائق وما استجد عليها في تلك المنطقة من معادلات سياسية واجتماعية وعلى مستوى الخيارات أيضاً.
    هذه الدراسة هي عمل يحاول استنطاق الأرقام، وتقديم قراءة هادئة لها، بعيداً عن جبهة التقاصف السياسي الذي واكب العملية الانتخابية وأعقبها.
    وتظهر نتائج انتخابات المتن التفصيلية أن النائب كميل الخوري فاز على الرئيس أمين الجميل، بـ79 صوتاً فقط، في الحد الأدنى، من مجمل أصوات المسيحيين الذين اقترعوا في هذه الانتخابات. وأمكن احتساب هذا الفارق لمصلحة خوري، من خلال احتساب الذين اقترعوا من السنة والشيعة والدروز في الاقلام الصافية التي ليس فيها أصوات مسيحية. وهذه الاقلام هي التالية (4، 7، 16، 69، 70، 71، 72، 202، 213، 290، 293، 311)، ويبلغ مجموع أصوات الذين اقترعوا فيها نحو 2605 من أصل نحو 6450 ناخباً. ونال منها كميل خوري 1472 صوتاً مقابل 1133 صوتاً للرئيس الجميّل، أي بفارق 339 صوتاً لمصلحة خوري. وإذا تم احتساب هذا الفارق بين خوري والجميل، البالغ بحسب النتائج الرسمية 418 صوتاً، فإن ذلك يؤكد أنه فاز في الحد الأدنى بـ79 صوتاً من أصوات المسيحيين (418–339 = 79 صوتاً). وهنا تجدر الاشارة، كنوع من الاستدراك، الى أن عدد الناخبين المسلمين المسجلين على قوائم الشطب يبلغ نحو 8875 ناخباً (4000 شيعي، 2175 درزياً و2700 سني) مما يفيد أن 2425 ناخباً مسلماً لا يصوّتون في اقلام مذهبية بل في أقلام المختلف. وهناك صعوبة بالغة في معرفة نسبة المقترعين منهم داخل أقلام المختلف، ولمن ذهبت أصواتهم.
    ويفيد الجدول أدناه أن الرئيس الجميّل حصل في الاقلام الصافية المارونية على نحو 56.3 في المئة، وعلى نسبة 59.7 في المئة من أقلام المختلف التي تضم كل الطوائف الموجودة في المتن بما فيها المسلمون من مختلف المذاهب، بنسب مختلفة. وتجدر الملاحظة هنا أن الجميّل حصل في أقلام المختلف على نسبة اكبر من التي حصل عليها من أصوات الاقلام المارونية الخالصة، مما قد يشير الى أن اكثرية الاصوات المسلمة في الاقلام المختلفة قد اقترعت له، وخصوصاً السنة والدروز، بالاضافة لأصوات الأقليات المسيحية الموجودة في هذه الاقلام. وقد يجدر الاستنتاج هنا أن هناك عدة عوامل ساعدت الجميّل على تقليص الفارق بينه وبين خوري:
    أولاً، نسبة تصويت قياسية في انتخابات فرعية في أقلام الموارنة حيث بلغت نحو 56 في المئة. ومعروف حسب الجدول المرفق أنه نال أكثرية معتبرة منها.
    ثانياً، أصوات أقلام المختلف من كل الطوائف، التي نال منها نسبة أعلى من أصوات أقلام الموارنة الصافية. وقد يكون الصوت السني والدرزي ساعد الى درجة محدودة في ارتفاع نسبة تفوّقه في هذه الاقلام المختلفة التي نال فيها نسبة أصوات أعلى من نسبة الأصوات التي نالها في الاقلام المارونية الخالصة. (عدد أصوات المسلمين الباقية التي لم تلحظها الاقلام الصافية للمسلمين 2425 ناخباً).
    رابعاً، أصوات «العطف»، حيث تظهر النتائج أن الإناث صوّتن لمصلحة الجميل بنسبة 51.7 في المئة فيما نال خوري نسبة 51.9 في المئة من الذكور.
    مؤشرات انتخابية
    * يلاحظ أن هناك تراجعاً في نسبة تجيير حزب «الطاشناق» الى المرشح خوري، (نال 79.8 في المئة من أصوات الأرمن)، فيما حصل الجميّل على 20.2 في المئة من أصوات الأرمن، وهي نسبة متقدمة عن تلك التي حصل عليها نجله عام 2005، وبلغت حوالى 8 في المئة. وبالتأكيد هناك نسبة أصوات من «الطاشناق» تسربت الى الجميل، وهذا ما لاحظه استطلاع الرأي الذي أجراه مركز بيروت عشية الانتخابات.
  • الشيعة: في الاقلام الخالصة الشيعية نال خوري 97.4 في المئة، فيما نال الجميل 2.6 في المئة.

  • الدروز: نال الجميل من الاقلام الدرزية الخالصة 76.1 في المئة مقابل 23.9 في المئة.

  • السنة أصواتهم متداخلة مع الشيعة والمختلف لذا تعذر إحصاؤها.

  • حصل خوري على نسبة أعلى من أصوات المسيحيين في مناطق الجرد والساحل، فيما تراجع أمام الجميل في الوسط.

  • يلاحظ أن مرشح عون تراجع في كل بلدات المتن باستثناء بتغرين ومجدل ترشيش.

  • تبقى إشارة أخيرة وهي أن فرعية المتن الأخيرة سجلت أعلى نسبة تصويت في تاريخ كل الانتخابات الفرعية، إذ بلغت نحو 47.5 في المئة.

    * مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات
    * * النتائج في الجدول لا تتضمّن كل الأوراق البيضاء.

    جدول يظهر نسبة الأصوات من الطوائف المختلفة التي حصل عليها كل مرشح

    جدول يظهر القرى والبلدات التي ارتفعت نسبة تصويتها عن العام 2005

    جدول مقارنة نتائج 2005 مع 2007 في القرى والبلدات المتنية