وفاء عواد
قانصو: لسنا طارئين على المتن والطارئون من دخلوا الحياة السياسية بالمال والإقطاع السياسيين

من قلب المتن، وتحديداً من بلدة ضهور الشوير، وجّه الحزب السوري السوري القومي الاجتماعي، في مؤتمر صحافي عقده نائبه السابق غسان أسد الأشقر، رسالتين: الأولى، «متنيّة» داخلية، والثانية سياسية تتخطّى حدود المتن، لتتوحّدا في رسالة واحدة مفادها أن «الرأي العام المتني اختار خيار التفاعل والانفتاح»، و«فضّل رؤية لبنان في دوره التوحيدي، أكثر مما رآه في كمّ الخطابات السياسية الحاقدة والتصادمية والتقسيميّة»، على حدّ تعبير رئيس مكتبه السياسي النائب أسعد حردان.
وكان الأشقر قد استهلّ مؤتمره الذي عقده في «فندق ضهور الشوير»، بحضور رئيس الحزب الوزير السابق علي قانصو وأعضاء القيادة الحزبية، بطلب استماحة العذر من الحضور إذا «نفرت كلمة باتجاه محرّم على الكلمات»، مهنئاً نائب المتن الجديد كميل خوري بفوزه، الذي «سيكون نائباً مميّزاً في تعاطيه مع الشأن العام».
وبداية، كان لا بدّ من توجيه «تحية إكبار الى المتنيّين، كما إلى القوميين، لما أظهروه من وعي وصمود وانضباط في مساهمتهم الفعّالة لإنجاح مرشّحهم، رغم الجو الطائفي المقيت الذي أجّجه أصحاب النظريات الضيقة الخانقة»، في الانتخابات التي «نطعن بشرعيتها ومراميها»، موضحاً أن مشاركة حزبه فيها لم تكن سوى من باب «وجوده المتني الفاعل في قلب المعارضة».
ومبدياً أسفه لأنه «لا أحد من قادة الموالين استفاد من تجارب الماضي القريب ونزاعاته، وما جلبت على اللبنانيين منه والمتنيين خاصة من ويلات»، أشار الأشقر إلى أن المعركة الانتخابية «خيضت من الأكثرية تحت شعارات طائفية وعنصرية وإقصائية»، إذ كان هناك «بيوتات وفئات (باب أول)، وهناك من اندرج تحت عنوان (باب ثان)، وصولاً إلى التيرسو»، منتقداً الكلام الطائفي التحريضي الذي أفصح عنه «الديموقراطيون النجباء».
ومن وراء المنبر الذي رفعت فوقه عبارة «لبنان يفنى بالطائفية ويحيا بالإخاء القومي»، انتقل الأشقر من العموميات إلى الخصوصية المتعلّقة بالكلام الذي قيل بحق الطائفة الأرمنية، وهو «كلام مقيت ومعيب، يحقّر صاحبه ولا يحقّر الأرمن»، وبالخطاب السياسي الذي أساء إلى هذه الطائفة، وهو «خطاب نازي بامتياز، يفرز ويفتّت ويلغي لبنان ويرسّخ واقع الصدامات المميتة»، مذكّراً مطلقي هذا الكلام بأن المواطنية في لبنان «ليست على درجات، ولا هي منّة من أحد على أحد».
وردّاً على «الشتائم والاتهامات» التي كان لحزبه منها «الحصة الأوفر»، من «الألسنة المأجورة، وشظايا الأحقاد الدهرية، والعقول التي ختم عليها لتبقى سجينة في عتمة قبورها المذهبية العنصرية المكلّسة»، اكتفى الأشقر بالإشارة إلى ثوابت عدّة: بدءاً من كون جذور هذا الحزب «عميقة ومتشعّبة في الأرض والمجتمع»، إذ «منذ عام 1932، نحن هنا فكراً وعقيدة وفعلاً سياسياً وثقافة. وذلك، قبل تأسيس حزب الكتائب بأربع سنوات، وقبل تأسيس التحزّبات اللبنانية الأخرى بسنوات طويلة»، وصولاً إلى كونه «حزب كل الأعراق والطوائف»، ليؤكّد أنه «حزب عاصٍ، لا يدجّن ولا يرضخ ولا يلغى».
وإذ رأى أن الانتخابات التي جرت في المتن لم تحمل «إيجابية واحدة للبنان»، بل صبّت في خدمة «الفوضى الخلّاقة»، لأن «المطلوب هو أن يبقى لبنان في حالة تنافر وتصادم وضياع مترنّح على شفير طوائفه (...) وأن تكون الإرادة الأميركية وراء إسقاط كل الحلول المطروحة، وآخرها المبادرة الفرنسية»، لفت الأشقر إلى أن «القليلين هم الذين يدركون مرامي هذا المشروع الداهم، وأقلّهم هم الملتزمون بمحاربته».
ومن بوّابة الصراع السياسي القائم في لبنان الدائر بين «المبادئ التوحيدية التي من شأنها أن تمنع الانهيار الكامل، ومشروع راهن وداهم يريد أن يدمّر مستلزمات وحدة لبنان ونهوضه»، أوضح أن دعم حزبه لمرشح «التيار الوطني الحر» هو «دعم مجاني، من الناحية الذاتية، لكنه في صلب عقيدتنا وجوهر الصراع القائم. ذلك، أن العماد (ميشال) عون يمثل قوة ممانعة لهذا المشروع بدعوته الدائمة إلى وحدة لبنان». وفي مقابل وجود «تناقضات مدمّرة»، أصرّ الأشقر على ضرورة توجيه الدعوة لـ«فهم هذه التناقضات، وتجاوز ما أصابنا منها، والذهاب بخطى ثابتة إلى حوار واسع مع كل مكوّنات المجتمع وأطياف سياسيّيه، علّنا نستطيع جميعاً أن نجنّب لبنان طريق التهلكة والانقسام».
وعلى هامش أعمال المؤتمر، كان لـ«الأخبار» حديث مع قانصو الذي أكّد أن حزبه أدى «دوراً حيوياً في انتخابات المتن، فكان شريكاً حقيقياً في الانتصار الذي حقّقته المعارضة»، لافتاً إلى أن المؤتمر جاء في إطار «التذكير بأن الحزب القومي ليس طارئاً على الحياة السياسية اللبنانية، ولا سيما في المتن»، و«من تلتصق بهم صفة الطارئين هم من دخلوا الحياة السياسية بين براشورات المال والإقطاع السياسيين».
بدوره، أشاد حردان بالروح الديموقراطية التي عبّر عنها المتنيون، والتي هي «من طبائعهم، وليست منّة من الحكومة»، مشيراً إلى أن الرسالة الأهم التي أراد المؤتمر توجيهها هي أن «هناك رابحاً، وهناك خاسر. ونقطة على السطر».