طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
انتخب الدكتور نسيم خرياطي نقيباً جديداً لأطباء الشمال، ليكون بذلك النقيب الـ21 الذي يتعاقب على تبوّء هذا المنصب منذ تأسيس النقابة عام 1947، خلفاً للنقيب الدكتور غسان رعد، في معركة انتخابية وصفت بأنها «سياسية بامتياز»، بعدما نال 306 أصوات من أصل 879 طبيباً مسدّدين اشتراكاتهم، اقترع منهم 570 طبيباً، من أصل 1262 طبيباً منتسباً للنقابة، في حين نال منافسه الدكتور إيلي حبيب 264 صوتاً.
وكانت جلسة انتخاب النقيب مقررة في 20 أيار الماضي، إلا أن الأحداث الأمنية التي وقعت بين الجيش اللبناني ومسلحي تنظيم «فتح الإسلام» في شارع المئتين في طرابلس ومخيم نهر البارد حينذاك، أدت إلى تأجيلها إلى موعد آخر تقرر لاحقاً في 3 حزيران الماضي، قبل أن يتم تأجيلها مرة أخرى للسبب ذاته إلى موعد لم يحدد، إلى أن تقرر إجراؤها أمس بعد جلسة عامة لمجلس النقابة يوم الجمعة الماضي، بعدما كان الأعضاء المنضوون في صفوف قوى 8 آذار يسعون لتأجيلها مجدداً، بسبب الظروف الحالية، ونظراً لسفر غالبية الأطباء وأخذهم إجازاتهم الصيفية؛ في حين أصرّ أعضاء المجلس المحسوبون على قوى 14 آذار على عدم تأجيلها أكثر من ذلك، من أجل «تأمين سير عمل النقابة وفق الأصول»، حسبما أشار مصدر في المجلس لـ«الأخبار».
وعلى الرغم من حرارة الطقس المرتفعة، فإن ذلك لم يخفف من حماوة المعركة وتأثرها بذلك، وبدا الأمر واضحاً من خلال الإقبال الكثيف على صناديق الاقتراع، والتحرك العلني للماكينات الانتخابية للمرشحين، إن كان داخل أروقة النقابة، أو عند مدخلها الرئيسي في شارع السنترال، حيث تجمّع عشرات الأطباء للتشاور وإجراء الاتصالات، لدعم هذا المرشح أو ذاك.
وأشارت مصادر مطلعة في النقابة لـ«الأخبار» إلى أن «المعركة كانت على المنخار»، وأن استنفاراً كبيراً حصل في صفوف الماكينتين الداعمتين لكلا المرشحين، وأن أطباء قطعوا إجازاتهم كي يدعموا وصول مرشحهم إلى مركز النقيب، بعدما حفلت الـ48 ساعة الماضية باتصالات «عالية المستوى» من أجل دعم هذا المرشح أو ذاك، وهو الأمر الذي كان له مردود مزدوج، تمثل الأول في حشد مثل هذا العدد الكبير من الأطباء في مثل هذه الأيام من السنة للمشاركة في الانتخابات، في حين تمثل الثاني في تفضيل عدد من الأطباء المستقلين والمحايدين عدم المشاركة من أجل تجنب الإحراج مع أي من الطرفين، عدا عن مشاركة ضئيلة نسبياً لأطباء عكار لأسباب لها علاقة بأحداث مخيم نهر البارد، وبُعد المسافة، وعدم الحماسة للانتخابات بعد تأجيلها مرتين».
وفي حين أوضحت المصادر أن «العلاقات الشخصية وصلات القربى لعبت دورها في فوز أو خسارة المرشحين، لمراكز النقيب والعضوية وصندوق التقاعد على السواء»، فإنها رأت أن قوى المعارضة «اعتبرت الانتخابات معركة وفرصة على أمل استعادة المواقع والنفوذ، في حين أن فريق الموالاة خاض الانتخابات على أنّها معركة مصير، وواجب كبير ينبغي عدم التفريط فيه أو التقاعس حياله مهما كانت الظروف».
خرياطي الذي خاض الانتخابات مدعوماً من فريق السلطة، أشار لـ«الأخبار» إلى أن «البرنامج الانتخابي للمرشحين يشبه نفسه، لكن تأثير الجهات السياسية واضح في هذه الانتخابات، فالأطباء في النهاية جزء من هذا المجتمع، وإن كنا نفضل عدم تحويل النقابة منبراً للسياسيين، لأن للأطباء مشاكل وتطلعات ينبغي الالتفات إليها».
أمّا حبيب الذي دعمته قوى المعارضة، فاكتفى بالقول لـ«الأخبار» إن «المعركة ديموقراطية ونقابية وإن النتائج ستكون متوازنة، وبرنامجنا معروف، وهو استمرارية عمل النقابة والاهتمام بالطبيب الإنسان فقط».
في موازاة ذلك، حفلت المرحلة الأولى من الانتخابات قبل جلسة انتخاب النقيب، التي كانت مخصصة لانتخابات العضوية، وترشح لها ثمانية أطباء لملء أربعة مقاعد في مجلس النقابة، بمفاجأتين، تمثلت الأولى في خسارة مرشح «تيار المستقبل» الدكتور محمود خضر، الذي كان يهيئ نفسه لخوض معركة النقيب في الدورة المقبلة بعد ثلاث سنوات، وتمثلت الثانية في فوز الأعضاء الأربعة المحسوبين على قوى المعارضة، وخسارة منافسيهم جميعاً. أما الفائزون الأربعة فهم: هيثم مبيض (385 صوتاً)، إيلي حبيب (292)، وهو كان عليه الفوز بالعضوية أولاً لأن خسارته كانت ستعني فوز خرياطي بالتزكية، أحمد خليل (270)، طارق قصاب (265)؛ بينما نال كل من نهاد محمد المراد (256 صوتاً)، محمود خضر (253)، رولان طنوس (204)، وفواز ناغي صوتين، بعدما كان قد أعلن انسحابه قبل عملية الاقتراع.
أمّا انتخابات منصب صندوق التقاعد في النقابة الذي ترشح له أربعة أطباء، فقد فاز منهم: سعد الله صابونة (402 صوت)، وليد غمراوي (280) وعمر صبلوح (276)، في حين نال المرشح الخاسر رياض مينا (260 صوتاً).